
و قوله: « تِلْكَ اَلدّٰارُ اَلْآخِرَةُ » الإشارة إليها بلفظ البعيد للدلالة على شرفها و بهائها و علو مكانتها و هو الشاهد على أن المراد بها الدار الآخرة السعيدة و لذا فسرورها بالجنة.
و قوله: « نَجْعَلُهٰا لِلَّذِينَ لاٰ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي اَلْأَرْضِ وَ لاٰ فَسٰاداً » أي نختصها بهم و إرادة العلو هو الاستعلاء و الاستكبار على عباد الله و إرادة الفساد فيها ابتغاء معاصي الله تعالى فإن الله بنى شرائعه التي هي تكاليف للإنسان على مقتضيات فطرته و خلقته و لا تقتضي فطرته إلا ما يوافق النظام الأحسن الجاري في الحياة الإنسانية الأرضية فكل معصية تقضي إلى فساد في الأرض بلا واسطة أو بواسطة، قال تعالى: «ظَهَرَ اَلْفَسٰادُ فِي اَلْبَرِّ وَ اَلْبَحْرِ بِمٰا كَسَبَتْ أَيْدِي اَلنّٰاسِ» : الروم: ٤١.
و من هنا ظهر أن إرادة العلو من مصاديق إرادة الفساد و إنما أفردت و خصت بالذكر اعتناء بأمرها، و محصل المعنى: تلك الدار الآخرة السعيدة تخصها بالذين لا يريدون فسادا في الأرض بالعلو على عباد الله و لا بأي معصية أخرى.
و الآية عامة يخصصها قوله تعالى: «إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبٰائِرَ مٰا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئٰاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً» : النساء: ٣١.
و قوله: « وَ اَلْعٰاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ » أي العاقبة المحمودة الجميلة و هي الدار الآخرة السعيدة أو العاقبة السعيدة في الدنيا و الآخرة لكن سياق الآيتين يؤيد الأول.
الميزان في تفسير القرآن (سيد محمد حسین طباطبائي، الجزء ١٦، الصفحة ٨١)
__
مدرسةأهل البيت
اللهم عجل لوليك_الفرج
محاسن_الكلام
للانضمام إلى مجتمعنا على الواتس اب:
https://chat.whatsapp.com/HQ5StBT435DGhOlHxy1VhT