محاسن الكلام

(٢){شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَىٰ وَ الْفُرْقَانِ… (١٨٥)} البقرة

المعنى : شَهْرُ رَمَضٰانَ اَلَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ اَلْقُرْآنُ‌ روي عن حفص بن غياث عن أبي عبداللّه عليه السّلام قال سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ‌: شَهْرُ رَمَضٰانَ اَلَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ‌ اَلْقُرْآنُ‌ و إنّما أنزل فى عشرين سنة بين أوّله و آخره‌؟فقال أبو عبداللّه عليه السّلام: «نزل القرآن جملة واحدة فى شهر رمضان إلى البيت المعمور ثمّ نزل من البيت المعمور فى طول عشرين سنة»،ثمّ قال:قال النبىّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم:«نزلت صحف إبراهيم فى أوّل ليلة من شهر رمضان و أنزلت التوراة لستّ مضين من شهر رمضان و أنزلت الإنجيل لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر رمضان و أنزل الزبور لثمان عشرة خلون و أنزل القرآن فى ثلاث و عشرين من شهر رمضان.» فنزول القرآن جملة واحدة فى شهر رمضان ممّا لا ريب فيه كما أنّه لا ريب في أنّ هذه النزول كان فى ليلة القدر لقوله تعالى: إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ و قوله: حم وَ اَلْكِتٰابِ اَلْمُبِينِ إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبٰارَكَةٍ‌ و مهبط الآيات فى هذا النزول الجمليّ الدفعيٍ قلب الشريف النبويّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم قال تعالى: قُلْ مَنْ كٰانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ اَللّٰهِ مُصَدِّقاً لِمٰا بَيْنَ يَدَيْهِ وَ هُدىً وَ بُشْرىٰ‌ لِلْمُؤْمِنِينَ‌ و هذا النزول نزول نوريّ مجرّد عن شوائب المادّة و متعلّقاتها كالحركة و مقدارها؛فالإخبار عن وقوع الحوادث فى القرآن المنزل جملة واحدة كوقوعها فى العلم الأزلي الإلهي المحيط بما كان و ما يكون،و أما تنزيل القرآن نجوما و على مكث و على التفريق و التفصيل و التدريج،كما فى قوله تعالى: وَ قُرْآناً فَرَقْنٰاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى اَلنّٰاسِ عَلىٰ مُكْثٍ وَ نَزَّلْنٰاهُ تَنْزِيلاً ، فهو بحسب الوقايع و الحوادث و بمقتضى التعليم و التزكية و بتبع قرائة اللّه تعالى على النبي الأكرم؛صلى اللّه عليه و آله و سلّم كما قال تعالى: لاٰ تُحَرِّكْ بِهِ لِسٰانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنٰا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ فَإِذٰا قَرَأْنٰاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ‌ قوله: هُدىً لِلنّٰاسِ وَ بَيِّنٰاتٍ مِنَ‌ اَلْهُدىٰ وَ اَلْفُرْقٰانِ‌ لا يبعد أن تكون هذه الفقرة من الآية الكريمة إشارة إلى مراتب هداية القرآن : المرتبة الأولى عامّة لجميع الناس المشار إليها بقوله: هُدىً‌ لِلنّٰاسِ‌ كما قال: هٰذٰا بَيٰانٌ لِلنّٰاسِ‌ و مقتضى الجمع بين الآيتين أنّ بيان القرآن بيان الهداية،و المرتبة الثانية،المشار إليها بقوله: وَ بَيِّنٰاتٍ مِنَ‌ اَلْهُدىٰ‌ ،لأهل العلم كما قال تعالى: وَ تِلْكَ اَلْأَمْثٰالُ نَضْرِبُهٰا لِلنّٰاسِ وَ مٰا يَعْقِلُهٰا إِلاَّ اَلْعٰالِمُونَ‌ و المرتبة الثالثة المشار إليها بقوله: وَ اَلْفُرْقٰانِ‌ ،لأهل التقوى كما قال: يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اَللّٰهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقٰاناً ؛ فنصيب أهل العلم بيّنات من الهدى و نصيب أهل التقوى بيّنات من الفرقان.

البشرى في معاني القرآن (شهاب الدين ذوفقاري، الجزء ٢ الصفحة ١٦٥ )
__

استقبال شهر رمضان
مدرسةأهل البيت
اللهم عجل لوليك_الفرج
محاسن_الكلام

للانضمام إلى مجتمعنا على الواتس اب:
https://chat.whatsapp.com/HQ5StBT435DGhOlHxy1VhT

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى