إعرف عدوكالتاريخ الإسلاميالجهاد و الشهادةزاد عاشوراءسادة القافلةسيرة أهل البيت (ع)مقالاتمناسباتمنوعات

معركة كربلاء ومصائب الطف

نادى عمر بن سعد: يا دريد ادن رايتك، فأدناها ثم وضع سهمه في كبد قوسه ثم رمى فقال: اشهدوا انى اول من رمى ثم ارتمى الناس وتبارزوا، فبرز يسار مولى زياد بن ابى سفيان وبرز اليه عبدالله بن عمير، فقال له يسار: من أنت؟ فانتسب له فقال له: لست أعرفك ليخرج إلى زهير بن القين أو حبيب بن مظاهر، فقال له عبدالله بن عمير: يا بن الفاعلة وبك رغبة من مبارزة أحد من الناس ثم شد عليه فضربه بسيفه حتى برد، فانه لمشتغل بضربه اذشد عليه سالم مولى عبيد الله بن زياد فصاحوا به: قد رهقك العبد ! فلم يشعر به حتى غشيه، فبدره بضربة اتقاها ابن عمير بيده اليسرى، فأطارت أصابع كفه ثم شد عليه فضربه حتى قتله، واقبل وقد قتلهما جميعا انه يرتجز ويقول:
ان تنكروني فانا بن الكلب * انى أمرؤ ذو مرة وغضب
ولست بالخوار عند النكب
حمل عمرو بن الحجاج على ميمنة أصحاب الحسين (عليه السلام) فيمن كان معه من أهل الكوفة فلما دنى من أصحاب الحسين (عليه السلام) جثوا له على الركب واشرعوا بالرماح نحوهم، فلم تقدم خيلهم على الرماح، فذهبت الخيل لترجع، فرشقهم أصحاب الحسين (عليه السلام) بالنبل، فصرعوا منهم رجالا وجرحوا منهم آخرين.
وجاء رجل من بنى تميم يقال له عبدالله بن حوزة، فأقدم على عسكر الحسين (عليه السلام) فناداه القوم إلى اين ثكلتك أمك؟ فقال: انى اقدم على رب رحيم وشفيع مطاع فقال الحسين (عليه السلام) لأصحابه: من هذا؟ قيل: هذا ابن حوزة التميمي، فقال: اللهم حزه إلى النار، فاضطرب به فرسه في جدول فوقع وتعلقت رجله اليسرى بالركاب وارتفعت اليمنى، فشد عليه مسلم بن عوسجة فضرب رجله اليمنى، فطارت وعدا به فرسه يضرب رأسه بكل حجر ومدر حتى مات وعجل الله بروحه إلى النار، ونشب القتال فقتل من الجميع جماعة. وحمل الحر بن يزيد على اصحاب عمر بن سعد وهو يتمثل بقول عنترة:
الحارث ما زلت أرميهم بغرة وجهه * ولبانه حتى تسربل بالدم
فبرز اليه رجل من بنى يقال له يزيد بن سفيان، فما لبثه الحر حتى قتله. وبرز نافع بن هلال وهو يقول:
انا ابن هلال البجلي * انا على دين على
فبرز اليه مزاحم بن حريث فقال له: أنا على دين عثمان، فقال له نافع: أنت على دين الشيطان، وحمل عليه فقتله.
فصاح عمرو بن الحجاج بالناس: يا حمقاء أتدرون من تقاتلون: تقاتلون؟ فرسان أهل المصر؟ وتقاتلون قوما مستميتين لم يبرز اليهم منكم أحد، فانهم قليل وقل ما يبقون، والله لو لم ترموهم الا بالحجارة لقتلتموهم، فقال له عمر بن سعد: صدقت، الرأي ما رأيت، فارسل إلى الناس من يعزم عليهم ان لا يبارز رجل منكم رجلا منهم.

ثم حمل عمرو بن الحجاج وأصحابه على الحسين (عليه السلام) من نحو الفرات، فاضطربوا ساعة فصرع مسلم بن عوسجة الأسدي رحمة الله عليه وانصرف عمرو وأصحابه وانقطعت الغبرة فوجد وا مسلما صريعا، فمشى اليه الحسين (عليه السلام) فأذابه رمق فقال: رحمك الله يا مسلم { فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا } [الأحزاب: 23] ودنى منه حبيب بن مظاهر، فقال: عز على مصرعك يا مسلم أبشر بالجنة، فقال له مسلم قولا ضعيفا: بشرك الله بخير فقال له حبيب: لولا انى أعلم انى في أثرك من ساعتي هذه لاجبت أن توصينى بكل ما أهمك، ثم تراجع القوم إلى الحسين (عليه السلام)، فحمل شمر بن ذي الجوشن في الميسرة على أهل الميسرة فتثبوا له وطاعنوه، وحمل على الحسين (عليه السلام) وأصحابه من كل جانب، وقاتلهم أصحاب الحسين (عليه السلام) قتالا شديدا فأخذت خيلهم تحمل وانما هى اثنان وثلاثون فارسا فلا تحمل على جانب من خيل الكوفة الا كشفته.
فلما رأى ذلك عروة بن قيس وهو على خيل أهل الكوفة بعث إلى عمر بن سعد: أما ترى ما يلقى خيلي هذا اليوم من هذه العدة اليسيرة؟ ابعث اليهم الرجال والرماة، فبعث اليهم بالرماة فعقر بالحر بن يزيد فرسه ونزل عنه، فجعل يقول:
ان تعقروني فانا بن الحر * أشجع من ذي لبد هزبر
وضربهم بسيفه فتكاثر وا عليه، فاشترك في قتله ايوب بن مسرح ورجل آخر من فرسان أهل الكوفة، وقاتل أصحاب الحسين (عليه السلام) القوم أشد قتال حتى انتصف النهار. فلما راي الحصين بن نميرو كان على الرماة صبر أصحاب الحسين (عليه السلام) تقدم إلى أصحابه وكانوا خمسمئة نابل: ان يرشقوا أصحاب الحسين (عليه السلام) بالنبل، فرشقوهم فلم يلبثوا أن عقروا خيولهم وجرحوا الرجال وأرجلوهم، واشتد القتال بينهم ساعة، وجائهم شمر بن ذي الجوشن في أصحابه فحمل عليهم زهير بن القين في عشرة رجال من أصحاب الحسين (عليه السلام)، فكشفوهم عن البيوت، وعطف عليهم شمر بن ذي الجوشن فقتل من القوم ورد الباقين إلى مواضعهم، وانشأ زهير بن القين يقول مخاطبا للحسين:
اليوم نلقي جد النبيا * وحسنا والمرتضى عليا
وذا الجناحين الفتى الكميا
وكان القتل يبين في أصحاب الحسين (عليه السلام) لقلة عددهم، ولا يتبين في اصحاب عمر بن سعد لكثرتهم، واشتد القتال والتحم وكثر القتل والجراح في أصحاب أبى عبدالله الحسين (عليه السلام) إلى أن زالت الشمس، فصلى الحسين (عليه السلام) بأصحابه صلاة الخوف.
وتقدم حنظلة بن سعد الشبامى بين يدى الحسين (عليه السلام) فنادى: يا أهل الكوفة ! ” يا قوم انى اخاف عليكم مثل يوم الاحزاب، يا قوم انى اخاف عليكم يوم التناد ” يا قوم لا تقتلوا حسينا ” فيسحتكم الله بعذاب وقد خاب من افترى ” ثم تقدم فقاتل حتى قتل رحمة الله عليه.
وتقدم بعده شوذب مولى شاكر، فقال: السلام عليك ياأبا عبدالله ورحمة الله وبركاته، استودعك الله ثم قاتل حتى قتل رحمة الله عليه. وتقدم عابس بن شبيب الشاكرى فسلم على الحسين (عليه السلام) وودعه، وقاتل حتى قتل، ولم يزل يتقدم رجل رجل من أصحابه فيقتل حتى لم يبق مع الحسين (عليه السلام) الا أهل بيته خاصة فتقدم ابنه
على بن الحسين عليهما السلام وامه ليلى بنت ابى قرة بن عروة بن مسعود الثقفي، وكان من أصبح الناس وجها، وله يومئذ تسع عشرة سنة فشد على الناس وهو يقول:
انا على بن الحسين بن على * نحن وبيت الله اولى بالنبي
تالله لا يحكم فينا ابن الدعي * اضرب بالسيف أحامى عن ابى
ضرب غلام هاشمي قرشي
ففعل ذلك مرارا وأهل الكوفة يتقون قتله، فبصربه مرة بن منقذ العبدى فقال: على آثام العرب ان مربى يفعل مثل ما فعل ذلك، أن لم اثكله أباه، فمر يشد على الناس كما مر في الاول فاعترضه مرة بن منقذ وطعنه، فصرع واحتواه القوم فقطعوه بأسيافهم.
فجاء الحسين (عليه السلام) حتى وقف عليه فقال: قتل الله قوما قتلوك، يا بنى ما أجرأهم على الرحمن وعلى انتهاك حرمة الرسول (صلى الله عليه واله)، وانهملت عيناه بالدموع، ثم قال: على الدنيا بعدك العفا، وخرجت زينب أخت الحسين (عليه السلام) مسرعة تنادى: يا اخياه وابن اخياه ! وجاءت حتى أكبت عليه، فأخذ الحسين (عليه السلام) برأسها، ردها الى الفسطاط وأمر فتيانه فقال: احملوا أخاكم فحملوه حتى وضعوه بين يدى الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه.
ثم رمى رجل من أصحاب عمر بن سعد يقال له عمرو بن صبيح: عبدالله بن مسلم بن عقيل بسهم، فوضع عبدالله يده على جبهته يتقيه، فأصاب السهم كفه ونفذ إلى جبهته، فسمرها به فلم يستطع تحريكها ثم انتحى عليه آخر برمحه فطعنه في قلبه فقتله.
وحمل عبدالله بن قطبة الطائي على عون بن عبدالله جعفر بن أبي طالب فقتله. وحمل عامر بن نهشل التميمي على محمد بن عبدالله بن جعفر بن ابي طالب فقتله.
وشد عثمان بن خالد الهمداني على عبدالرحمن بن عقيل بن ابي طالب فقتله.

قال حميد بن مسلم: فبينا كذلك اذ خرج علينا غلام كان وجهه شقة قمر في يده سيف وعليه قميص وازار ونعلان قد انقطع شسع احديهما فقال لى عمر بن نفيل الازدى: والله لا شدن عليه؟
فقلت: سبحان الله وما تريد بذلك دعه يكفيكه هؤلاء القوم الذين ما يبقون على أحد منهم؟ فقال: والله لأشدن عليه، فشد عليه فما ولى حتى ضرب رأسه بالسيف ففلقه، ووقع الغلام لوجهه فقال: يا عماه فجلا الحسين (عليه السلام) كما يجلى الصقر، ثم شد شدة ليث اغضب، فضرب عمر بن سعد بن نفيل بالسيف فاتقاها بالساعد فقطعها من لدن المرفق، فصاح صيحة سمعها أهل العسكر ثم تنحى عنه الحسين (عليه السلام) وحملت خيل الكوفة لتستنقذوه فتوطأته بأرجلها حتى مات .
وانجلت الغبرة، فرأيت الحسين (عليه السلام) قائما على رأس الغلام وهو يفحص برجليه والحسين (عليه السلام) يقول: بعدا لقوم قتلوك، ومن خصمهم يوم القيامة فيك جدك، ثم قال (عليه السلام): عز والله على عمك ان تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك فلا ينفعك، صوت والله كثر واتره وقل ناصره، ثم حمله على صدره وكأنى أنظر إلى رجلي الغلام يخطان الارض، فجاء به حتى ألقاه مع ابنه على بن الحسين عليهما السلام والقتلى من أهل بيته، فسئلت عنه؟ فقيل لى: هو القاسم بن الحسن بن على بن أبي طالب عليهم السلام.

ثم جلس الحسين (عليه السلام) أمام الفسطاط فأتى بابنه عبدالله بن الحسين (عليه السلام) وهو طفل، فأجلسه في حجره فرماه رجل من بنى اسد بسهم فذبحه، فتلقى الحسين (عليه السلام) دمه في كفه فلما امتلاء كفه صبه في الارض ثم قال: يارب ان يكن حبست عنا النصر من السماء فاجعل ذلك لما هو خير منه، وانتقم لنا من هؤلاء القوم الظالمين.
ثم حمله حتى وضعه مع قتلى اهل بيته.

ورمى عبدالله بن عقبة الغنوي أبا بكر بن الحسن بن على بن ابي طالب عليهما السلام بسهم فقتله.
فلما رأى العباس بن على كثرة القتلى في أهله قال لا خوته من امه وهم: عبدالله وجعفر وعثمان: يا بنى امى تقدموا حتى أراكم قد نصحتم لله ولرسوله فانه لاولد لكم، فقدم عبدالله رحمة الله عليه فقاتل قتالا شديدا فاختلف هو وهاني بن شبيب الحضرمي ضربتين فقتله هاني، وتقدم بعده جعفر بن على (عليه السلام) فقتله ايضا هاني، وتعمد خولى بن يزيد الأصبحي عثمان بن على (عليه السلام) وقد قام مقام اخوته فرماه بسهم فصرعه، وشد عليه رجل من بنى دارم فاجتز رأسه.
وحملت الجماعة على الحسين (عليه السلام) فغلبوه على عسكره واشتد به العطش فركب المسناة يريد الفرات وبين يديه العباس أخوه فاعترضه خيل ابن سعد لعنه الله وفيهم رجل من بنى دارم.
فقال لهم: ويلكم حولوا بينه وبين الفرات ولا تمكنوه من الماء، فقال الحسين (عليه السلام): اللهم اظمئه فغضب الدارمي ورماه بسهم فأثبته في حنكه فانتزع الحسين (عليه السلام) السهم وبسط يده تحت حنكه، فامتلات راحتاه من الدم فرمى به ثم قال: اللهم انى اشكو اليك ما يعفل بابن بنت نبيك، ثم رجع إلى مكانه وقد اشتد به العطش واحاط القوم بلعباس، فاقتطعوه عنه فجعل يقاتلهم وحده حتى قتل رحمة الله عليه، وكان المتولي لقتله زيد بن ورقاء الحنفي وحكيم بن الطفيل السنسنى بعدان اثخن بالجراح، فلم يستطع حراكا. ولما رجع الحسين (عليه السلام) من المسناة إلى فسطاطه تقدم اليه شمر بن ذي الجوشن في جماعة من أصحابه، فأحاط به فاسرع منهم رجل يقال له مالك بن اليسر الكندى فشتم الحسين (عليه السلام) وضربه على رأسه بالسيف، وكان عليه قلنسوة فقطعها حتى وصل إلى رأسه، فأدماه فامتلات القلنسوة دما، فقال له الحسين (عليه السلام): لا أكلت بيمينك ولا شربت بها وحشرك الله مع القوم الظالمين، ثم القى القلنسوة ودعي بخرقة فشد بها رأسه واستدعى قلنسوة اخرى فلبسها واعتم عليها، ورجع عنه شمر بن ذي الجوشن ومن كان معه إلى مواضعهم فمكث هنيئة ثم عاد وعادوا اليه واحاطوا به. فخرج اليهم عبدالله بن الحسن بن على عليهما السلام وهو غلام لم يراهق من عند النساء، فشد حتى وقف إلى جنب عمه الحسين (عليه السلام)، فلحقته زينب بنت على (عليه السلام) لتحبسه فقال لها الحسين (عليه السلام): احبسيه يا اختى، فأبى و امتنع عليها امتناعا شديدا، وقال: والله لا افارق عمى وأهوى أبجر بن كعب إلى الحسين (عليه السلام) بالسيف فقال له الغلام: ويلك يأبن الخبيثة أتقتل عمى؟ فضربه أبجر بالسيف فاتقاها الغلام بيده وأطنها إلى الجلد فاذا يده معلقة ونادى الغلام: يا اماه فأخذه الحسين (عليه السلام) فضمه اليه وقال: يا بن أخى اصبر على ما نزل بك واحتسب في ذلك الخير فان الله يلحقك آبائك الصالحين، ثم رفع الحسين (عليه السلام) يده وقال: اللهم فان متعتهم إلى حين ففرقهم فرقا، واجعلهم طرائق قددا، ولا ترض الولاة منهم ابدا، فانهم دعونا لينصرونا ثم عدو اعلينا فقتلونا وحملت الرجالة يمينا وشمالا على من كان بقى مع الحسين (عليه السلام) فقتلوهم حتى لم يبق معه الا ثلاثة نفر أو أربعة، فلما رأى ذلك الحسين (عليه السلام) دعى بسراويل يمانية يلمع فيها البصر ففزرها ثم لبسها، وانما فزرها لكيلا يسلبها بعد قتله فلما قتل الحسين (عليه السلام) عمد أبجر بن كعب اليه فسلبه السراويل وتركه مجردا، وكانت يدا أبجر بن كعب لعنه الله بعد ذلك تيبسان في الصيف حتى كأنهما عودان وترطبان في الشتاء فتنضحان دما وقيحا إلى ان اهلكه الله.

فلما لم يبق مع الحسين أحد الا ثلاثة رهط من أهله أقبل على القوم يدفعهم عن نفسه والثلاثة يحمونه حتى قتل الثلاثة وبقى وحده، وقد اثخن بالجراح في رأسه وبدنه، فجعل يضاربهم بسيفه وهم يتفرقون عنه يمينا وشمالا.
فقال حميد بن مسلم: فوالله ما رأيت مكثوراً قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جاشا ولا امضى جنانا منه (عليه السلام) ان كانت الرجالة لتشد عليه فيشد عليها بسيفه فينكشف عن يمينه وعن شماله انكشاف المعزى اذا شد فيها الذئب.
فلما رأى ذلك شمربن ذي الجوشن استدعى الفرسان فصاروا في ظهور الرجالة، وأمر الرماة أن يرموه فرشقوه بالسهام حتى صار كالقنفذ، فأحجم عنهم فوقفوا بإزائه وخرجت اخته زينب إلى باب الفسطاط، فنادت عمربن سعد بن ابى وقاص: ويلك يا عمر أيقتل أبوعبدالله وأنت تنظر اليه؟ فلم يجبها عمر بشيء، فنادت: ويحكم أما فيكم مسلم؟ فلم يجبها أحد بشيء، ونادى شمر بن ذي الجوشن الفرسان والرجالة فقال: ويحكم ما تنتظرون بالرجل ثكلتكم امهاتكم؟ فحملوا عليه من كل جانب، فضربه زرعة بن شريك على كتفه اليسرى فقلعها، وضربه آخر منهم على عاتقه فكبا منها لوجهه، وطعنه سنان بن انس النخعي بالرمح فصرعه وبدر اليه خولى بن يزيد الا صبحى فنزل ليجتز رأسه فارعد، فقال له شمر: فت الله في عضدك مالك ترعد؟
ونزل شمر اليه فذبحه، ثم رفع رأسه إلى خولى بن يزيد فقال: احمله إلى الامير عمر بن سعد ثم اقبلوا على سلب الحسين (عليه السلام) فأخذ قميصه اسحق بن الحياة الحضرمي وأخذ سراويله أبجر بن كعب، واخذ عمامته أخنس بن مرثد، واخذ سيفه رجل من بنى دارم وانتهبوا رحله وابله وأثقاله وسلبوا نسائه.
قال حميد بن مسلم: فوالله لقد كنت أرى المرأة من نسائه وبناته وأهله تنازع ثوبها عن ظهرها حتى تغلب عليه فتذهب به منها، ثم انتهينا إلى على بن الحسين عليهما السلام وهو منبسط على فراش وهو شديد المرض ومع شمر جماعة من الرجالة فقالوا له: لانقتل هذا العليل؟ فقلت: سبحان الله أيقتل الصبيان؟ انما هذا صبى وانه لما به؟ فلم أزل حتى دفعتهم عنه.
وجاء عمر بن سعد فصاح النساء في وجهه وبكين، فقال لأصحابه: لا يدخل أحد منكم بيوت هؤلاء النسوة ولا تتعرضوا لهذا الغلام المريض وسئلته النسوة ليسترجع ماأخذمنهن ليتسترن به، فقال: من أخذ من متاعهن شيئا فليرده عليهن فوالله مارد أحدمنهم شيئا فوكل بالفسطاط وبيوت النساء وعلى بن الحسين عليهما السلام جماعة ممن كانوا معه، وقال: احفظوهم لئلا يخرج منهم أحد، ولا تسؤن اليهم، ثم عاد إلى مضربه فنادى في أصحابه: من ينتدب للحسين فيوطئه فرسه؟ فانتدب عشرة منهم اسحاق بن حياة واخنس بن مرثد، فداسوا الحسين (عليه السلام) بخيولهم حتى رضوا ظهره. وسرح عمر بن سعد من يومه ذلك وهو يوم عاشوراء برأس الحسين (عليه السلام) مع خولى بن يزيد الأصبحي وحميد بن مسلم الازدى إلى عبيدالله بن زياد، وأمر برؤوس الباقين من أصحابه وأهل بيته فقطعت، وكانوا اثنين وسبعين رأسا، وسرح بهامع شمر بن ذي الجوشن وقيس بن الاشعث وعمرو بن الحجاج، فاقبلوا حتى قدموا بها على ابن زياد.

المصدر: http://h-najaf.iq

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى