مقالات

حول ابي بكر و عمر و عثمان …

نص الشبهة: 

في كتاب جلاء العيون: 63، أن الذي يشك في كفر عمر فهو كافر. في أصول الكافي: (1 / 145) أن الخلفاء الثلاثة وبقية الصحابة كفروا بإنكارهم ولاية علي بن أبي طالب. ـ وأن كل الناس بعد وفاة النبي ارتدوا إلا ثلاثة: المقداد وأبو ذر وسلمان الفارسي (قرآن مجيد نوشته مقبول حسين دهلوى: 134). في الأنوار النعمانية: (3/ 264)، أن منكر خلافة علي بلا فصل بعد النبي بلا فصل فهو كافر. في كتاب أسرار محمد: (211)، أن أبا بكر عند الإحتضار لم يستطع النطق بالشهادتين. ـ في كتاب أسرار محمد: 30، أن الشيطان أول من بايع أبا بكر في المسجد. 

في كتاب حق اليقين: (509)، أن أبا بكر وعمر مستبدان أكثر من الشيطان. في كتاب قرآن مجيد توسط مقبول حسين دهلوى: (674)، أن أبا بكر وعمر كانا تابعين للشيطان. في حق اليقين: (500)، أن أبا بكر وعمر في الطبقة السابعة من جهنم. في الأنوار النعمانية: 2 / 278، نحن لا نقبل الإله الذي يقبل خلافة أبي بكر بعد النبي. في كتاب ترجمة القرآن المجيد تأليف مقبول حسين دهلوى: 479 أن الخلفاء شاربي الخمر حرفوا القرآن لمقاصدهم. في حق اليقين: (519)، أن عمر وعثمان ومعاوية عباد أصنام وشر المخلوقات على وجه الأرض. ـ في كتاب القرآن مجيد توسط مقبول حسين دهلوى: 551، أن الفحشاء أبو بكر والمنكر عمر والبغي عثمان، ومن يشك في ذلك فهو كافر!

الجواب: 

أولا: يجب معرفة الفرق في المنهج بيننا وبينكم في النظرة إلى الصحابة غير أهل البيت عليهم السلام، وفي الإعتقاد بهم، ونلخصه في الفروق التالية:

الفرق الأول

أننا نؤمن بحرية البحث العلمي في الصحابة، وأن المسلم له الحق الشرعي أن يعتقد في أي منهم ما يتوصل إليه اجتهاده أو تقليده بينه وبين ربه، وهو معذور إن عمل بشروط الاجتهاد والتقليد المتفق عليها بين المسلمين. بينما يريد المغالين في الصحابة تحريم البحث العلمي فيهم، وحتى البحث في تقييم بعضهم لبعض، أو تقييم الرسول صلى الله عليه وآله لهم، فكل ذلك عندهم حرام ومقفل عليه بأقفال!!

<img src="http://islam4u.com/sites/all/modules/wysiwyg/plugins/break/images/spacer.gif" alt="<–break->" title="

الفرق الثاني

أننا نحترم الصحابة ونحترم آراء المسلمين فيهم، لكن نقول إنهم حسب تعريفكم (كل من رأى النبي صلى الله عليه وآله ومات مسلماً) يبلغون مئتي ألفاً وأكثر، ويشملون حتى الكفار الذين حاربوا النبي صلى الله عليه وآله حتى عجزوا، ثم أسلموا تحت السيف!
وعقيدتنا أنهم (ما عدا أهل البيت المنصوص عليهم صلى الله عليه وآله) فيهم المخلص المهاجر الصالح المجاهد، وفيهم المتوسط، وفيهم العادي فيجب أن نعطي للمسلم حرية البحث والإعتقاد فيهم بما يتوصل إليه بينه وبين ربه.

الفرق الثالث

روى بخاري وغيره أن المسلمين سألوا النبي صلى الله عليه وآله كيف نصلي عليك؟ يعني في الصلاة وغيرها، فعلمهم أن يقرنوا معه آله صلى الله عليه وآله، وهي صيغة توقيفية فلا يجوز لنا أن نقول (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين) لأنه استدراك على رسول الله صلى الله عليه وآله!
ومن جهة أخرى ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله أخبر عن ربه بأن العديد من أصحابه يمنعون من الورود على حوض الكوثر يوم القيامة، ويؤمر بهم إلى النار!!
وهو الحديث المعروف بحديث الحوض الصحيح، وفي بعض نصوصه أنه لا ينجو منهم (إلا مثل همل النعم)!! 1
وهمل النعم: الأنعام المنفردة عن القطيع! فلا يجوز للمسلم شرعاً أن يقرن برسوله في الصلاة عليه جماعة فيهم من أهل النار!!
نعم يجوز أن يترضى المسلم عن الصالحين من الصحابة عندكم وعندنا لكن بدون أن يقرنهم بالنبي صلى الله عليه وآله.

الفرق الرابع

يفضل غيرنا الصحابة على العترة الطاهرة من أهل البيت عليهم السلام، وحجتهم أنهم صحابة وصاروا خلفاء! فتراهم يعرضون عن أهل بيت نبيهم صلى الله عليه وآله، في عقائدهم وفقههم، ويعرضون عن ذكر فضائلهم ومناقبهم، بل تراهم ينفرون أحياناً من ذلك!! مع أن أهل البيت عليهم السلام صحابة وأهل بيت وعترة!!
أما نحن فنفضل أهل البيت عليهم السلام على الصحابة، لكن ليس بسبب صحبتهم ولا بسبب نسبهم، بل لأن النبي صلى الله عليه وآله أمرنا بتفضيلهم وإتباعهم من بعده، وذلك في عدة أحاديث متواترة أو صحيحة عندنا وعندكم، مثل حديث الثقلين الصحيح المتواتر عند الجميع، وحديث أن حب علي وبغضه ميزان للإيمان والنفاق، وحديث الكساء الذي حدد فيه من هم أهل بيته وآله و عترته وجعله مصطلحاً إسلامياً، وحديث المباهلة حيث اختارهم بأمر ربه و باهل فيهم النصارى، وهم علي وفاطمة والحسين و الحسين عليهم السلام… وعشرات الأحاديث المتفق عليها بين الجميع، في مقامهم ووجوب مودتهم و إتباعهم!!

الفرق الخامس

أن الله تعالى كلفنا بولاية أهل البيت النبوي الطاهرين عليهم السلام وإتباعهم، ولم يكلفنا بإتباع الصحابة، فالذي يسألنا الله عنه في حشرنا ونشرنا هو الكتاب والعترة كما نص النبي صلى الله عليه وآله، ولا نسأل عن رأينا في الصحابة وعقيدتنا فيهم إلا بمقدار ما يتعلق بأهل البيت النبوي صلى الله عليه وآله، فلماذا نكلف أنفسنا أمراً لم يكلفنا إياه الله تعالى، ولا يسألنا عنه يوم القيامة؟!!
إن الجميع متفقون أن صلاة المسلم لا تصح إلا بالصلاة على محمد وآل محمد صلى الله عليه وآله. وهذا أعظم دليل على أن الله تعالى يريدنا أن نصلي عليهم مع رسوله في كل صلاة. ولم يفت أحد من فقهاء المسلمين حتى الخوارج بوجوب الصلاة على الصحابة! بل إن إضافة (وصحبه) في الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله تبطل الصلاة! أما في غير الصلاة فهي حسب أصولكم بدعة لأنه لا يوجد فيها حتى حديث ضعيف!
وإذا كان هذا حال جواز الصلاة عليهم، فلماذا لا يترك للمسلم حرية الإعتقاد فيهم حسب ما يصل إليه رأيه أو رأي من يقلده، مع مراعاة مشاعر المحبين لهم المغالين فيهم!!
ثانياً: على ضوء ما تقدم، كيف يجوز للمسلم أن يجعل الصحابة عصاً يرفعها في وجوه المسلمين، ويسلبهم حريتهم في البحث و الإعتقاد، ويجبرهم على أن يقلدوه فيعتقدوا بعدالتهم جميعاً؟!
كيف يجوز لأحد أن يحاسب المسلمين على نظرتهم إلى مئتي ألف مسلم رأوا رسول الله صلى الله عليه وآله! ويجبرهم على القول برأيه فيهم، ويصادر حريتهم، ويفتش عن قلوبهم، ولا يحملهم على الأحسن ويعذرهم!
ثالثاً: لا يصح أن يكون المسلمون ملكيين أكثر من الملك، فيقولون في الصحابة ويعتقدون فيهم ما لم يكونوا يعتقدونه في أنفسهم! فقد كان لبعض الصحابة آراء شديدة في بعضهم، وطعن بعضهم في بعض وشتم بعضهم بعضاً، وكفَّر بعضهم بعضاً، وقاتل بعضهم بعضاً، وقتله! وقد روى الجميع موقف سعد بن عبادة رحمه الله وهو صحابي جليل وزعيم الأنصار، حيث اعترض عليهم في السقيفة وأدانهم، فأرادوا قتله، ولم يبايع أبا بكر ولا عمر، وكان يتكلم عليهم أغلظ الكلام ويتهمهم بأشد التهم! وقد روى الطبري: 3 / 210، أن سعداً قال لهم: (لو أن الجن اجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم، حتى أعرض على ربي! وكان لا يصلي معهم)!
وروى بخاري قصته مخففة: 2 / 291، عن لسان عمر. ولما صار عمر خليفة قال لسعد: كرهت جوارك، ونفاه إلى سوريا، وبعد مدة يسيرة قتل هناك فاتهموا عمر بقتله!
وكذلك كان موقف علي وفاطمة عليهما السلام وكافة أهل البيت عليهم السلام وبني هاشم، من السقيفة خلافة أبي بكر، فقد قال علي لأبي بكر كما في تاريخ المسعودي: 1: 414: (أفسدت علينا أمورنا، ولم تستشر ولم ترع لنا حقاً)!
وروى ابن قتيبة وهو من كبار علماء السنة، في كتابه الإمامة والسياسة: 1 / 30، أن عمر جاء بمسلحين ومعهم حطب وهاجموا بيت علي وفاطمة ليجبروهم على البيعة: (فجاء فناداهم وهم في دار علي فأبوا أن يخرجوا فدعا بالحطب وقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنها على من فيها! فقيل له: يا أبا حفص إن فيها فاطمة! فقال: وإنْ!! فخرجوا فبايعوا إلا علياً، فوقفت فاطمة على بابها فقالت: لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم، تركتم رسول الله جنازة بين أيدينا، وقطعتم أمركم بينكم، لم تستأمرونا ولم تروا لنا حقاً… فلما سمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها: يا أبت يا رسول الله، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة!).
ثم روى ابن قتيبة محاولة أبي بكر وعمر أن ترضى فاطمة عنهما، ولكنها بقيت غاضبة تدعو عليهما بعد كل صلاة!
قال ابن قتيبة: (فقال عمر لأبي بكر: إنطلق بنا إلى فاطمة فإنا قد أغضبناها فانطلقا جميعاً فاستأذنا على فاطمة فلم تأذن لهما، فأتيا علياً فكلماه فأدخلهما عليها، فلما قعدا عندها حولت وجهها إلى الحائط، فسلما عليها فلم ترد عليهما السلام! فتكلم أبو بكر فقال: يا حبيبة رسول الله! والله إن قرابة رسول الله أحب إلي من قرابتي، وإنك لأحب إلي من عائشة ابنتي، ولوددت يوم مات أبوك أني متُّ ولا أبقى بعده، أفتراني أعرفك وأعرف فضلك وشرفك وأمنعك حقك وميراثك من رسول الله، إلا أني سمعت أباك رسول الله يقول: لا نورث، ما تركنا فهو صدقة. فقالت: أرأيتكما إن حدثتكما حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وآله تعرفانه وتفعلان به؟ قالا: نعم. فقالت: نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله يقول: رضا فاطمة من رضاي، وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني، ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني؟ قالا: نعم سمعناه من رسول الله(ص)! قالت: فإني أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني، ولئن لقيت النبي لأشكونكما إليه! فقال أبو بكر: أنا عائذ بالله تعالى من سخطه وسخطك يا فاطمة، ثم انتحب أبو بكر يبكي حتى كادت نفسه أن تزهق، وهي تقول: والله لأدعون الله عليك في كل صلاة أصليها! ثم خرج باكياً فاجتمع إليه الناس فقال لهم: يبيت كل رجل منكم معانقاً حليلته مسروراً بأهله، وتركتموني وما أنا فيه! لا حاجة لي في بيعتكم أقيلوني بيعتي! قالوا: يا خليفة رسول الله، إن هذا الأمر لا يستقيم، وأنت أعلمنا بذلك، إنه إن كان هذا لم يقم لله دين. فقال: والله لولا ذلك وما أخافه من رخاوة هذه العروة ما بت ليلة ولي في عنق مسلم بيعة، بعدما سمعت ورأيت من فاطمة! قال: فلم يبايع علي كرم الله وجهه حتى ماتت فاطمة رضي الله عنهما، ولم تمكث بعد أبيها إلا خمساً وسبعين ليلة).
وأخيراً روى مسلم: 5 / 152، مناقشة عمر لعلي والعباس في أوقاف رسول الله صلى الله عليه وآله وأنه قال لهما: (فلما توفي رسول الله (ص) قال أبو بكر أنا وليُّ رسول الله فجئتما تطلب ميراثك من ابن أخيك ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها، فقال أبو بكر: قال رسول الله (ص) ما نورث ما تركنا صدقة! فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً خائناً! والله يعلم إنه لصادق بار راشد تابع للحق! ثم توفي أبو بكر و أنا وليُّ رسول الله (ص) و وليُّ أبي بكر، فرأيتماني كاذباً آثماً غادراً خائناً والله يعلم إني لصادق بار راشد تابع للحق). (و رواه البيهقي في سننه: 6 / 298). انتهى.
فكان طبيعياً إذن، أن يكون لبعضهم رأي سلبي في الآخر، كما رأيت من رأي سعد وعلي وفاطمة عليهما السلام والعباس.. ولم تقع السماء على الأرض!
رابعاً: رويتم عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (سألت ربي فيما اختلف فيه أصحابي من بعدي فأوحى الله إلى يا محمد إن أصحابك عندي بمنزلة النجوم في السماء، بعضها أضوأ من بعض، فمن أخذ بشئ مما هم عليه من اختلافهم فهو عندي على هدى).
وقد أخرجه الخطيب في الكفاية: 66، في باب في تعديل الصحابة، و عبد بن حميد في مسنده: 250، بلفظ آخر عن ابن عمر، أن رسول الله قال: مثل أصحابي مثل النجوم يهتدى به، فأيهم أخدتم بقوله اهتديتم)، و أخرجه الديلمي في مسنده: 4 / 447، عن ابن عباس بلفظ: (أصحابي بمنزلة النجوم بأيهم أخذتم به اهتديتم، واختلاف أصحابي لكم رحمة). انتهى.
ومع أن علماء الجرح والتعديل ضعَّفوا هذا الحديث وحكموا بأنه موضوع، لكن علماءكم قبلوه واحتجوا به في الفقه وأصول الفقه وغيرهما فيصح لنا أن نحتج به فنقول: مادام الصحابة كلهم نجوم هداية، وسعد بن عبادة رحمه الله مثلاً من كبارهم وخيارهم، فيصح أن نقتدي به، ويكون رأينا سلبياً في أبي بكر وعمر مثل رأيه، ونكون مهتدين مقبولين عند الله ورسوله صلى الله عليه وآله.
خامساً: الكتب التي اعتمد عليها الكاتب في إشكالاته، أكثرها ليست من مصادر مذهبنا الأساسية، كما أنه لم يورد أي نص منها! وهذا نقص في البحث العلمي والأمانة العلمية!
وأهم الكتب التي اعتمد عليها هي: أصول الكافي للكليني رحمه الله، اعتمد عليه في عشرة موارد، والشافي للسيد المرتضى رحمه الله في موردين، وأسرار آل محمد وهو ترجمة كتاب سليم بن قيس الهلالي رحمه الله في موردين، والإحتجاج للطبرسي رحمه الله في مورد واحد.
بينما اعتمد في بقية إشكالاته على كتب لعلماء متأخرين، بعضهم من كبار العلماء، وبعضهم غير معروف، ولم ينقل نص كلام أحد منهم! بل ادعى عليهم دعاوي ووضع عنوانها من عنده، وأعطى رقم صفحة في المصدر، وقد رأيت أنا لم نجد ما ادعاه في أكثر من مورد!
فقد نقل عن كتاب جلاء العيون سبعة موارد، وعن حق اليقين خمسة موارد، وعن حياة القلوب أربعة موارد، وهذه الكتب الثلاثة للعلامة المجلسي رحمه الله. وعن كتاب الأنوار النعمانية للسيد الجزائري رحمه الله في ثلاثة موارد، وعن كتاب تفسير البرهان للبحراني رحمه الله في مورد واحد، وعن ترجمة القرآن لمقبول حسين دهلوي خمسة موارد، ويظهر أنه كتاب بلغة الأردو، وكذلك الكتب الأخرى وهي: الشيعة وتحريف القرآن، وتاريخ الإسلام، وأصول الشريعة في عقايد الشيعة وفصل الخطاب، والشيعة مذهب حق، وحقيقة فقه الأحناف مقابل الفقه الجعفري، وكتب هزار تمهارى دس همارى! وهذا يدل على أن كاتب الإشكالات، ليس متضلعاً باللغة العربية، فهو يقرأ بالفارسية والأردو! وكان الأحرى به أن يقرأ مصادر مذهب الشيعة العربية!
والكتاب الذي سماه (جليل العيون) هو كتاب (جلاء العيون) للعلامة المجلسي قدس سره وهو باللغة الفارسية، مترجم إلى الأوردية، وقال صاحب الذريعة إلى تصانيف الشيعة رحمه الله: 4 / 94: (جلاء العيون في تواريخ المعصومين عليهم السلام مصائبهم بالفارسية للعلامة المجلسي المولى محمد باقر المتوفى بأصفهان في1111، مرتب على أربعة عشر باباً بعدد المعصومين عليهم السلام.. طبع بإيران مكرراً وجدد طبعه في النجف… ترجمة جلاء العيون… بلغة أردو طبع بالهند، للسيد محمد باقر الهندي المترجم المعاصر، وله ترجمة حق اليقين وعين الحياة وغيرها..).
وقال في الذريعة: 5 / 125: (جلاء العيون، الهندي، هو ترجمة الجلاء الفارسي بالأردوية، طبع بالهند في مجلدين، لبعض فضلائها). انتهى.
وقال في الذريعة: 8 / 264: (الدمع الهتون في ترجمة جلاء العيون، باللغة الأردوية، طبع بالهند، لبعض فضلائها). انتهى.
وأما كتاب حق اليقين، فتوجد عدة كتب بهذا الإسم، لكن يظهر أن مقصوده كتاب (حق اليقين) للعلامة المجلسي رحمه الله وهو بالفارسية فرغ من تأليفه1109، كما في فهرس مخطوطات مكتبة السيد الكلبايكاني قدس سره: 2 / 66والذريعة: 7 / 40. ويظهر أنه منتشر في الهند وباكستان، فقد قال صاحب الذريعة الى تصانيف الشيعة رحمه الله: 4 / 98: (ترجمة حق اليقين الفارسي في أصول الدين، تأليف العلامة المجلسي، بلغة أردو للسيد محمد باقر الهندي المترجم، مطبوع بالهند، وله ترجمة جلاء العيون، وعين الحياة، كما مر ويأتي ترجمة حق اليقين إلى العربية، اسمه: ترجمة شهادة الخصوم). انتهى.
ويظهر أن الإشكالات عليه قديمة، فقد ذكر صاحب الذريعة رحمه الله: 5 / 174 إسم كتاب: (جواب اعتراضات بعض العامة على مباحث الإمامة) من كتاب “حق اليقين”تأليف العلامة المجلسي كانت قد أرسلت الإعتراضات من بلاد الهند إلى إيران، فأجاب عنها السيد أحمد الأصفهاني الخاتون آبادي المتوفى بمشهد خراسان 1161. قال الشيخ عبد النبي القزويني في تتميم أمل الآمل: إني رأيت الجواب بأحسن عبارة وأسلوب). انتهى.
فلعل كاتب هذه الإشكالات أخذها ممن كتبها قبله، ولعله رأى أجوبتها بلغة أردو أيضاً، وأعرض عنها!!

سادسا: نحن لا نكفِّر الصحابة كما زعموا

قال كاتب الإشكالات:

  • في أصول الكافي: 1 / 145، أن الخلفاء الثلاثة وبقية الصحابة كفروا بإنكارهم ولاية علي بن أبي طالب.
  • وأن كل الناس بعد وفاة النبي ارتدوا إلا ثلاثة: المقداد وأبو ذر وسلمان الفارسي (قرآن مجيد تأليف مقبول حسين دهلوى ص 134)
  • في كتاب جلاء العيون: 63، أن الذي يشك في كفر عمر فهو كافر.
  • في الأنوار النعمانية: 3 / 264، أن منكر خلافة علي بلا فصل بعد النبي بلا فصل فهو كافر).

الجواب

راجعنا المكان المذكور من كتاب الكافي فلم نجد ما نسبه إليه الكاتب! لكن توجد في أماكن أخرى في الكافي وغيره أحاديث متعددة عن النبي صلى الله عليه وآله و آله عليهم السلام تتحدث عن وقوع الإنقلاب والردة في هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وآله ولكنها ردة بالمعنى اللغوي لأن النبي صلى الله عليه وآله لم يحكم بكفر أصحابها. ولبيان ذلك نقول:
نحن نعتقد بأن الإمامة والخلافة ثابتة لعلي والأئمة من العترة النبوية عليهم السلام بنص النبي صلى الله عليه وآله بأمر الله عز وجل، وأنه بلغ ذلك للأمة في مناسبات عديدة أشهرها في خطبته في غدير خم في عودته من حجة الوداع. ومنها في مرض وفاته صلى الله عليه وآله عندما أمر الصحابة أن يأتوه بورق ودواة ليكتب لهم عهداً إن اتبعوه بعده لا يضلون أبداً، فردوا عليه وعصوه في ذلك! فطردهم من بيته!
وقد روى ذلك بخاري بست روايات، منها في: 1 / 36: (عن ابن عباس قال: لما اشتد بالنبي(ص)وجعه قال: إئتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده. قال عمر: إن النبي(ص)غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا! فاختلفوا وكثر اللغط! قال (ص): قوموا عني، ولا ينبغي عندي التنازع. فخرج ابن عباس يقول: إن الرزيئة كل الرزيئة، ما حال بين رسول الله (ص) وبين كتابه)!!
وقال بخاري: 5 / 137: (لما حضر رسول الله (ص) وفي البيت رجال فقال النبي (ص): هلموا أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده. فقال بعضهم: إن رسول الله (ص) قد غلبه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله! فاختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده. ومنهم من يقول غير ذلك!فلما أكثروا اللغو والإختلاف قال رسول الله: قوموا).
وقال بخاري: 7 / 9: (باب قول المريض قوموا عني… عن ابن عباس قال: لما حُضِرَ رسول الله (ص) وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب… ورواه البخاري أيضاً: 8 / 160….
وفي مسلم: 5 / 75: (عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه قال: يوم الخميس وما يوم الخميس! ثم جعل تسيل دموعه حتى رأيت على خديه كأنها نظام اللؤلؤ! قال قال رسول الله (ص): إئتوني بالكتف والدواة (أو اللوح والدواة) أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً، فقالوا: إن رسول الله (ص) يهجر)!! (عن ابن عباس قال: لما حضر رسول الله(ص)وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب فقال النبي(ص): هلم أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعده! فقال عمر: إن رسول الله(ص)قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله…الخ).
وفي مسند أحمد: 3 / 346: (عن جابر أن النبي(ص)دعا عند موته بصحيفة ليكتب فيها كتاباً لا يضلون بعده، قال فخالف عليها عمر بن الخطاب حتى رفضها)! (ورواه أحمد: 1 / 324و336 و324)
وفي مجمع الزوائد: 9 / 33: وعن عمر بن الخطاب قال: لما مرض النبي (ص)قال: أدعوا لي بصحيفة ودواة أكتب كتاباً لا تضلون بعدي أبداً! فكرهنا ذلك أشد الكراهة!! ثم قال: أدعوا لي بصحيفة أكتب لكم كتاباً لاتضلون بعده أبداً! فقال النسوة من وراء الستر: ألا تسمعون ما يقول رسول الله (ص)؟! فقلت: إنكن صواحبات يوسف إذا مرض رسول الله (ص) عصرتنَّ أعينكن، وإذا صح ركبتنَّ رقبته. فقال رسول الله: دعوهنَّ فإنهنَّ خيرٌ منكم)!! انتهى.
فأحاديث ردة الصحابة في مصادرنا ناظرة إلى معصيتهم للنبي صلى الله عليه وآله ومنعهم إياه تأمين أمته إلى يوم القيامة! فالكفر فيها كفر نعمة الله تعالى بإمامة أهل البيت عليهم السلام. والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله عندما عصوه ورفضوا أن يكتب عهده طردهم من بيته ولم يحكم بارتدادهم، مع أن الرد على رسول الله كفر، وصاحبه مرتد عن الإسلام بإجماع المسلمين!

نماذج من أحاديث ارتداد الأمة في مصادرنا

في الكافي: 1 / 420، عن الإمام الصادق عليه السلام في قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى … ﴾ 2: فلان وفلان وفلان، ارتدوا عن الايمان في ترك ولاية أمير المؤمنين عليه السلام. قلت: قوله تعالى: ﴿ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ … ﴾ 3قال: نزلت والله فيهما و في أتباعهما وهو قول الله عز وجل الذي نزل به جبرئيل عليه السلام على محمد: ﴿ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ … ﴾ 3 (في علي عليه السلام) ﴿ … سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ … ﴾ 3، قال: دعوا بني أمية إلى ميثاقهم ألا يُصَيِّروا الأمر فينا بعد النبي صلى الله عليه وآله، ولا يعطونا من الخمس شيئاً! وقالوا إن أعطيناهم إياه لم يحتاجوا إلى شئ ولم يبالوا أن يكون الأمر فيهم! فقالوا: سنطيعكم في بعض الأمر الذي دعوتمونا إليه وهو الخمس ألا نعطيهم منه شيئاً وقوله: ﴿ … كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ … ﴾ 3، والذي نزل الله ما افترض على خلقه من ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، وكان معهم أبو عبيدة وكان كاتبهم فأنزل الله: ﴿أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ * أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ﴾ 4.
وفي الكافي: 1 / 420: (عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا ﴾ 5و: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ ﴾ 6 قال: نزلت في فلان وفلان وفلان آمنوا بالنبي صلى الله عليه وآله في أول الأمر وكفروا حيث عرضت عليهم الولاية حين قال النبي صلى الله عليه وآله: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، ثم آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين عليه السلام، ثم كفروا حيث مضى رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يقروا بالبيعة، ثم ازدادوا كفراً بأخذهم من بايعوه بالبيعة لهم! فهؤلاء لم يبق فيهم من الإيمان شئ).
وفي الإختصاص للمفيد رحمه الله / 10: (عن أبي بكر الحضرمي قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ارتد الناس إلا ثلاثة نفر: سلمان وأبو ذر، و المقداد. قال: فقلت: فعمار؟ فقال: قد كان جاض جيضة ثم رجع. ثم قال: إن أردت الذي لم يشك ولم يدخله شئ فالمقداد، فأما سلمان فإنه عرض في قلبه عارض، أن عند ذا يعني أمير المؤمنين عليه السلام إسم الله الأعظم لو تكلم به لأخذتهم الأرض وهو هكذا؟! فلبب و وجئت في عنقه حتى تركت كالسلعة! ومرَّ به أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أبا عبد الله هذا من ذاك بايع فبايع! وأما أبو ذر فأمره أمير المؤمنين عليه السلام بالسكوت ولم يكن تأخذه في الله لومة لائم، فأبى إلا أن يتكلم فمرَّ به عثمان فأمر به! ثم أناب الناس بعد، فكان أول من أناب أبو ساسان الأنصاري، وأبو عمرة وفلان، حتى عقد سبعة، ولم يكن يعرف حق أمير المؤمنين عليه السلام إلا هؤلاء السبعة 7.
وفي الكافي: 2 / 244: (عن حمران بن أعين قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: جعلت فداك ما أقلَّنا! لو اجتمعنا على شاة ما أفنيناها! فقال: ألا أحدثك بأعجب من ذلك: المهاجرون والأنصار ذهبوا إلا، وأشار بيده، ثلاثة! قال حمران فقلت: جعلت فداك ما حال عمار؟ قال: رحم الله عماراً أبا اليقظان، بايع وقتل شهيداً. فقلت في نفسي: ما شئ أفضل من الشهادة. فنظر إليَّ فقال: لعلك ترى أنه مثل الثلاثة، أيهات أيهات!!). انتهى.
وقال في هامشه: (قوله: جاض، أي عدل عن الحق، وفي بعض النسخ بالحاء والصاد المهملتين وحاصوا عن العدو أي انهزموا، والمراد بالناس غير أهل البيت عليهم السلام، والإرتداد عن الإيمان لا عن الإسلام كما يفهم من الأخبار).
وفي الكافي: 8 / 296: (عن عبد الرحيم القصير قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: إن الناس يفزعون إذا قلنا إن الناس ارتدوا، فقال: يا عبد الرحيم إن الناس عادوا بعد ما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله أهل جاهلية! إن الأنصار اعتزلت فلم تعتزل بخير، جعلوا يبايعون سعداً وهم يرتجزون ارتجاز الجاهلية: يا سعد أنت المرجى، وشعرك المرجل، وفحلك المرجم).
وفي الكافي: 2 / 440: (عن معاوية بن وهب قال: خرجنا إلى مكة ومعنا شيخ متأله متعبد، لا يعرف هذا الأمر، يتم الصلاة في الطريق، ومعه ابن أخ له مسلم، فمرض الشيخ فقلت لابن أخيه: لو عرضت هذا الأمر على عمك لعل الله أن يخلصه، فقال كلهم: دعوا الشيخ حتى يموت على حاله فإنه حسن الهيئة، فلم يصبر ابن أخيه حتى قال له: يا عم إن الناس ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله إلا نفراً يسيراً وكان لعلي بن أبي طالب من الطاعة ما كان لرسول الله صلى الله عليه وآله، وكان بعد رسول الله الحق والطاعة له. قال: فتنفس الشيخ و شهق، وقال: أنا على هذا، وخرجت نفسه! فدخلنا على أبي عبد الله عليه السلام فعرض عليُّ بن السري هذا الكلام على أبي عبد الله فقال: هو رجل من أهل الجنة، قال له علي بن السري: إنه لم يعرف شيئاً من هذا غير ساعته تلك!؟ قال: فتريدون منه ماذا؟ قد دخل والله الجنة).
أقول: لا يصح حمل الكفر في هذه الروايات وأمثالها على معناه المصطلح، وأكبر دليل على ذلك كما ذكرنا أن النبي صلى الله عليه وآله لم يحكم بكفر من رفض ولاية علي والعترة عليهم السلام. وقد رووا و روينا أنه أمر علياً عليه السلام أن ينزلهم في ذلك بمنزلة فتنة، لا بمنزلة ردة، وقد عاملهم علي عليه السلام معاملة المسلمين مع أنه كان يصرح بأن سنن الأمم السابقة قد جرت عليها بعد رسولها صلى الله عليه وآله كما قال تعالى: ﴿ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَٰكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ﴾ 8.
وقال علي عليه السلام في جواب رجل سأله عن الفتنة فقال: (يا أمير المؤمنين أخبرنا عن الفتنة وهل سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عنها؟فقال عليه السلام: لما أنزل الله سبحانه قوله: ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴾ 9 علمتُ أن الفتنة لا تنزل بنا ورسول الله صلى الله عليه وآله بين أظهرنا. فقلت: يا رسول الله ما هذه الفتنة التي أخبرك الله تعالى بها؟!
فقال صلى الله عليه وآله: يا علي إن أمتي سيفتنون من بعدي! فقلت يا رسول الله: أوليس قد قلت لي يوم أحد حيث استشهد من استشهد من المسلمين وحيزت عني الشهادة فشق ذلك علي، فقلت لي: أبشر فإن الشهادة من ورائك؟ فقال لي: إن ذلك لكذلك فكيف صبرك إذاً؟ فقلت: يا رسول الله ليس هذا من مواطن الصبر، ولكن من مواطن البشرى والشكر.
فقال: يا علي إن القوم سيفتنون بأموالهم ويمنون بدينهم على ربهم، ويتمنون رحمته و يأمنون سطوته، ويستحلون حرامه بالشبهات الكاذبة والأهواء الساهية فيستحلون الخمر بالنبيذ، والسحت بالهدية. والربا بالبيع!
قلت: يا رسول الله بأي المنازل أنزلهم عند ذلك؟ أبمنزلة ردة أم بمنزلة فتنة؟ فقال: بمنزلة فتنة) 10.
وفي مختصر بصائر الدرجات: 203: (يا رسول الله فبأي المنازل أنزلهم إذا فعلوا ذلك؟ قال: بمنزلة فتنة، ينقذ الله بنا أهل البيت عند ظهورنا السعداء من أولي الألباب، إلا أن يدعوا لضلالة ويستحلوا الحرام في حرم الله، فمن فعل ذلك منهم فهو كافر. يا علي: بنا ختم الله فتح الإسلام وبنا يختمه بنا).
وقد روى الحاكم في المستدرك: 3 / 140 و 142، بلفظين وصححهما: (عن علي رضي الله عنه قال: إن مما عهد إليَّ النبي صلى الله عليه وآله أن الأمة ستغدر بي بعده…. عن حيان الأسدي سمعت علياً يقول قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الأمة ستغدر بك بعدي، وأنت تعيش على ملتي و تقتل على سنتي، من أحبك أحبني ومن أبغضك أبغضني، وإن هذه ستخضب من هذا، يعني لحيته من رأسه) 11.
ومما يؤكد قولنا إن الكفر في هذه الأحاديث كفر نعمة، ويثبت بطلان تهمة خصومنا لنا بأنا نكفر الصحابة، أن فقهاء مذهبنا يحكمون بإسلام من تشهد الشهادتين ولا يستثنون أحداً إلا الغلاة الذين يؤلهون أهل البيت عليهم السلام أو يؤلهون أي مخلوق، وإلا النواصب الذين يعلنون بغضهم وعداوتهم لأهل البيت عليهم السلام، وذلك للحديث المتفق عليه عند الجميع: (ياعلي لايحبك إلا مؤمن ولايبغضك إلا منافق). ويطول الكلام لو أردنا نقل كلماتهم رضوان الله عليهم، فراجع المصادر الفقهية في بحث تعريف الكافر، في باب الطهارة، وغيره. أبعد الناس عن تكفير المسلمين 12.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى