نور العترة

لماذا يحصر عدد الائمة باثني عشر؟

نص الشبهة: 

قال صاحب النشرة: (ما دام في الأرض مسلمون ويحتاجون إلى دولة وإمام وكان محرما عليهم اللجوء إلى الشورى والانتخاب كما تقول النظرية الإمامية وكان لابد أن يعين الله لهم إماما معصوما منصوصا عليه فلماذا إذن يحصر عدد الأئمة في اثني عشر واحدا فقط (الشورى العدد العاشر ص 19.)).

الجواب: 

أقول: الإمامة المحصورة باثني عشر بعد الرسول (صلى الله عليه وآله) ليست هي منصب الحكم حسب بل هي منزلة الحجة على الخلق بالقول والفعل والتقرير ومن لوازم هذه المنزلة حصر حق الحكم بصاحبها في زمان حضوره اما في عصر الغيبة فإن منصب الحكم حق للفقهاء العدول.

الرد على الشبهة

أقول:
أولا: إن المستشكل أراد بمصطلح الإمام معنى الحكم والرئاسة التنفيذية في المجتمع كما هو واضح من كلامه هنا وفي موارد متعددة من النشرة.
ثانيا: إنَّ الإمامة التي حصرت باثني عشر من أهل البيت (عليهم السلام) ليست هي إمامة الحكم حسب بل هي الإمامة الدينية التي كانت لرسول الله (صلى الله عليه وآله) خاصة بوصفه حجة الله تعالى بقوله وفعله وتقريره 1 وكون حق الحكم خاصا به في زمانه لا يجوز لغيره ان يمارسه الاّ بإذنه.
وكذلك الأمر في أوصيائه الاثني عشر فهم حجج الله تعالى على خلقه بعد نبيه الأكرم بقولهم وفعلهم وتقريرهم وكون حق الحكم خاصا بهم في زمانهم لا يجوز لغيرهم ان يمارسه ا لا بإذنهم ومن هنا اشترطت فيهم العصمة والنص.
وفي ضوء ذلك فان إمامة أهل البيت الاثني عشر (عليهم السلام) كما يعتقد بها الشيعة ليست هي الإمامة التي يعتقدها الزيدية أو المعتزلة أو السنة فهؤلاء يعتقدون بالإمامة على أنها حكم وإجراء حدود وتولية أمراء وتطبيق أحكام الشريعة في المجتمع حسب.
ويفترق الزيدية عن غيرهم بقولهم: ان الذي له حق إجراء الحدود هم علي والحسن والحسين (عليهما السلام) ومن دعا إلى نفسه وحمل السيف من ذرية الحسن والحسين بعدهما.
أما أهل السنة والمعتزلة فقد أنكروا ان تكون هناك نصوص تدل على حصر حق الحكم بأهل البيت (عليهم السلام) بالشكل الذي قال به الزيدية فضلا عما قال به الشيعة.
وفي قبال الزيدية والمعتزلة والسنة قالت الشيعة بإمامة أهل البيت لا بمعنى الحكم بل بالمعنى الذي يجعل منزلتهم بمنزلة الأنبياء أي كونهم حججا إلهيين تجب طاعتهم سواء بايعهم الناس على الحكم أو لم يبايعوهم، لا فرق بينهم وبين النبي (صلى الله عليه وآله) إلا في النبوة والأزواج 2، أما الحكم وإجراء الحدود فنسبته إليهم كنسبته إلى الرسول من حيث اختصاصه به وعدم جواز تصدي الغير له مادام حاضرا 3.
وهذا المعنى للإمام أي كونه حجة الله تعالى في دينه هو المأثور عن هشام بن الحكم في مناظراته.
قال الشامي لهشام:
« يا غلام سلني في إمامة هذا (وأشار إلى الإمام الصادق (عليه السلام))… قال هشام للشامي يا هذا أربك انظر لخلقه أم خلقه؟ فقال الشامي بل ربي انظر لخلقه. قال ففعل بنظره لهم ماذا؟
قال أقام لهم حجة ودليلا، كيلا يتشتتوا، أو يختلفوا، يتآلفهم ويقيم أودهم 4 ويخبرهم بفرض ربهم.
قال فمن هو؟
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله).
قال هشام فبعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟
قال الكتاب والسنة.
قال هشام فهل نفعنا اليوم الكتاب والسنة في رفع الاختلاف عنا؟ 5.
قال فسكت الشامي.
فقال أبو عبد الله (عليه السلام) للشامي ما لك لا تتكلم؟
قال الشامي إن قلت لم نختلف كذبت، وان قلت إن الكتاب والسنة يرفعان عنا الاختلاف أبطلت، لأنهما يحتملان الوجوه، وان قلت قد اختلفنا وكل واحد منا يدعي الحق فلم ينفعنا إذن الكتاب والسنة، إلاّ انَّ لي عليه الحجة.
فقال أبو عبد الله (عليه السلام) سله تجده مليا.
فقال الشامي يا هذا من انظر للخلق أربهم أو أنفسهم؟
فقال هشام ربهم انظر لهم منهم لأنفسهم.
فقال الشامي فهل أقام لهم من يجمع لهم كلمتهم ويقيم أودهم ويخبرهم بحقهم من باطلهم؟
قال هشام في وقت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو الساعة؟
قال الشامي في وقت رسول الله رسول الله (صلى الله عليه وآله) والساعة من؟
فقال هشام هذا القاعد الذي تشد إليه الرحال ويخبرنا بأخبار السماء والأرض وراثة عن أب عن جد 6.
قال الشامي فكيف لي أن اعلم ذلك قال هشام سله عما بدا لك.
قال الشامي قطعت عذري فعليَّ السؤال.
فقال أبو عبد الله (عليه السلام) يا شامي أخبرك كيف كان سفرك، وكيف كان طريقك، كان كذا وكذا.
فاقبل الشامي يقول صدقت، أسلمت لله الساعة.
فقال أبو عبد الله (عليه السلام) بل آمنت بالله الساعة، ان الإسلام قبل الإيمان وعليه يتوارثون ويتناكحون والإيمان عليه يثابون.
فقال الشامي صدقت فأنا الساعة اشهد ان لا اله إلا الله وان محمداً رسول الله (صلى الله عليه وآله) وانك وصيُّ الأوصياء» 7.
وهذا المعنى للإمامة الذي ناظر من أجله هشام طفحت به أحاديث الأئمة (عليهم السلام).
روى الكليني عن داود الرقي عن العبد الصالح (عليه السلام) قال: «ان الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بإمام حتى يعرف» 8.
و روى أيضا عن عبد الله بن سليمان العامري عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ما زالت الأرض إلا ولله فيها الحجة يعرف الحلال والحرام ويدعو الناس إلى سبيل الله» 9.
وروى أيضا عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «سمعته يقول ان الأرض لا تخلو إلا وفيها إمام كي ما ان زاد المؤمنون شيئا ردَّهم وان نقصوا شيئا أتمَّه لهم» 10.
وروى أيضا عن بشير العطار قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «نحن قوم فرض الله طاعتنا 11 إيانا عنا خاصة، أمر جميع المؤمنين إلى يوم القيامة بطاعتنا. وفي تفسير فرات الكوفي عن الحسين انه سأل جعفر بن محمد (عليه السلام) عن قوله الله تعالى﴿ … أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ … ﴾12قال: أولي الفقه والعلم قلنا: أ خاص أم عام قال بل خاص لنا. وفيه أيضا عنه (عليه السلام) قال أولي الأمر في هذه الآية هم آل محمد (صلى الله عليه وآله)) ص 108 تحقيق محمد الكاظم ط1410 هج وفي الكافي ج 2 باب دعائم الإسلام ح 2 و ح 9 (ان الولاية التي أمر الله عز وجل بها ولاية آل محمد (صلى الله عليه وآله)ثم ذكر قوله تعالى﴿ … أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ … ﴾ 12) وفي أصول الكافي ج 1: 189 الحديث 16 عن الحسين بن علاء قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) الأوصياء طاعتهم مفترضة قال نعم هم الذين قال الله عز وجل﴿ … أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ … ﴾12وهم الذين قال الله عز وجل﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ 13 أقول: في ضوء هذه النصوص يتضح ان (اولي الامر) في الاية مصطلح خاص اريد به أوصياء الرسول الاثني عشر (عليه السلام) خاصة. وانتم تأتمون بمن لا يعذر الناس بجهالته» 14.
وروى الكليني أيضا عن صفوان بن يحيى قال قلت للرضا (عليه السلام) قد كنا نسألك قبل ان يهب الله لك أبا جعفر (عليه السلام) فكنت تقول يهب الله لي غلاما، فقد وهبه الله لك فاقر عيوننا، فلا أرانا إليه يومك، فان كان كون فإلى من؟
فأشار بيده إلى أبي جعفر (عليه السلام) وهو قائم بين يديه.
فقلت جعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين؟
فقال: «وما يضره من ذلك فقد قام عيسى (عليه السلام) بالحجة وهو ابن ثلاث سنين» 15 وفي نسخة إرشاد المفيد وأعلام الورى (ابن اقل من ثلاث سنين).
والإمامة بهذا المعنى عرضها القرآن الكريم للأنبياء السابقين قال تعالى﴿ وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾ 16
وقال تعالى﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ﴾ 17
فالإمام في كلا الآيتين هو الهادي إلى دين الله والحجة على خلقه بقوله وفعله وتقريره.
وفي ضوء ذلك يتضح:
ان الذي ذكرته الأحاديث النبوية من حصر الإمامة بعد النبي باثني عشر إنما هو منزلة خاصة لا يراد بها موقع الحكم وإجراء الحدود حسب بل أريد بها موقع من هو بمقام الرسول في كونه حجة لله تعالى في القول والفعل والتقرير وكون الحكم وإجراء الحدود من خصائصه في زمانه، وقد ألحقت أحاديث أخرى الزهراء (عليها السلام) بالأئمة فهي حجة في قولها وفعلها وتقريرها دون خصوصية الحكم.
وبواسطة هؤلاء الحجج حفظ الله شريعة نبيه من التحريف وصارت ميسرة لكل من أرادها.

مشيئة الله تعالى في آل محمد (صلى الله عليه وآله)

وقد يقال لِمَ حُصِر الحجج بعد النبي باثني عشر ولِمَ حُصر بأسرة النبي (صلى الله عليه وآله)؟
والجواب:
ان حصر حجج الله تعالى بعد نبيه الأكرم بأسرة النبي (صلى الله عليه وآله) وبعدد محدود منهم، وهم علي والزهراء والحسن والحسين وتسعة من ذرية الحسين (عليهم السلام)، نظير حصر حججه تعالى بعد نوح وإبراهيم ويعقوب وعمران في ذريتهم كما في قوله تعالى:﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ 18 وقوله:﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ 19
وقد شاءت حكمة الله تعالى ان يجعل في الحجج من بعد محمد (صلى الله عليه وآله) امرأة حجة وهي فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله) كما جعل بعد موسى امرأة حجة وهي مريم بنت عمران.
وشاءت حكمة الله تعالى أيضاً ان يجعل من ذرية فاطمة (عليها السلام) خاتم أوصياء محمد (صلى الله عليه وآله) وهو الحجة بن الحسن العسكري كما جعل من ذرية مريم (عليها السلام) من قبلُ حجته عيسى (عليه السلام) خاتم أصفيائه من آل عمران وبني إسرائيل.
بل شاءت حكمة الله تعالى ان يجعل المهدي من آل محمد(صلى الله عليه وآله) نظيرا لعيسى من آل عمران من ناحية الاختلاف في ولادته والامتحان بغيبته فقد اختلف بنو إسرائيل في ولادة المسيح بعد ان كانوا ينتظرونه جميعا للنصوص الثابتة عن أنبيائهم وفي كتبهم 20، فآمنت طائفة لما ولد وأنكرت طائفة ذلك إلى اليوم.
واختلف بنو إسماعيل (أمة محمد (صلى الله عليه وآله)) في ولادة المهدي المنتظر من ولد فاطمة (عليها السلام) بعد ان اخبر النبي (صلى الله عليه وآله) عنه وبشر به 21 فآمنت طائفة لما ولد سنة 255 هجـ، وهي لا تزال مؤمنة به إلى اليوم، وأنكرت طائفة ذلك إلى اليوم أيضا.
وامتُحن أنصار عيسى بغيبته، فمنهم من قال قتل، ومنهم من قال أنجاه الله من كيد الظالمين واتصل بخواص تلاميذه لفترة يوجههم ثم غيَّبه الله تعالى ليظهره آخر الزمان.
وكذلك امتحن شيعة المهدي (عليه السلام) بغيبته فمنهم / وهو قليل جدا وفي وقته / من قال انه مات في الغيبة 22، وقال الأغلب بحياته في غيبته الطويلة التي غاب فيها بعد غيبته 23 القصيرة وهم ينتظرون ظهوره ليحقق الله تعالى به وعده الذي وعده لنبيه الخاتم.
وشاءت حكمة الله أيضا ان يجعل في آل محمد (صلى الله عليه وآله) حجة لله في سن دون العاشرة من عمره وهو أبو جعفر محمد الجواد (عليه السلام) ليكون نظيرا ليحيى في آل عمران آتاه الله الحكم صبيا.
وشاءت حكمة الله ان يجعل أوصياء محمد (صلى الله عليه وآله) اثني عشر وان يجعل الثاني عشر منهم المهدي يحقق الله تعالى على يده وعده لنبيه محمد (صلى الله عليه وآله) ويرث المؤمنون برسالته الأرض كلها﴿ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ﴾ 24وان يكون ذلك نظيرا لأوصياء موسى الاثني عشر وما جعله على يد الثاني عشر من أوصيائه وهو داود من تحقق للوعد الذي وعده لموسى وبني إسرائيل من وراثة ارض فلسطين وما حولها.
وشاءت حكمة الله ان يجعل اغلب أوصياء محمد (صلى الله عليه وآله) من ذرية أخيه ووزيره وأول أوصيائه علي (عليه السلام) وان يكون ذلك نظيرا لما جعله الله تعالى من كون اغلب أوصياء موسى (عليه السلام) بعده في ذرية أخيه ووزيره هارون (عليه السلام) 25.
من له حق الحكم في الإسلام:
أما ما يتعلق بمسالة الحكم فان القانون الإسلامي قد أوجب على المسلمين إقامته إلى آخر الدنيا، ومن الطبيعي جداً ان لا يحدد عدد الحكام بعدد معين، وإنما الطبيعي هو ان تحدد مواصفات من له أهلية لإشغال هذا المنصب في المجتمع، وقد حدد القانون الإلهي ذلك صريحا في قوله تعالى﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ … ﴾ 26
والنظرية التي تطرحها الآية من وجود ثلاثة طبقات من العلماء بالكتاب الإلهي يبينون أحكامه وينفذونها في المجتمع، وهم النبيون ثم الربانيون ثم الأحبار، ليست خاصة بالتوراة بل تشمل كل كتاب إلهي تضمَّن الشريعة.
والمراد بالأحبار هم الفقهاء رواة أحاديث الأوصياء.
وفي ضوء الآية الكريمة يكون الذي له حق الحكم في المجتمع هو النبي ومن بعده الوصي ومن بعده الفقيه العادل الكفوء.
وقد وردت النصوص في القرآن والسنة تشير إلى وجود منزلة الربانيين والأحبار في أمة محمد (صلى الله عليه وآله).
روى المحدِّث البحراني في تفسيره البرهان عن العياشي عن أبي عمرو الزبيري عن أبى عبد الله (عليه السلام) قوله:
« ان مما استحقت به الإمامة التطهير والطهارة من الذنوب والمعاصي الموبِقة التي توجب النار، ثم العلم المكنون بجميع ما تحتاج إليه الأمة حلالها وحرامها والعلم بكتابها خاصه وعامه والمحكم والمتشابه ودقائق علمه وغرائب تأويله وناسخه ومنسوخه.
قلت: وما الحجة بأن الإمام لا يكون إلا عالما بهذه الأشياء التي ذكرت؟
قال: قول الله فيمن أذن لهم بالحكومة وجعلهم أهلها (انا أنزلنا التوراة فيها هدىونور يحكم بها النبيون الذين اسلموا للذين هادوا والربانيون) فهذه الأئمة دون الأنبياء الذين يؤتون الناس بعلمهم 27.
وأما (الأحبار) فهم العلماء دون الربانيين.
ثم اخبرنا فقال: (بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء) ولم يقل بما حملوا منه » 28.

شرح الرواية

قوله (عليه السلام): (ان مما استحقت به الإمامة التطهير… ثم العلم المكنون…).
العلم المكنون هو: العلم المخزون المصون عن الاختلاف، نظير قوله تعالى﴿ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ ﴾ 29
ومراده (عليه السلام) ان الإمامة الإلهية الخاصة تتقوم بأمرين:
الأول: الطهارة من الذنوب صغيرها وكبيرها.
الثاني: العلم بكل ما تحتاج إليه الأمة علما مصونا عن الخطأ والاختلاف.
وكلاهما فضل من الله يمنحه من يشاء من عباده.
قوله (عليه السلام): (قول الله فيمن أذن الله لهم بالحكومة وجعلهم أهلها).
يشير إلى ان الذين أذن الله لهم بالحكومة هم ثلاث فئات:
الفئة الأولى: النبيون.
الفئة الثانية: الربانيون.
الفئة الثالثة: الأحبار 30.
قوله (عليه السلام): (فهذه الأئمة دون الأنبياء).
يشير إلى ان الربانيين في الآية هم الأئمة الإلهيون، وهم العلماء أصحاب العلم المصون عن الخطأ المطهرون عن الذنوب 31 المنصوص عليهم الذين ورد ذكرهم في قوله تعالى﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ * وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ 32
ان الأئمة من بني إسرائيل من بعد موسى المشار اليهم فى الآية على قسمين:
الأول: أنبياء ورسل كداود وسليمان و زكريا ويحيى وعيسى.
الثاني: غير أنبياء ولكنهم علماء معصومون منصوص عليهم وهم آل هارون وطالوت 33 وصاحب سليمان 34. وغيرهم وهؤلاء هم الربانيون المشار إليهم في الآية 44 من سورة المائدة موضوع البحث ولهم نظائر في هذه الامة.
وقد قال الإمام الباقر (عليه السلام) في تفسيرها: «انها فينا نزلت» 35، ومراده (عليه السلام) انها نزلت لبيان مقامهم بواسطة ذكر نظائرهم في الأمم السابقة.
وتفسير الإمام الباقر (عليه السلام) هذا من باب البطن.
وقد وضَّح الإمام الباقر معنى (البطن) حين سأله الفضيل بن يسار عن الرواية التي تقول (ما في القرآن آية الا ولها ظهر وبطن) ما يعني بقوله لها ظهر وبطن قال: «ظهره تنزيله وبطنه تأويله».
وفي رواية مهران عن ابي جعفر (عليه السلام) أيضا قال: «ظهر القرآن الذين نزل فيهم وبطنه الذين عملوا مثل اعمالهم» 36.
قوله (عليه السلام): «ثم اخبر فقال (بما استحفظوا من كتاب الله..) ولم يقل بما حملوا منه»
إشارة منه (عليه السلام) إلى ان (الإستحفاظ) لا يراد به مجرد حمل العلم فقط، بل يراد به (حمل العلم وعدم تضييعه عمليا) وهذا المعنى صادق دائما مع النبيين والربانيين، أما مع غيرهم فقد يتخلف فيكون عالما بحدود الله ومضيعا لها عمليا.

مسألة الشورى

أما ما يتعلق بمسالة الشورى فان لها مجالات أربعة:
الأول: الشورى كطريق لمعرفة الحجة المعصوم بعد رسوله ولا شك هي غير صالحة لذلك.
الثاني: الشورى كطريق لتشخيص من هو الأصلح للحكم في زمن الحجج الاثني عشر الذين نص عليهم الرسول، ولا شك هي باطلة في هذا المورد كبطلانها في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إذ الحكم من خصائص حجة الله نبيا كان أو وصيا وعلى الأمة ان تبايعه وتبسط يده ولا تبايع غيره.
ومما لا شك فيه ان الشورى في هذين المجالين مما اجمع على رفضه الشيعة في كل عصورهم.
الثالث: الشورى كطريق لتشخيص من هو الأصلح للحكم من بين الفقهاء في فترة الغيبة الكبرى، وهذه المسألة لم تكن موضع بحث عند القدامى من علماء الشيعة لعدم ابتلائهم بها، أما المحدثون فقد ذهب قسم منهم ممن بحثها إلى القول بها 37.
الرابع: الشورى كممارسة من الحاكم في الشؤون التنفيذية العامة كما في كيفية الحرب وغيرها وهذه الشورى قد نص عليها القرآن الكريم في قوله تعالى﴿ … وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ 3839.
وفي ضوء ذلك يتضح ان قول القائل (ان الشيعة لا يؤمنون بالشورى والانتخاب) ليس صحيحا على إطلاقه بل لابد من مراعاة التفصيل الآنف الذكر.

مسألة البيعة

وهناك مسألة اخرى تجد الإشارة اليها هنا وهي مسألة البيعة، والذي يتبناه الشيعة فيها هو: أنَّ البيعة عهد شرعي على النصرة و اقامة الحكم لا تصح الا مع من تصح البيعة معه على ذلك 40 وهم: النبي ثم الوصي ثم الفقيه العادل في فترة الغيبة الكبرى.
روى الشيخ الطوسي في أماليه بسنده عن الرضا (عليه السلام) عن آبائه ان عليا (عليه السلام) قال:
« ان فلانا وفلانا (يريد ابابكر وعمر) أتياني وطالباني بالبيعة لمن سبيله ان يبايعني » 41.
قال الشيخ راضي آل ياسين (رحمهم الله):
« وانما على الناس ان يبايعوا من ارادته النصوص النبوية ولا تصحح الامامية بيعة غيره » 42.
وقال أيضا:
« لما كان الواجب على الناس ديناً الانقياد الى بيعة الامام المنصوص عليه كان الواجب على الإمام مع قيام الحجة بوجود الناصر قبول البيعة،…، ولا مجال للتخلف عن الواجب مع وجود شرطه » 43.
وقال الشهيد الصدر (رحمهم الله):
« ولا شك ان البيعة للقائد المعصوم واجبة لا يمكن التخلف عنها شرعا » 44.
وقال السيد محمود الهاشمي:
« الناس مكلفون بأن يقوموا بالقسط، وهم من اجل ذلك لا بد وان يبايعوا القائد المنصوب من قبل الله سبحانه وتعالى كي يهيئوا له فرصه إقامة القسط وهذه مسؤولية الأمة أيضا، اذ ان من اصول الفكر السياسي في الإسلام (البيعة) لولي الأمر المنصب من قبل المبدأ الأعلى او وليه بشكل خاص، او بالشكل العام ضمن الشروط والمواصفات المعينة المعروفة، كما يسمى عند الفقهاء بـ (القضية الحقيقية) ولا نقصد (بالبيعة) جانبها الشكلي او الصوري، وان كان ذلك أيضا محمودا ولازما، وإنما نقصد بها لزوم (الطاعة) لتمكين هذا القائد (الحاكم) من القيام بدوره القيادي في إقامة العدل والقسط بين الناس، ولكن لا يكون الا من خلال (المبايعة) واقرار (الطاعة) له » 45.
وقال السيد مرتضى العسكري:
« فالحاجة إلى البيعة هي تنفيذ الأحكام الإسلامية والإمام (عليه السلام) بحاجة الى من ينصره لتنفيذ الأحكام.. ولا يلزم من ذلك ان يتعاهد جميع الناس، اذ ان تعاهد مقدار من الناس بانهم يقومون بتنفيذ الأحكام الإسلامية يعتبر كافيا » 46.
وقال أيضا في سؤال وجه اليه عن رسائل اهل الكوفة هل يمكن اعتبارها بيعة قال:
« نعم، ولكن البيعة وقعت بعد ذهاب مسلم بن عقيل حيث يصدق على كتبهم قول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) (لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر)… فيجب عليه تلبية طلب جماعة من المسلمين.. وكذلك فان الكوفة كانت مركزا للجند كالشام مثلا فكان ارسالهم الكتب اليه يلزمه باجابة طلبهم وكان ملزما شرعا ان يجبيهم الى طلبهم » 47.
اقول: ومن الجدير ذكره ان هذه البيعة الواجبة مع المعصوم ليس دورها دور انشاء حق الحكم للمعصوم لان حقه في ذلك ثابت بالنص كما مر بيانه وانما دورها دور تمكينه وبسط يده.
قال السيد كاظم الحائري:
« ان المعصوم (عليه السلام) على رغم ان له ولاية الامر والحكومة بتشريع من قبل الله تعالى لم يكن من المقرر الهيا ان يرضخهم لما له من حق الحكومة بالاكراه الاعجازي، كما انه لا تجبر الامة على الاحكام الاخرى كالصلاة والصوم بالجبر الاعجازي والا لبطل الثواب والجزاء، لان الناس يصبحون مسيرين عن غير اختيار. بل كان من المقرر ان يصل المعصوم الى السلطة بالطرق الاعتيادية ومن الواضح الوصول الى السلطة بالطريق الاعتيادي وبغير الاعجاز ينحصر في وجود ناصرين له من البشر، فكان اخذ البيعة منهم لاجل التأكد من وجود ثلة كافية من الامة تعهدوا بنصر المعصوم والعمل معه في جهاده وسائر اموره الحكومية ولولاهم لعجز المعصوم حسب القوة البشرية ومن دون الاعجاز عن تحقيق السلطة والحكومة خارجا » 48.

الخلاصة

وخلاصة الجواب: ان الامر الذي حُصِرَ باثني عشر هو منزلة خاصة لا يرادبها موقع الحكم واجراء الحدود حسب، بل اريد بها منزلة الحجة على الخلق في القول والفعل والتقرير، والله تعالى اعلم حيث يجعل رسالته وحجته وفي أي اسرة وبأي عدد.
اما الحكم واجراء الحدود فهو من اختصاص هؤلاء الحجج في زمانهم وحضورهم ولا يجوز لاحد ان يمارسه الا بإذنهم اما في عصر الغيبة فقد اذن الائمة (عليه السلام) لفقهاء شيعتهم ورواة احكامهم ان يمارسوه وامروا شيعتهم بالرجوع اليهم للاحتكام اليهم والاخذ عنهم.
اما الشورى فقد تبين ان الذي رفضه الشيعة منها هو ما كان في قبال النص، اما ما كان في طوله وامتداده فليس كذلك.
اما البيعة على الحكم فالذي يراه الشيعة هو عدم صحتها مع من لا تصح معه شرعا وان الذي تصح معه بل تجب هو النبي ثم الوصي ثم الفقيه العادل في عصر الغيبة 49.

  • 1. ويترتب على هذه الإمامة ان الله تعالى لا يقبل عمل امرىء ما لم يكن موافقا في التفاصيل مع قول الحجة وفعله وتقريره ويترتب عليها الشفاعة أيضا، فشفاعة الرسول لا تنال إنسانا لا يقتدي بسنته، ويترتب على ذلك أيضا ان صاحب هذه المنزلة يؤيده الله تعالى بخوارق العادات يجريها على يديه حين يتوقف فتح طريق الهداية عليها.
  • 2. روى الكليني في الكافي ج1: 270 عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)يقول الأئمة بمنزلة رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا انهم ليسوا بأنبياء ولا يحل لهم من النساء ما يحل للنبي (صلى الله عليه وآله) فأما خلا ذلك فهم فيه بمنزلة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ».
  • 3. انظر كلام القاضي عبد الجبار في كتابه المغني الجزء المتم للعشرين ق1: 36، 39، 89 ـ90 حيث أشار إلى ان الشيعة ينظرون إلى أئمتهم كحجج لله تعالى، وانظر أيضا الشافي في الإمامة للسيد المرتضى ج 1: 309 ـ 310، والشيخ المفيد في كتابه الجمل ط. المؤتمر العالمي: 73 ـ 74 هـ. ش. والعلامة الحلي في كتابه أنوار الملكوت في شرح ياقوت الكلام لإبراهيم بن نوبخت ص 204.
  • 4. الأَوَدُ: العِوَج (لسان العرب).
  • 5. ادعى صاحب النشرة ان هشام بن الحكم كان يناظر من اجل الإمامة بمعنى الحكم بينما نصوص مناظراته كما يرى القارىء الكريم تدور حول من له مقام الرسول بكونه حجة في قوله وفعله وتقريره وكونه الفيصل في الاختلاف الفكري والفقهي.
  • 6. يشير قول هشام (رحمهم الله) هذا إلى ما اشتهر عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه كان يخبر بوقوع الملاحم استنادا إلى كتب آبائه (عليهم السلام) ومن ذلك ما اخبر عن مستقبل حركة الحسنيين في زمانه وانه لا يملك أحد منهم و ان ذلك مذكور عنده في كتاب فاطمة (عليها السلام) أصول الكافي 1: 242، وبصائر الدرجات: 169ـ170. وفي هذا الأخير عن معلى بن خنيس قال كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ اقبل محمد بن عبد الله بن الحسن فسلم ثم ذهب ورقَّ له أبو عبد الله ودمعت عينه فقلت له: لقد رأيتك صنعت به ما لم تكن تصنع قال (رققت له لأنه ينسب في أمر ليس له، لم أجده في كتاب علي من خلفاء هذه الأمة ولا ملوكها) وفي مقاتل الطالبيين ص 206 قال الصادق (عليه السلام) لعبد الله بن الحسن ان هذا الأمر ليس إليك ولا إلى ولديك وإنما هو لهذا / يعني السفاح / ثم لهذا / يعني المنصور / ثم لولده من بعده لا يزال فيهم حتى يؤمروا الصبيان ويشاوروا النساء. فقال عبد الله والله يا جعفر ما أطلعك الله على غيبه فقال الصادق (عليه السلام): لا والله ما حسدت ابنك وان هذا ـ يعني أبا جعفر يقتله على أحجار الزيت ثم يقتل أخاه بعده بالطفوف وقوائم فرسه بالماء. وقد اشتهر ذلك عن الإمام الصادق، انظر تاريخ الطبري (طبعة دار المعارف) 7: 598 وأيضا صفحة 600، ومقاتل الطالبين 347 وابن خلدون في مقدمته ج 1 ص 595 ومن الجدير ذكره ان علم الإمام بالمغيبات وغيرها لا ينحصر من خلال قراءة تلك الكتب الموروثة بل هو محدَّث من قبل الملائكة بإذن الله (الكافي ج 1: 270) هذا مضافا إلى كونه مؤيدا بروح القدس الذي به يعلم الإمام مادون العرش وما تحت الثرى (الكافي ج 1: 272).
  • 7. الكافي ج 1: ص171 الرواية 4.
  • 8. الكافي ج 1 ص 177.
  • 9. الكافي ج 1 ص 178.
  • 10. الكافي ج 1 ص178.
  • 11. روى الكليني في الكافي ج 1: 276 عن بريد قال، قال أبو جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ … ﴾ القران الكريم: سورة النساء (4)، الآية: 59، الصفحة: 87.
  • 12. a. b. c. القران الكريم: سورة النساء (4)، الآية: 59، الصفحة: 87.
  • 13. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 55، الصفحة: 117.
  • 14. الكافي ج 1 ص 186.
  • 15. الكافي ج 1 ص 321 الرواية رقم 10.
  • 16. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 124، الصفحة: 19.
  • 17. القران الكريم: سورة الأنبياء (21)، الآية: 73، الصفحة: 328.
  • 18. القران الكريم: سورة الحديد (57)، الآية: 26، الصفحة: 541.
  • 19. القران الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 33 و 34، الصفحة: 54.
  • 20. جاء في سفر اشعياء / وهو من أسفار الكتاب المقدس عند اليهود والنصارى / الإصحاح التاسع الفقرة 14 قوله (ولكن الرب نفسه يعطيكم آية. ها العذراء تحبل وتلد إبنا وتدعو اسمه عمانوئيل) وعما نوئيل لفظة عبرية معناها (الرب معنا) ومن الواضح ان النص يشير إلى مريم (عليها السلام) التي حملت من غير رجل وقد أيدها الله تعالى لما ولدت عيسى بان انطقه في المهد ليكون آية لأمه ولبني إسرائيل ومع ذلك فقد كذبت طائفة كبيرة من اليهود ذلك وأنكروا ولادة المسيح المنتظر من العذراء إلى اليوم.
  • 21. روى أبو داود في سننه عن أبي الطفيل عن علي (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: (لو لم يبق من الدهر إلا يوم، لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملؤها عدلا كما ملئت جورا) وفيه أيضا عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (المهدي من عترتي من ولد فاطمة.) ج 2 / 422 ط 1.
  • 22. وقد مر الكلام على هذا القول في الشبهة الأولى وقد ذكر الشيخ المفيد في الإرشاد والشيخ الطوسي في الغيبة أقوالا أخرى انقرض أصحابها.
  • 23. قال الفضل بن الحسن الطبرسي (رحمهم الله) في كتابه أعلام الورى ان أخبار الغيبة قد سبقت زمان الحجة بل زمان أبيه وجده وخلدها المحدِّثون من الشيعة في أصولهم المؤلفة أيام السيدين الباقر والصادق (عليه السلام) وآثروها عن النبي والأئمة واحدا بعد واحد… وليس يمكن أحدا دفع ذلك ومن جملة ثقاة المحدثين والمصنفين من الشيعة الحسن بن محبوب الزراد وقد صنف كتاب المشيخة الذي هو في أصول الشيعة اشهر من كتاب المزني وأمثاله قبل زمان الغيبة بأكثر من مائة سنة ومن جملة ما رواه عن إبراهيم الخارقي عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال: قلت له كان أبو جعفر (عليه السلام) يقول لقائم آل محمد غيبتان واحدة طويلة والأخرى صغيرة قال: فقال لي نعم يا أبا بصير إحداهما أطول من الأخرى ثم لا يكون ذلك (يعني ظهوره) حتى يختلف ولد فلان ويظهر السفياني ويشتد البلاء) ص 416. وروى الشيخ الصدوق في إكمال الدين عن سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري ومحمد بن يحيى العطار جميعا قالوا حدثنا احمد بن محمد بن عيسى وإبراهيم بن هاشم واحمد بن أبي عبد الله البرقي ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب جميعا قالوا حدثنا أبو علي الحسن بن محبوب السراد عن داود بن الحصين عن أبي بصير عن جعفر بن محمد عن آبائه (عليهم السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) المهدي من ولدي اسمه اسمي وكنيته كنيتي أشبه الناس بي خلقا وخلقا تكون له غيبة وحيرة حتى تضل الخلق عن أديانهم فعند ذلك يقبل كالشهاب الثاقب فيملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا) ص 287، البحار 51 صفحة 72.
  • 24. القران الكريم: سورة الأنبياء (21)، الآية: 105، الصفحة: 331.
  • 25. قضية التناظر بين آل محمد (صلى الله عليه وآله) وآل عمران وآل هارون والحجج الإلهيين في الأمم الماضية مسألة ملفتة للنظر جعلها الله تعالى من المعالم الهادية إلى حقانية حركة الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) وبخاصة بعد ان أصبحت حركتهم (عليه السلام) بما فيها غيبة المهدي عج واقعا تاريخيا ناجزا ثابتا تسهل مقارنته مع الواقع التاريخي لحركة الحجج في الأمم السابقة كما ذكرها القرآن الكريم والنصوص الموافقة له من أسفار التوراة والإنجيل المتداولة وقد درسنا ذلك مفصلا وأعددناه في كتاب خاص.
  • 26. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 44، الصفحة: 115.
  • 27. وفي نسخة (يربون الناس بعلمهم) والظاهر ان الصحيح هو(يؤُمُّون الناس)من التربيئ بمعند الإصلاح اى يصلحون الناس بعلمهم.
  • 28. تفسير البرهان تفسير الآية.
  • 29. القران الكريم: سورة الواقعة (56)، الآية: 77 و 78، الصفحة: 537.
  • 30. انظر تفصيل الاستدلال على ان الربانيين في الآية هم الأئمة (عليه السلام) في تفسير الآية عند العلامة الطباطبائي (رحمهم الله).
  • 31. ومن الجدير ذكره هنا هو ان الوصي فضلا عن الفقيه في عصر النبي (صلى الله عليه وآله)) ليس له ان يمارس الحكم إلا بإذن النبي (عليه السلام)، وكذلك الأمر مع الفقهاء في زمن حضور الأوصياء، أما زمان الغيبة الكبرى فقد أذن الأوصياء لفقهاء شيعتهم خاصة ان يمارسوا الحكم وأوجبوا على شيعتهم الرجوع إليهم والرضا بهم دون غيرهم وقد استدل الفقهاء على هذا الإذن بقول الإمام الصادق (عليه السلام) (اجعلوا بينكم رجلا قد عرف حلالنا وحرامنا فإني قد جعلته عليكم قاضيا وإياكم ان يخاصم بعضكم بعضا إلى السلطان الجائر (التهذيب للطوسي ج6 / 303) وقوله (عليه السلام) من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما فإني قد جعلته عليكم حاكما) (الكافي ج7 / 412، من لا يحضره الفقيهج3 / 5، التهذيب ج1 / 301، وسائل الشيعة18 / 98، والتوقيع الصادر عن الحجة بن الحسن العسكري (عليه السلام) (اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا فانهم حجتي عليكم وأنا حجة الله) إكمال الدين للصدوق ص483.
  • 32. القران الكريم: سورة السجدة (32)، الآية: 23 و 24، الصفحة: 417.
  • 33. قال تعالى:﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 248، الصفحة: 40.
  • 34. قال تعالى:﴿ قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَٰذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾القران الكريم: سورة النمل (27)، الآيات: 38 – 40، الصفحة: 380.
  • 35. تفسير العياشي ج 1: تفسير الآية 44 من سورة المائدة.
  • 36. البرهان ج 1: 20.
  • 37. حصر بعض الفقهاء المعاصرين حجية الترجيح بالانتخاب في فرض التشاح انظر كتاب ولاية الأمر في عصر الغيبة للسيد كاظم الحائري ص 314 فما بعدها. وذهب آخرون إلى عدم تقيدها بذلك الفرض انظر دراسات في ولاية الفقيه ج1 للشيخ المنتظري وكتاب الحكم الإسلامي بين النظرية والتطبيق للسيد محمد باقر الحكيم ص 108 ـ 109وكتاب ولاية الأمر للشيخ الآصفي.
  • 38. القران الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 159، الصفحة: 71.
  • 39. انظر الإسلام يقود الحياة للشهيد الصدر رح ص 162.
  • 40. قال السيد مرتضى العسكري: (تنعقد البيعة في الإسلام اذا توفرت فيها الشروط الثلاثة التالية: أ ـ ان يكون المبايِـع ممن تصِح منه البيعة ويبايِـع مختارا. ب ـ ان يكون المبايَع له ممن تصِح مبايعته. ج ـ ان تكون البيعة لأمر يصِح القيام به. وعلى ما بينا لا تصِح البيعة من صبي او مجنون لانهما غير مكلفين بالاحكام في الإسلام ولا تنعقد بيعة المكره لان البيعة مثل البيع فكما لا ينعقد البيع بأخذ المال من صاحبه قهرا ودفع الثمن له كذلك البيعة لا تنعقد بأخذها بالجبر وفي ظل السيف. وكذلك لا تصِح البيعة للمتجاهر بالمعصية ولا تصِح البيعة للقيام بمعصية الله. اذن فالبيعة مصطلح إسلامي ولها أحكامها في الشرع الإسلامي) معالم المدرستين ط 4 ج 1 ص 206.
  • 41. البحار ج 28: 248. وقريب منه ما رواه ابن أبي الحديد في شرح النهج 2: 2 ـ 5 « لما قيل لعلي (عليه السلام) بايع قال لهم أنا أحق بهذا الأمر منكم لا أبايعكم وانتم أولى بالبيعة لي… ».
  • 42. صلح الحسن ص 54.
  • 43. صلح الحسن ص 60.
  • 44. الاسلام يقود الحياة ص 162.
  • 45. مصدر التشريع ونظام الحكم في الإسلام ص 102.
  • 46. صحيفة الجهاد العدد (700) 1995.
  • 47. الجهاد العدد (700) 1995.
  • 48. رسالة الثقلين العدد 12 مغزى البيعة مع المعصومين.
  • 49. شبهات و ردود: الحلقة الثانية: الرد على الشبهات التي أثارتها نشرة الشورى – وهي نشرة تابعة لأحمد الكاتب – حول النص على الإمام علي (ع): الفصل الأول.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى