نص الشبهة:
ما المراد بالسماوات السبع؟
الجواب:
قال تعالى:﴿ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ … ﴾ 1ـ إلى قوله ـ ﴿ وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ … ﴾ 2.
ظاهر التعبير أنّ السماوات السبع هي أجواء وفضاءات متراكبة بعضُها فوق بعضٍ ؛ لتكون الجميع محيطةً بالأرض من كلّ الجوانب ﴿ وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا ﴾3، حيث الفوقيّة بالنسبة إلى جسم كريّ ـ هي الأرض ـ إنّما تعني الإحاطة بها من كلّ جانب.
وأيضاً فإنّ السماء الدنيا ـ وهو الفضاء الفسيح المُحيط بالأرض ـ هي التي تَزينَّت بزينة الكواكب ﴿ أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا … ﴾ 4، والظاهر يقتضي التركيز فيها، وإنْ كان مِن المُحتمل تَجلّلها بما تُشِعّ عليها الكواكبُ من أنوار !
ويبدو أنّ هذا الفضاء الواسع الأرجاء ـ بما فيه من أَنجم زاهرة وكواكب مضيئة لامعة ـ هي السماء الأُولى الدنيا، ومن ورائها فضاءات ستٌّ في أبعادٍ مُترامية، هي مليئة بالحياة لا يعلم بها سِوى صانعها الحكيم، ﴿ … وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ 5.
والعقل لا يفسح المجال لإنكار ما لم يَبلغه العلم، وهو في بدء مراحله الآخذة إلى الكمال.
نعم، يزداد العلم يقيناً ـ كلّما رَصَد ظاهرة كونيّة ـ أنّ ما بَلَغه ضئيل جدّاً بالنسبة إلى ما لم يبلغه، ويزداد ضآلةً كلّما تقدّم إلى الأمام ؛ حيث عَظَمة فُسحة الكون تَزداد اُبّهةً وكبرياءً كلّما كُشف عن سرٍّ من أسرار الوجود وربّما إلى غير نهاية، لاسيّما والكون في اتّساع مطّرد:﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ﴾ 6.
هذا وقد حاول بعضهم ـ في تَكلّفٍ ظاهر ـ التطبيق مع ما بَلغه العِلم قديماً وفي الجديد مِن غير ضرورة تدعو إلى ذلك، ولعلّ الأناة حتّى يأتي يوم يساعد التوفيق على حلّ هذا المجهول من غير تكلّفٍ، كانت أفضل.
يقول سيّد قطب: لا ضرورة لمحاولة تطبيق هذه النصوص على ما يَصل إليه عِلمنا ؛ لأنّ علمنا لا يُحيط بالكون حتّى نقول على وجه التحقيق: هذا ما يريده القرآن، ولن يصحّ أنْ نقول هكذا إلاّ يوم يَعلم الإنسان تَركيبَ الكون كلّه عِلماً يقيناً، وهيهات… 7.
وإليك بعض محاولات القوم: حاول بعض القُدامى تطبيق التعبير الوارد في القرآن على فرضيّة بطلميوس لهيئة الأفلاك التي هي مَدارات الكواكب فيما حَسبه حول الأرض 8، ولكن من غير جَدوى ؛ لأنّ الأفلاك في مزعومتِه تسعة ؛ ومِن ثَمَّ أضافوا على السماوات السبع ـ الواردة في القرآن ـ العرش والكرسي ؛ ليَكتمل التسع ويحصل التطابق بين القرآن وفرضيّةٍ أساسُها الحَدسُ والتخمينُ المجرّد.
وأمّا المحدَثون فحاولوا التطبيق على النظرة الكوبرنيكيّة الحديثة، حيث الشمس هي نواة منظومتها والكُرات دائرة حولها ومنها الأرض مع قمرها 9.
زَعَموا أنّ المُراد بالسماوات السبع، هي الأجرام السماويّة، الكُرات الدائرة حول الشمس، تُرى فوق الأرض في أُفقها. فالسماوات ـ في تعبير القرآن على هذا الفرض ـ هي الأجرام العالقة في جوّ السماء (وكان جديراً أنْ يُقال ـ بَدلَ السماوات ـ السماويّات).
يقول الشيخ الطنطاوي: هذا هو الذي عرفه الإنسان اليوم من السماوات. فَقَايسَ بين ما ذَكَره علماء الإسكندريّة بالأمس، ويبن ما عرفه الإنسان الآن، إنّ عظمة اللّه تَجلّت في هذا الزمان..
إذن فما جاء في إنجيل برنابا مَبنيّاً على عِلم الإسكندرون أصبح لا قيمة له بالنسبة للكشف الحديث الذي يُوافق القرآن 10.
ويزداد تَبّجُحاً قائلاً: إذن دين الإسلام صار الكشف الحديث مُوافقاً له، وهذه معجزة جديدة جاءت في زماننا.
ثُمَّ يورد أسئلةً وُجّهت إليه، منها: التعبير بالسبع، فيجيب: أنّ العدد غير حاصر، فسواء قُلت سبعاً أو ألفاً فذلك كلّه صحيح ؛ إذ كلّ ذلك من فعل اللّه دالّ على جماله وكماله.
وأخيراً يقول: إنّ ما قُلناه ليس القصد منه أنْ يَخضع القرآن للمباحث (العلميّة) فإنّه ربّما يَبطل المذهب الحديث كما بَطل المذهب القديم، فالقرآن فوق الجميع، وإنّما التطبيق ؛ كان ليأنس المؤمنون بالعلم ولا ينفروا منه لظاهر مخالفته لألفاظ القرآن في نظرهم 11.
وللسيّد هبة الدين الشهرستاني ـ علاّمة بغداد في عصره ـ محاولة أُخرى للتطبيق، فَفَرض من كلّ كُرة دائرة حول الشمس ومنها الأرض أرضاً والجوّ المحيط بها سماءً، فهناك أَرَضون سبع وسماوات سبع، الأُولى: في أرضنا وسماؤها الغلاف الهوائي المحيط بها، والأرض الثانية: هي الزُهرة وسماؤها الغلاف البخاري المحيط بها، والثالثة: عطارد وسماؤها المحيط بها، الرابعة: المرّيخ وسماؤها المحيط بها، الخامسة: المشتري وسماؤها المحيط بها، السادسة: زُحل وسماؤها المحيط بها، السابعة: أورانوس وسماؤها المحيط بها.
قال: ترتيبنا المُختار تنطبق عليه مقالات الشريعة الإسلاميّة ويُوافق الهيئة الكوبرنيكيّة.
وأسند ذلك إلى حديث عن الإمام الرضا (عليه السلام) سنوافيك به عند الكلام عن الأَرَضين 12.
وذكر الحجّة البلاغي أنّ السماوات السبع لا يمتنع انطباقها على كلّ واحدة من الهيئتَين القديمة والجديدة، فيُمكن أنْ يُقال على الهيئة القديمة: إنّ السماوات السبع هي أفلاك السيّارات السبع، وإنّ فَلك الثوابت هو الكرسي في قوله تعالى: ﴿ … وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ … ﴾ 13، وإنّ الفَلك الأطلس المُدير ـ على ما زَعَموا ـ هو العرش في قوله تعالى: ﴿ … رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴾ 14.
ويُمكن أنْ يُقال على الهيئة الجديدة: إنّ السماوات السبع هي أفلاكٌ خمسٌ من السيّارات مع فَلكَي (الأرض) و(فلكان) والعرش والكرسي هما فَلَكا (نبتون) و (أُورانوس)، وأمّا الشمس فهي مركز الأفلاك، والقمر تابع للأرض وفَلَكه جزء من فَلَكها 15.
ال: والحاصل أنّ كلاًّ مِن وضعَي الهيئة القديمة والجديدة يُمكن من حيث انطباق الحركات المحسوسة عليه، ولكنّه يُمكن أنْ يتعدّاه التحقيق إلى وضعٍ ثالث ورابع، فلا يَحسُن الجزم بشيءٍ ما لم يُشاهد بالتفصيل أو بصراحة الوحي، لكنّ الحِكمة تقتضي أنْ لا يتولّى الوحي بصراحته بالتفصيل 16.
وبعد، فالطريقة السليمة هي التي سَلكها سيّدنا العلاّمة الطباطبائي، يقول:
إنّ المُستفاد من ظاهر الآيات الكريمة ـ وليست نصّاً ـ أنّ السماء الدنيا هي عالم النجوم والكواكب فوقنا، وأنّ السماوات السبع هي أجواء متطابقة أقربُها منّا عالم النُجوم، ولم يَصف لنا القرآن شيئاً مِن الستّ الباقية سِوى أنّها طِباق، وليس المراد بها الأَجرام العلوية سواء من مَنظُومتنا الشمسيّة أو غيرها.
وما وَرد مِن كون السماوات مأوى الملائكة يَهبطون منها ويَعرجون إليها، ولها أبواب تُفتَّح لنزول البركات، كلّ ذلك يكشف عن أنّ لهذه الأُمور نوع تعلّق بها لا كتعلّقها بالجسمانيّات، فإنّ للملائكة عوالم ملكوتيّة مُترتّبة سماوات سبعاً ونُسب ما لها من الآثار إلى ظاهر هذه السماوات ؛ بلحاظ ما لها من العلوّ والإحاطة والشمول، وهو تسامح في التعبير تقريباً إلى الأذهان الساذجة 17.
ولبعض العلماء الباحثين في المسائل الروحيّة في إنجلترا ـ (هو: جيمس آرثر فندلاي من مواليد 1883م) ـ تصوير عن السماوات السبع يَشبه تصويرنا بعض الشيء: يرى من كُرة الأرض واقعة في وسط أبهاء وفضاءات تُحيط بها من كلّ الجوانب، في شكل كُراتٍ مُتخلِّلةٍ بعضُها بعضاً ومتراكبة إلى سبعة أطباق، كلّ طبقة ذات سطحَين أعلى وأسفل، مِلءُ ما بينهما الحياة النابضة، يُسمّى المجموع العالَم الأكبر الذي نعيش فيه، نحن في الوسط على وجه الأرض.
وهذه الأجواء المتراكبة تُحيط بنا طِباقاً بعضها فوق بعض إلى سبع طَبقات، وإنْ شئت فعبّر بسبع سماوات ؛ لأنّها مبنيّة في جهةٍ أعلى فوق رؤوسنا، وإليك الصورة حسبما رَسَمها في كتابه (الكون المنشور).
شَكل الأرض في الوسط تَحيط بها سبع أطباق هي سماوات عُلى:
في هذا الشَكل ـ كما رَسَمه (جيمس آرثر فندلاي) ـ نجد العالم الأَكبر في صورة أبهاء متراكبة بعضها فوق بعض مملوءة بالحياة، ويُرى الحياة في حركتها إلى أعلى وأسفل في شكل خُطوطٍ مُنحنية على السطوح، وتُمثّل الصُلبان الصغيرة الحياة على الأرض، أمّا النُقط فتُمثّل الحياة الأثيريّة ويُلاحظ أنّها ليست مقصورة على السطوح وحدَها ؛ لأنّ الفضاءات بين السطوح مِلؤها الحياة سابحة فيها! 18.
مسائل ودلائل
هنا عدة أسئلة تستدعي الوقوف لديها:
1 ـ ﴿ … كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾
قال تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ 19.
وقال: ﴿ لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ 20.
هلاّ كان التعبير بالفَلَك مُتابعة لِما حَسبه بطلميوس؟
قلت: لا ؛ لأنّ الفَلَك لفظة عربيّة قديمة يُراد بها الشيء المُستدير، ومن الشيء مُستداره، قال ابن فارس: الفاء واللام والكاف أصل صحيح 21 يدلّ على استدارةٍ في شيء، من ذلك (فَلْكَةُ المِغزل) لاستدارتها ؛ ولذلك قيل: فَلَكَ ثديُ المرأة، إذا استدار، ومن هذا القياس: فَلَكُ السماء 22.
إذن، فكما أنّ السماء مستديرة حتّى في شكلها الظاهري، فكلّ ما يَسبح في فضائِها يَسير في مَسلك مُستدير ؛ وبذلك صحّت استعارة هذا اللفظ.
والدليل على أنها استعارة هو استعمال اللفظة بشأن الليل والنهار أيضاً، أي أنّ لكلّ ظاهرة من الظواهر الكونيّة مَجراها الخاصّ وفي نظام رتيب لا تَجور ولا تَحور.
2 ـ ﴿ … فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ … ﴾
قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ ﴾ 23.
أو هل كانت الطرائق هنا هي مَدارات الأفلاك البطليميوسيّة؟
قلت: كلاّ، إنّها الطَرائق بمعنى مَجاري الأُمور في التدبير والتقدير والتي هي محلّها السماوات العُلا.
الطَرَائق: جمعُ الطَريقة بمعنى المَذهب والمَسلك الفكري والعقائدي وليس بمعنى سبيل الاستطراق على الأقدام، ولم تُستعمل في القرآن إلاّ بهذا المعنى:
يقول تعالى ـ حكايةً عن لسان الجنّ ـ: ﴿ وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا ﴾ 24، أي مَذاهب شتّى.
﴿ … وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَىٰ ﴾ 25، أي بمَذهبكم القويم الأفضل.
﴿ … إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا ﴾ 26، وذاك يوم الحَشر يَتخافت المُجرمون: كم لَبِثوا؟ فيقول بعضهم: عشراً. ويقول أَعقلهم وأَفضلهم بصيرةً:﴿ … إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا ﴾ 26.
﴿ وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ﴾ 27، أي الطريقة المُثلى والمَذهب الحقّ.
فالمقصود بالطَرَائق ـ في الآية الكريمة ـ هي طَرائق التدبير والتقدير، المُتّخذة في السماوات حيث مُستقرّ الملائِكِ المدبِّرات أمراً والمقسّمات،﴿ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ … ﴾ 28﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾ 29، أي تقدير أرزاقكم وكلّما قُدّر لكم مِن مَجاري الأُمور، ﴿ … ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ … ﴾ 30،﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ﴾ 31.
فالتدبير في السماء ثُمّ التنزيل إلى الأرض ﴿ وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ … ﴾ 32، ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ﴾ 33، ومِن ثَمَّ تعقّب الآية بقوله تعالى: قال العلاّمة الطباطبائي: أي لستُم بمُنقطعينَ عنّا ولا بمَعزلٍ عن مراقبتِنا وتدبيرنا لشؤونكم، فهذه الطَرائق السبع إنّما جُعلت ؛ ليستطرقَها رُسُل ربّكم في التقدير والتدبير والتنزيل 34.
3 ـ ﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ﴾
ماذا يعنى بذات الحُبُك؟
الحُبُك: جمع الحَبِيكة بمعنى الطَريقة المَتّخذة، قال الراغب. فمنهم مَن تصوّر منها الطَرائق المحسوسة بالنجوم والمَجرّات، ومنهم مَن اعتبر ذلك بما فيه مِن الطَرائق المعقولة المُدرَكة بالبصيرة.
والحُبُك: المُنعطفات على وجه الماء الصافي تحصل على أثرِ هُبوب الرياح الخفيفة، وهي تكسّرات على وجه الماء كتجعّدات الشعر، ويُقال للشعر المُجعَّد: حُبُك والواحد حِباك وحَبيكة، قاله الشيخ أبو جعفر الطوسي في التبيان.
من ذلك قول زهير يصف روضة:
مُـكلَّلٌ بأُصولِ النَجْمِ تَنْسِجُهُ *** ريحٌ خَريقٌ لضاحي مائِهِ حُبُكُ
مراده بالنَجم النبات الناعم، وشَبّه تربية الرياح له بالنَسج، كأنّه إكليل (تاج مزيّن بالجواهر) نَسَجته الريح، ووصف الريح بالخَريق، وهو العاصف.
ثُمّ وَصَف ضاحي مائِهِ ـ وهو الصافي الزُلال ـ بأنّ على وجهه قَسَمات وتَعاريج على أثر مَهبّ الرياح عليه، وهو منظر بهيج.
فعلى احتمال إرادة التعرّجات المتأرجحة من الآية، فهي إشارة إلى تلكُم التمرُّجات النوريّة التي تُجلِّل كَبْدَ السماء زينةً لها وبهجةً للناظرين، فسبحان الصانع العظيم !
4 ـ ﴿ أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ﴾
في هذه الآية تَوجّه الخطاب إلى عامّة الناس ولا سيّما الأُمَم السالفة الجاهلة حيث لا يعرفون من أطباق السماء شيئاً، فكيف يُعرض عليهم دليلاً على إتقان صنعه تعالى؟ (الآية في سورة نوح والخطاب عن لسانه موجّه إلى قومه).
وهكذا قوله تعالى: ﴿ أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ﴾ 4.
وقوله: ﴿ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِنْ فُطُورٍ ﴾ 1.
قلت: هذا بناءً على تفسير الطِباق بذات الطَبقات.
هكذا فسّره المشهور: طِباقاً، واحدة فوق أخرى كالقِباب بعضها فوق بعض 35.
لكنّ الطِباق هو بمعنى الوِفاق والتَماثل في الصُنع والإتقان، بدليل تفسيره بقوله تعالى: ﴿ … مَا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِنْ تَفَاوُتٍ … ﴾ 1، أي كلّها في الصُنع والاستحكام متشاكل.
وقد أُشرِب هنا معنى الالتحام والتلاصق التامّ بين أجزائها مُراداً به الانسجام في الخَلق، بدليل قوله تعالى: ﴿ … هَلْ تَرَىٰ مِنْ فُطُورٍ ﴾ 1أي انشقاق وخَلَل وعَدم انسجام، وكذا قوله: ﴿ … وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ﴾ 4أي منفرجات وخلاّت تُوجب فصل بعضها عن بعض بحيث تُضادّ النَظم القائم، الأمر الذي يستطيع كلّ إنسان ـ مهما كان مَبلَغه مِن العِلم ـ من الوقوف عليه إذا تأمّل في النَظم الساطي على السماوات والأرض.
5 ـ ﴿ … وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ﴾
﴿ وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ ﴾ 36، ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا ﴾ 37، أو هل تعني البُرُوج هذه ما تصوّره الفلكيّون بشأن البروج الاثني عشر في أشكالٍ رَسَموها لرصد النجوم؟
قلت: المعنيّ بالبُرُوج هذه هي نفس النُجوم ؛ تشبيهاً لها بالقصور الزاهية والحصون المنيعة الرفيعة، بدليل عطف السِراج ـ وهي الشمس الوهّاجة ـ والقمر المنير عليها.
ولا صلة لها بالأَشكال الفَلكيّة الاثني عشر.
البُرج ـ في اللغة ـ بمعنى الحِصن والقصر وكلّ بناءٍ رفيع على شكلٍ مُستدير، فالنُجوم باعتبار إنارتها تبدو مُستديرةً، وباعتبار تلألؤها تبدو كعُبابات تَعوم على وجه السماء زينةً لها، وباعتبارها مراصد لحراسة السماء ﴿ وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ ﴾ 38، هي حُصون منيعة، فصحّ إطلاق البروج عليها من هذه الجوانب لا غيرها.
هذا، وقد خُلِط على لفيفٍ من المفسّرين فَحَسبوها منازل الشمس والقمر حسب ترسيم الفلكيّين 39.
وسيّدنا العلاّمة الطباطبائي وإنْ كان في تفسيره لسورتَي الحِجر والفُرقان قد ذهب مذهب المشهور، لكنّه (قدس سره) عَدَل عنه عند تفسيره لسورة البُروج، قال: البُروج، جمع بُرج وهو الأمر الظاهر ويَغلب استعماله في القصر العالي والبِناء المُرتفع على سُور البلد، وهو المُراد في الآية، فالمُراد بالبُروج مواضع الكواكب من السماء، قال: وبذلك يَظهر أنّ تفسير البُروج (في الآيات الثلاث) بالبُروج الاثني عشر المُصطلح عليها في عِلم النجوم غير سديد 40.
وقال الشيخ مُحمّد عَبده: وفُسّرت البُروج بالنُجوم وبالبُروج الفلكيّة وبالقُصور على التشبيه، ولا ريب في أنّ النُجوم أَبنية فخيمة عظيمة، فيصحّ إطلاق البُروج عليها تشبيهاً لها بما يُبنى من الحُصون والقُصور في الأرض 41.
6 ـ ﴿ … وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ … ﴾
قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ ﴾ 42.
(يُزجي): يَسوق، (يُؤلّف بينه): يؤلّف بين متفرّقه، (يجعله رُكاماً): متكاثفاً، (فترى الوَدق): قَطرات المطر الآخِذة في الهُطول.
﴿ … وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ … ﴾ 42.
السؤال هنا: ماذا يعني بالجبال هذه؟ وماذا يكون المقصود مِن البَرد وهو الماء المتجمّد على أثر ضغط البرد؟ وكيف يكون هناك في السماء جبالٌ مِن بردٍ؟
وقد مرّ عليها أكثر المفسّرين القُدامى مرور الكرام، وبعضهم أَخذها على ظاهرها وقال: إنّ في السّماء جِبالاً من برد (من ثلج) يَنزل منها المطر، كما تنحدر المياه من جبال الأرض على أثر تراكم الثلوج عليها، عن الحسن والجبّائي 43 وعن مجاهد والكلبي وأكثر المفسّرين: أنّ المراد بالسّماء هي المظلّة وبالجبال حقيقتها، قالوا: إنّ الله خَلَق في السّماء جِبالاً من برد كما خَلق في الأرض جبالاً من صخر، قال الآلوسي: وليس في العقل ما ينفيه من قاطع، فيجوز إبقاء الآية على ظاهرها كما قيل 44.
قال السيّد المرتضى: وجدتُ المفسّرين على اختلاف عباراتهم يذهبون إلى أنّه تعالى أراد: أنّ في السّماء جِبالاً من بردٍ، وفيهم مَن قال: ما قَدْرُه قَدْرُ جبال، يعني مِقدار جبال مِن كثرته.
قال: وأبو مسلم بن بحر الإصبهانيّ خاصّةً انفرد في هذا الموضع بتأويلٍ طريف، وهو أنْ قال: الجبال، ما جَبَل الله مِن بَرَد، وكلّ جسم شديد مُستحجِر فهو من الجبال، ألم ترَ إلى قوله تعالى في خَلق الأُمَم: ﴿ وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ ﴾ 45، والناس يقولون: فلا مجبول على كذا.
وأورد عليه السيّد بأنّه يَلزمه أنّ جعل الجبال اسماً للبرد نفسه ؛ من حيث كان مجبولاً مستحجراً! وهذا غلط ؛ لأنّ الجبال وإن كانت في الأصل مشتقّة من الجَبْل والجَمْع، فقد صارت اسماً لذي هيئةٍ مخصوصة ؛ ولهذا لا يُسمّي أحد من أهل اللغة كلَّ جسم ضُمَّ بعضه إلى بعض ـ مع استحجار أو غير استحجار ـ بأنّه جبل، ولا يخصّون بهذا اللفظ إلاّ أجساماً مخصوصةً… كما أنّ اسم الدابّة وإن كان مشتقّاً في الأصل من الدبيب فقد صار اسماً لبعض ما دبّ، ولا يعمّ كلّ ما وقع منه الدبيب.
قال: والأَولى أنْ يُريد بلفظة السماء ـ هنا ـ ما عَلا من الغَيم وارتفع فصار سماءً لنا ؛ لأنّ سماء البيت وسماواته ما ارتفع منه، وأراد بالجبال التشبيه ؛ لأنّ السحاب المتراكب المتراكم تُشبّهه العرب بالجِبال والجِمال، وهذا شائعٌ في كلامها، كأنّه تعالى قال: ويُنزّل من السحاب الذي يشبه الجِبال في تَراكُمِه بَرداً.
قال: وعلى هذا التفسير تكون (مِن) الأُولى والثانية لابتداء الغاية، والثالثة زائدة لا حكم لها، ويكون تقدير الكلام: ويُنزّل من جبالٍ في السماء بَرداً، فزادت (مِن) كما تزاد في قولهم: ما في الدار من أحد، وكم أعطيته من درهم، ومالك عندي من حقّ، وما أشبه ذلك.
وأضاف: إنّه قد ظهر مفعولٌ صحيحٌ لـ (نُنزّل)، ولا مفعول لهذا الفعل على سائر التأويلات 46.
قلت: وهو تأويل وجيه لولا جانب زيادة (مِن) في الإيجاب.
قال ابن هشام: شرط زيادتها تقدّم نفي أو نهي أو استفهام ولم يشترطه الكوفيّون واستدلّوا بقول العرب، قد كان من مطر. وبقول عمر بن أبي ربيعة:
ويَـنمي لـها حبُّها عندَنا *** فما قال مِن كاشحٍ لم يَضِرّ
أي فما قاله كاشحٌ ـ وهو الذي يُضمر العداوة ـ لم يَضرّ.
قال: وقال الفارسي في قوله تعالى:﴿ … وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ … ﴾ 42: يجوز كون (مِن) الثانية والثالثة زائدتَين، فجوّز الزيادة في الإيجاب 47.
وقال الزمخشري: (مِن) الأُولى لابتداء الغاية، والثانية للتبعيض، والثالثة للبيان، أو الأَوّليان للابتداء والآخرة للتبعيض 48، فالمعنى على الأَوّل: ونُنزّل مِن السماء شيئاً من الجِبال الكائنة مِن البَرد، وعلى الثاني: ونُنزّل مِن السماء من جبالٍ فيها شيئاً من البرد، فقَدّر المفعول به ولم يَجعل (مِن) زائدةً.
والذي ذَكَره الزمخشري أصحّ ؛ لأنّ التقدير شائع في كلام العرب ولا سيّما مع معلوميّتِه كما هنا، قال ابن مالك: وحذف ما يُعلم جائز، أمّ زيادة (مِن) في الإيجاب، فعلى فرض ثبوته فهو أمرٌ شاذّ، ولا يجوز حَمل القرآن عليه.
ومعنى الآية على ذلك: أنّه تعالى يُنزّل من السّماء ماءً من جبالٍ فيها ـ هي السُحب الرُكاميّة، وهي النوع الأَهمّ من السُحب ؛ لأنّها قد تمتدّ عموديّاً عِبر 15 أو 20 كيلومتراً، فتصل إلى طَبقات من الجوّ باردةٍ جدّاً تنخفض فيها درجة الحرارة إلى 60 أو 70 درجة مئويّة تحت الصفر ؛ وبذلك يتكوّن البَرَد (خيوط ثلجيّة) في أَعالي تلك السُحب ـ.
وقوله: (مِن بَرد) بيان لتكوّن تلك السُحب الجباليّة (الرُكاميّة) ولو باعتبار قِمَمها المتكوّن فيها الخيوط الثلجيّة (البرد).
والمعروف علميّاً أنّ نموّ البَرد في أعالي السُحب الرُكاميّة يُعطي انفصال شحنات أو طاقات كهربائيّة سالبة، وأنّه عندما يَتساقط داخل السَّحابة ويصل في قاعدتها إلى طبقات مرتفعة الحرارة فوق الصفر يَذوب ذلك البَرد أو يتميّع ويُعطي انفصال شحنات كهربائيّة موجبة، وعندما لا يَقوى الهواء على عَزل الشُحنة السالبة العُليا عن الشُحنة الموجبة في أسفل يحدث التفريغ الكهربائي على هيئة بَرق، ويَنجم عن التسخين الشديد المُفاجئ الذي يُحدثه البَرق أنْ يتمدّد الهواء فجأةً ويتمزّق مُحدثاً الرَعد. وما جَلجَلة الرَعد إلاّ عملية طبيعيّة بسبب سلسلة الانعكاسات التي تحدث من قواعد السُحب لصوت الرَعد الأصلي 49.
وبذلك يبدو وجهُ مناسبة التعقيب بقوله تعالى:﴿ … يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ ﴾ 42وكذا عند الحديث عن السَّحاب الثِقال 50، فإنّ البرق وليد هكذا سُحب رُكاميّة ثقيلة (جَبليّة).
قال سيّد قطب: إنّ يد الله تُزجي السَّحاب وتدفعه من مكانٍ إلى مكان، ثُمّ تؤلّف بينه وتجمعه، فإذا هو رُكام بعضه فوق بعض، فإذا ثَقُل خرج منه الماء والوَبْلُ الهاطل، وهو في هيئة الجبال الضخمة الكثيفة، فيها قِطع البَرد الثلجيّة الصغيرة… ومَشهد السُحب كالجبال لا يبدو كما يبدو لراكب الطائرة وهي تعلو فوق السُحب أو تسير بينها، فإذا المَشهد مشهد الجبال حقّاً بضخامتها ومَساقطها وارتفاعاتها وانخفاضاتها، وإنّه لتعبير مُصوّر للحقيقة التي لم يرَها الناس إلاّ بعد ما رَكِبوا الطائرات 51، بل ويُمكن مشاهدتها في الصحاري الواسعة عن بُعد.
7 ـ ﴿ … وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ … ﴾
قال تعالى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ … ﴾ 52.
ما تعني المثليّة؟ هل هي في الصُنع والإتقان؟ أم في العدد؟ وما هُنّ على هذا الفَرض؟
ولم تُذكر الأرض في القرآن إلاّ مفردةً سِوى في هذا الموضع، حيث شُبهة إرادة التعدّد إلى سبع أرضين، كما جاء في الحديث ودار على الألسن !
وفُسّر التعدّد من وجوه:
- سبع قطاع من الأرض على وجهها من أقاليم أو قارّات.
- سبع طِباق من الأرض في قِشرتها المتركّبة من طَبقات 53.
- الكواكب السبع السيّارة، كلّ كوكبة ـ ومنها أرضنا ـ أرض، والغلاف الهوائي المحيط بها سماء 54.
- فوق كلّ سماء بعد أرضنا أرض وفوقها سماء، فهناك سبع أرضين بعضها فوق بعض لسبع سماوات 55.
تقاسيم الأرض
قَسّم الأقدمون البلادَ الآهِلة من الرُبع المعمور في القطاع الشمالي إلى سبع مناطق جغرافيّة طولاً، وجاء المتأخّرون ليُقسّموها تارةً على حسب المناخ الطبيعي إلى سبعة أقاليم: واحدة استوائيّة، واثنتان حارّتان حتّى درجة 5/23 عرضاً في جانبَي خطّ الاستواء شمالاً وجنوباً، واثنتان اعتداليتَان ما بعد خطّ الميل الأعظم فإلى مدارَي الخطّ القطبي، والأخيرتان منطقتا القُطبَين الشمالي والجنوبي.
وأُخرى إلى قارات مأَلوفة، خمسة منها ظاهرة: آسيا، أُوربا، أفريقيا، استراليا، أمريكا، واثنتان هما قُطبا الشمال والجنوب في غطاء من الثلوج.
مُحتَملات ثلاثة
قال الحجّة البلاغي: يُحتَمل في قوله تعالى:﴿ … وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ … ﴾ 52وجوه ثلاثة:
الأَوّل: أنْ يُراد مِثلهنّ في الطَبقات، باعتبار اختلاف طَبقات الأرض في البدائع والآثار.
الثاني: أنْ يُراد مِثلهنّ في عدد القِطع والمواضع المُتعدّ بها كآسيا وأُوربا وأفريقيا وأمريكا الشماليّة وأمريكا الجنوبيّة واستراليا، وأرض لم تُكشف بعد أو لاشتها الحوادث البحريّة وفتّتتها بالكلّية، أو بقي منها بصورة جُزُر متفرّقة صغيرة، أو هي تحتَ القُطب الجنوبي على ما يَظنّ البعض.
الثالث: أنْ يُراد بالمُماثل للسماوات هو غير أرضنا بل ما هو من نوعها، فيُراد منه ذات السيّارات على الهيئة الجديدة، أو ما هو مسكون من الكواكب ولم يَظهر للاكتشاف 56.
أَرضون لا تُحصى
قال الشيخ الطنطاوي في تفسير الآية: أي وخَلق مِثلهنّ في العدد من الأرض، وهذا العدد ليس يقتضي الحصر، فإذا قلت: عندي جوادَان تَركب عليهما أنت وأخوك، فليس يَمنع أنْ يكون عندك ألف جواد وجواد، هكذا هنا.
فقد قال علماء الفَلك: إنّ أقلّ عدد مُمكن من الأَرضين الدائرة حول الشموس العظيمة التي نُسمّيها نُجوماً لا يقلّ عن ثلاثمِئة مليون أرض… هذا فيما يَعرفه الناس، وهذا القول مِن هؤلاء ظنّيٌّ، فلم يدّعِ أَحدٌ أنّه رأى وقَطع بشيءٍ من ذلك، اللّهمّ إلاّ علماء الأَرواح، فإنّهم لمّا سأَلوها قالتْ: عندنا كواكب آهِلة بالسُكّان لا يُحصى عددها، وفيها سكّان أنتم بالنسبة إليهم كالنَّمل بالنسبة للإنسان، وأُيّد ذلك بما نُقل عن (غاليلو) عند ما أُحضرت روحه بعد الممات 57.
وهكذا ذكر الشيخ المراغي وعقّبه بما رُوي عن ابن مسعود: أنّ النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) قال: (ما السماوات السبع وما فيهنّ وما بينهنّ والأرضونَ السبع وما فيهنّ وما بينهنّ في الكرسي إلاّ كحَلقةٍ مُلقاة بأرضِ فلاةٍ) 58.
وروى ابن كثير أحاديث تَنمّ عن أَرضينَ سبع آهِلة بالسُكّان، وقد بُعث إليهم أنبياء كإبراهيم وموسى وعيسى ومُحمّد (عليهم السلام)، زعموا صحّة أسانيدها 59.
وهكذا رَوَوا روايات هي أشبه بروايات إسرائيليّة، وفيها الغثّ والسمين 60.
وفي حديث زينب العطّارة عن رسول (صلّى اللّه عليه وآله): (إنّ هذه الأرضينَ واقعة تحتَ الأرض التي نَعيش عليها واحدة تحت أُخرى كلّ واحدة بالنسبة إلى الأُخرى التي تحتها كحَلقةٍ مُلقاة في فلاة قفر، حتّى تنتهي إلى السابعة، والجميع على ظَهْر دِيك، له جناحَان إلى المشرق والمغرب ورِجلاه في التُخوم! والدِّيك على صخرةٍ، والصخرةُ على ظَهر حوتٍ، والحوت على بحرٍ مُظلم، والبحر على الهواء، والهواء على الثرى…) 61.
وفي حديث الحسين بن خالد عن الرضا (عليه السلام): (هذه أرضُ الدنيا، والسماء الدنيا فوقها قبّةٌ، والأرض الثانية فوق السماء الثانية فوقها قبّةٌ، والأرض الثالثة فوق السماء الثانية، والسماء الثالثة فوقها قبّةٌ، حتّى الأرض السابعة فوق السماء السادسة. والسماء السابعة فوقها قبّةٌ، وعَرش الرحمان فوق السماء السابعة… ما تحتنا إلاّ أرض واحدة ـ هي الدنيا ـ وأنّ الستّ لهُنّ فَوقنا) 62.
وَرَووا عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): أنّ لهذه النجوم التي في السماء مُدُناً مثل المدائن التي في الأرض، مربوطة كلّ واحدة بالأُخرى بعمود من نور طوله مسيرة مِئتين وخمسين سنة، كما أنّ ما بين سماءٍ وأُخرى مسيرة خمسمِئة عام، وأنّ هناك بين النجوم وبين السماء الدنيا بِحاراً تَضرب الريحُ أمواجَها ؛ ولذلك تستبين النجوم صِغاراً وكباراً، في حين أنّ جميعها في حجمٍ واحدٍ سواء 63.
وغالب الظنّ أنّها ـ أو جُلّها ـ أساطير إسرائيليّة تَسرّبت إلى التفسير والحديث، مُضافاً إليها وضع الأسناد !
المُختار في تفسير (مِثلهنّ)
ليس في القرآن تصريح بالأَرَضين السبع، ولا إشارة سِوى ما هنا من احتمال إرادة العدد في المِثليّة! لكن تكرّر ذِكر الأرض في القرآن مفردةً إلى جنب السماوات جمعاً ممّا يُوهن جانب هذا الاحتمال.
﴿ … الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ … ﴾ 64.
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا … ﴾ 65.
﴿ … لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ … ﴾ 66.
. ﴿ أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ … ﴾ 67.
﴿ وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ ﴾ 68.
﴿ وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ … ﴾ 69.
﴿ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ … ﴾ 70.
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ … ﴾ 71.
﴿ سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ … ﴾ 72.
﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ … ﴾ 73.
﴿ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ … ﴾ 74.
﴿ ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾ 75.
﴿ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا … ﴾ 76.
إلى ما يَقرب من مِئتي موضع في القرآن، جاء اقتران الأرض واحدة بالسماوات سبعاً… !
فيا تُرى كيف يَصحّ اقتران الفرد بالجمع ـ في هذا الحجم من التَّكرار ـ لو كانت الأرض مَثل السماء في العدد السبع؟! ولا سيّما في آيات التكوين، ما المُبرّر لذِكر الأرض واحدة لو كانت سبعاً؟!
على أن اللام ﴿ … وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ … ﴾ 52 ﴿… وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ… ﴾ 77 للعهد، أي الأرض المعهودة لدى المخاطبينَ وهم العرب يومذاك، ولا يعرفون سِوى هذه الأرض التي نعيش عليها! 78..
فلابدّ أنّ هذه الأرض خُلقت مثل السماوات السبع، مَثَلاً في الإبداع والتكوين.
هذا، بالإضافة إلى أنّ التعبير بـ ﴿ وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ ﴾ 79 ـ لو أُريد العدد ـ ليستدعي أن يكون من هذه الأرض (نفس كرة الأرض التي نعيش عليها) جُعلت سبعاً، الأمر الذي يعني سبع قِطاع منها وهي المناطق الكبرى المعمورة منها، وهذا هو المُراد بالأَرضينَ السبع الواردة في الأدعية المأثورة وفي الأحاديث، ودارت على أَلسُن العارفين.
وإطلاق الأرض على المعمورة منها شائع في اللغة، وجاء في القرآن أيضاً حيث قوله تعالى ـ بشأن المُفسدين ـ: ﴿ … أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ … ﴾ 80أي من البلاد العامرة حسبما فَسّره الفقهاء.
وكذا إطلاقها على مطلق البِقاع، كقوله تعالى: ﴿ وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا … ﴾ 81، والمُراد البقعة المَيتة منها.
وبعد، فإنّ قوله تعالى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ … ﴾ 52ظاهرٌ كلّ الظهور في إرادة سماوات سبع، وجاءت بلفظ تنكير، وأرضٍ واحدة جاءت بلفظ تعريف، وأنّ المِثليّة تعني جانب الإبداع والتكوين، وعلى فَرض إرادة العدد فهي البِقاع والمناطق المَعمورة منها ؛ وَمِن ثَمَّ جاء بلفظ ﴿ … وَمِنَ الْأَرْضِ … ﴾ 52أي وجعل من هذه الأرض أيضاً سبعاً حسب المناطق، وإلاّ فلو كان أراد سبع كُرات مِن مِثل كُرة الأرض، لكان الأَولى أنْ يُعبّر بسبع سماوات وسبع أرضينَ، وكان أخصر وأوفى بالمعنى.
8 ـ ﴿ … وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ … ﴾
يقول تعالى عن القرنين: ﴿ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ … ﴾ 82.
الحمأ: الطين النَّتِن الذي تَغيّر لونه إلى السواد، يَرسب تحت المياه الراكدة وعلى ضفافها… وحمإٍ مسنون: 83 مُنتَن، وقُرئَ: (عينٍ حامية) أي دافية (حارّة).
قال المفسّرون: أراد ذو القرنَين أن يَبلغ بلاد المغرب، فاتّبع طريقاً تُوصله إليها، حتّى إذا انتهى من جهة المغرب بحيث لم يستطع تجاوزه ووقف على حافّة البحر الأطلانطي (المحيط الأطلسي) وجد الشمس تغرب في بحر خِضَمٍّ يضرب ماؤه إلى سواد الخُضرة، وكان معروفاً عند العرب ببحر الظُلمات، فقد سار إلى بلاد تونس ثُمّ مراكش ووصل إلى البحر المحيط، فوجد الشمس كأنّها تغيب فيه وهو أزرق اللون يضرب إلى السواد، كأنّه حَمِئة 84.
والمُراد بالعين: لُجّة الماء، حيث البحر الواسع الأرجاء لا تُرى له نهاية.
قال سيّد قطب: والأرجح أنّه كان عند مصبّ أحد الأنهار 85، حيث تكثر الأعشاب ويتجمّع حولها طين لزج هو الحمأ، وتوجد البِرَك وكأنّها عيون الماء… فرأى الشمس تغرب هناك ﴿ … وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ … ﴾ 8286.
قلت: وسوف يأتي عند الكلام عن ذي القرنَين ـ وأنّه كُورُش الهخامنشي على الأرجح ـ أنّه في فتوحاته غرباً في آسيا الصغرى توقّف على المنطقة التي تُسمّى باسم: إقليم أيونيّة، وهو الإقليم الغربي من قارّة آسيا الصغرى المُطلّ على مَضيق الدردنيل وبحر إيجه وما يُلاصق الساحل من جُزر وأشباه جزر، حين توقّف كورش عند شواطئ بحر إيجه ـ وهي جزء من سواحل تركيا على البحر المتوسّط ـ وجد الشاطئ كثير التعاريج، حيث تتداخل أَلسنة البحر داخل اليابس، ومِن أمثلة هذه الألسنة البحريّة خليخ هرمس ومندريس الأكبر ومندريس الأصغر… ويتعمّق خليج (أزمير) إلى الداخل بمقدار 120 كم، تحيط به الجبال البلّوريّة من الغرب إلى الشرق على حافّتيه، بحيث يتّخذ شكل العين، ويَصبّ فيه نهر (غديس) المياه العَكِرة المُحمّلة بالطين البُركاني والتراب الأحمر من فوق هضبة الأناضول… وحين توقّف كورش عند (سارد) قرب أزمير تأمّل قرص الشمس وهو يسقط عند الغروب في هذا الخليج الذي يُشبه العين تماماً… واختلطت حُمرة الغَسَق بالطين الأحمر والأسود الذي يَلفظه نهر غديس في خليج أزمير… ولعلّها هي العين الحَمِئة (الضاربة بالسواد) التي ذَكَرها القرآن 87 88.
- 1. a. b. c. d. القران الكريم: سورة الملك (67)، الآية: 3، الصفحة: 562.
- 2. القران الكريم: سورة الملك (67)، الآية: 5، الصفحة: 562.
- 3. القران الكريم: سورة النبإ (78)، الآية: 12، الصفحة: 582.
- 4. a. b. c. القران الكريم: سورة ق (50)، الآية: 6، الصفحة: 518.
- 5. القران الكريم: سورة الإسراء (17)، الآية: 85، الصفحة: 290.
- 6. القران الكريم: سورة الذاريات (51)، الآية: 47، الصفحة: 522.
- 7. في ظِلال القرآن، ج28، ص152.
- 8. زَعموا أنّ الأرض في مركز العالَم، وأنّ القمر وعطارد والزُهرة والشمس والمرّيخ والمشتري وزحل سيّارات حولها، في مَدارات هي أفلاك بعضها فوق بعض بنفس الترتيب، وكلّ وأحدٍ منها في فَلكٍ دائر حول الأرض من الغرب إلى الشرق في حركةٍ معاكسةٍ لحركتها اليوميّة من الشرق إلى الغرب على أثر تحريك الفَلك التاسع، المُسمّى عندهم بفَلك الأفلاك أو بالفَلك الأطلس ؛ لعدم وجود نجم فيه وأمّا النجوم الثوابت فهي مركوزة في الفَلك الثامن، فهذه تسعة أفلاك مُحيطة بالأرض بعضها فوق بعض.
وهكذا جاء في إنجيل برنابا من كلام المسيح (عليه السلام): أنّ السماوات تسع، فيها السيّارات، وتَبعُد إحداها عن الأُخرى مسيرة خمسمِئة عام.
ولمّا تُرجمت فلسفة اليونان إلى العربيّة، ودَرَسها علماء الإسلام وَثقوا بأنّ الأفلاك تسعة، وقال بعضهم: هي سبع سماوات، والكرسي فَلك الثوابت، والعرش هو الفَلك المُحيط.
والغريب أنّ مِثل مُحيي الدين ابن عربي اغترّ بهذه الغريبة وحسبها حقيقة وبنى عليها معارفَه الإشراقيّة فيما زعم، (راجع: الفتوحات المكّيّة، الباب 371 والفصل الثالث منه، ج3، ص416 و433، وكذا الفصّ الإدريسي من فصوص الحكم، ج1، ص75)، وهكذا شيخنا العلاّمة بهاء الدين العاملي في كتابه تشريح الأفلاك، وهو عجيب !
ولقد أَعجبني كلام أبي الحسن علي بن عيسى الرّمّاني المُعتزلي في تفسير الآية، حيث أنكر إرادة الأفلاك البطلميوسيّة من السماوات السبع في القرآن ؛ محتجّاً بأنّه تفسير يُخالف ظاهر النصّ، راجع: تفسير التبيان للشيخ الطوسي، ج1، ص 127. - 9. جاءت النظرية على الأَساس التالي:1. الشمس: نَواة المنظومة.2. نجمة فلكان: بُعدها عن الشمس 13 مليون ميلاً، ودورها المحوري 18 ساعة، ودورها حول الشمس 20 يوماً.3. كوكب عطارد: بُعدها 35 مليون ميلاً دَورها المحوري 24 ساعة و5 دقائق، حول الشمس 88 يوماً.4. الزُهرة: بُعدها 66 مليون ميلاً، دَورها المحوري 23 ساعة و22 دقيقة، حول الشمس 225 يوماً.5. الأرض: بُعدها 93 مليون ميلاً، دَورها المحوري 24 ساعة، حول الشمس 365 يوماً.6. المرّيخ: بُعدها 140 مليون ميلاً، دَورها المحوري 24 ساعة و38 دقيقة، حول الشمس 687 يوماً.7. المشتري: بُعدها 476 مليون ميلاً، دَورها المحوري 10 ساعات، حول الشمس 12 سنة.8. زُحل: بُعدها 876 مليون ميلاً، دَورها المحوري 10 ساعات و 15 دقيقة، حول الشمس 29 سنة ونصفاً.9. أُورانوس: بُعدها 1753 مليون ميلاً، دَورها المحوري 10 ساعات، حول الشمس 84 سنة وأُسبوعا.10. نبتون: بُعدها 2746 مليون ميلاً، دَورها المحوري مجهول، حول الشمس 164 سنة و285 يوماً.راجع: الهيئة والإسلام للسيّد هبة الدين الشهرستاني، ص61 ـ 62.
- 10. تفسير الجواهر، ج1، ص49 الطبعة الثانية.
- 11. المصدر: ص 50 ـ 51 بتصرّف وتلخيص.
- 12. الهيئة والإسلام، ص177 ـ 179.
- 13. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 255، الصفحة: 42.
- 14. القران الكريم: سورة المؤمنون (23)، الآية: 86، الصفحة: 347.
- 15. الهدى إلى دين المصطفى للبلاغي، ج2، ص7.
- 16. المصدر: ج2، ص6.
- 17. تفسير الميزان، ج17، ص392 ـ 393.
- 18. راجع: ملحق كتابه (على حافّة العالم الأثيري) تَرجمة أحمد فهمي أبو الخير (ط3)، ص199.
- 19. القران الكريم: سورة الأنبياء (21)، الآية: 33، الصفحة: 324.
- 20. القران الكريم: سورة يس (36)، الآية: 40، الصفحة: 442.
- 21. مقصوده من الأصل: كونها ذات أصالة عربيّة وليس مستعارة من لغةٍ أجنبيّة.
- 22. معجم مقاييس اللغة، ج4، ص452 ـ 453.
- 23. القران الكريم: سورة المؤمنون (23)، الآية: 17، الصفحة: 342.
- 24. القران الكريم: سورة الجن (72)، الآية: 11، الصفحة: 572.
- 25. القران الكريم: سورة طه (20)، الآية: 63، الصفحة: 315.
- 26. a. b. القران الكريم: سورة طه (20)، الآية: 104، الصفحة: 319.
- 27. القران الكريم: سورة الجن (72)، الآية: 16، الصفحة: 573.
- 28. القران الكريم: سورة السجدة (32)، الآية: 5، الصفحة: 415.
- 29. القران الكريم: سورة الذاريات (51)، الآية: 22، الصفحة: 521.
- 30. القران الكريم: سورة يونس (10)، الآية: 3، الصفحة: 208.
- 31. القران الكريم: سورة الحجر (15)، الآية: 21، الصفحة: 263.
- 32. القران الكريم: سورة مريم (19)، الآية: 64، الصفحة: 309.
- 33. القران الكريم: سورة القدر (97)، الآية: 4، الصفحة: 598.
- 34. راجع: الميزان، ج15، ص21.
- 35. راجع: مجمع البيان، ذيل الآية من سورة المُلك والآية من سورة نوح، ج 10، ص 322 و 363، وروح المعاني للآلوسي، ج 29، ص 6 و75، وتفسير المراغي، ج 29، ص 6 و 85… وغيرها.
- 36. القران الكريم: سورة الحجر (15)، الآية: 16، الصفحة: 263.
- 37. القران الكريم: سورة الفرقان (25)، الآية: 61، الصفحة: 365.
- 38. القران الكريم: سورة الحجر (15)، الآية: 17، الصفحة: 263.
- 39. تفسير القمي، ج 1، ص 373، والميزان، ج 12، ص 143 و 154، وتفسير ابن كثير، ج 2، ص 548، وروح المعاني، ج 14، ص 20.
- 40. تفسير الميزان، ج 20، ص 368.
- 41. تفسير جزء عمّ لمُحمّد عبده، ص 57.
- 42. a. b. c. d. القران الكريم: سورة النور (24)، الآية: 43، الصفحة: 355.
- 43. مجمع البيان، ج 7، ص 148.
- 44. روح المعاني، ج 18، ص 172، وراجع: التفسير الكبير، ج 24، ص 14.
- 45. القران الكريم: سورة الشعراء (26)، الآية: 184، الصفحة: 375.
- 46. الأمالي للسيّد المرتضى عَلَم الهدى، ج 2، ص 304 ـ 306.
- 47. مغني اللبيب لابن هشام، حرف الميم، ج 1، ص 325.
- 48. الكشاف، ج 3، ص 246.
- 49. راجع ما سجّلناه بهذا في حقل الإعجاز العلمي للقرآن في التمهيد، ج 6.
- 50. الرعد 13: 12، والجمع في (ثِقال) باعتبار كون (السَّحاب) اسم جنس يُفيد الجمع، واحدتها سَحابة.
- 51. في ظِلال القرآن، ج18، ص109 ـ 110، المجلّد 6.
- 52. a. b. c. d. e. القران الكريم: سورة الطلاق (65)، الآية: 12، الصفحة: 559.
- 53. راجع: الميزان، ج19، ص378، وتفسير نمونه، ج24، ص261.
- 54. راجع: تفسير الجواهر، ج1، ص49.
- 55. راجع: الهيئة والإسلام، ص179، وتفسير الميزان، ج19، ص379 ـ 380.
- 56. الهدى إلى دين المصطفى، ج2، ص7 ـ 8.
- 57. تفسير الجواهر، ج24، ص195.
- 58. تفسير المراغي، ج28، ص151.
- 59. تفسير ابن كثير، ج4، ص385.
- 60. راجع: الدرّ المنثور، ج8، ص210 ـ 212، وجامع البيان، ج28، ص99.
- 61. تفسير نور الثقلين للحويزي، ج5، ص364 ـ 365.
- 62. تفسير البرهان، ج8، ص46.
- 63. بحار الأنوار، ج55، ص 90 ـ 91.
- 64. القران الكريم: سورة فاطر (35)، من بداية السورة إلى الآية 1، الصفحة: 434.
- 65. القران الكريم: سورة فاطر (35)، الآية: 41، الصفحة: 439.
- 66. القران الكريم: سورة النمل (27)، الآية: 25، الصفحة: 379.
- 67. القران الكريم: سورة لقمان (31)، الآية: 20، الصفحة: 413.
- 68. القران الكريم: سورة الروم (30)، الآية: 26، الصفحة: 407.
- 69. القران الكريم: سورة النمل (27)، الآية: 87، الصفحة: 384.
- 70. القران الكريم: سورة الزمر (39)، الآية: 63، الصفحة: 465.
- 71. القران الكريم: سورة الشورى (42)، الآية: 29، الصفحة: 486.
- 72. القران الكريم: سورة الزخرف (43)، الآية: 82، الصفحة: 495.
- 73. القران الكريم: سورة الإسراء (17)، الآية: 44، الصفحة: 286.
- 74. القران الكريم: سورة فصلت (41)، الآية: 9، الصفحة: 477.
- 75. القران الكريم: سورة فصلت (41)، الآية: 11، الصفحة: 477.
- 76. القران الكريم: سورة فصلت (41)، الآية: 12، الصفحة: 478.
- 77. القران الكريم: سورة الطلاق (65)، الآية: 12، الصفحة: 559.
- 78. وحتّى البشريّة اليوم لا تعرف أَرضاً بهذا الاسم سِوى التي نعيش عليها، على أنّ الأرض اسمُ عَلَمٍ شخصي لهذه الكوكبة نظير أسامي الكواكب، وليست كالسماء اسم جنس عامّ ؛ ومِن ثَمّ قالوا: كلّ ما عَلاكَ سماء وما تطؤه قدمك أرض! قال تعالى: ﴿ وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ ﴾ القران الكريم: سورة الرحمن (55)، الآية: 10، الصفحة: 531.
- 79. القران الكريم: سورة الرحمن (55)، الآية: 10، الصفحة: 531.
- 80. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 33، الصفحة: 113.
- 81. القران الكريم: سورة يس (36)، الآية: 33، الصفحة: 442.
- 82. a. b. القران الكريم: سورة الكهف (18)، الآية: 86، الصفحة: 303.
- 83. في قوله تعالى: ﴿ … إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ ﴾ ، وراجع الآية 26 و33 من نفس السورة.
- 84. راجع: تفسير المراغي، ج16، ص16.
- 85. واحد معاني العين، مصبّ ماء القناة.
- 86. في ظِلال القرآن، ج16، ص6، المجلّد 5، ص409.
- 87. مفاهيم جغرافيّة، ص243 ـ 244.
- 88. شُبُهَات و ردود حول القرآن الكريم، تأليف: سماحة الشيخ الأُستاذ محمّد هادي معرفة، تحقيق: مؤسّسة التمهيد ـ قم المقدّسة، الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة ص 329 ـ 350.