ذُكر في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : و ما أقول في رجل تحبه أهل الذمة على تكذيبهم بالنبوة، و تعظمه الفلاسفة على معاندتهم لأهل الملة، و تصور ملوك الفرنج و الروم صورته في بيعها و بيوت عباداتها، و تصور ملوك الترك و الديلم صورته على أسيافها، و ما أقول في رجل أقرَّ له أعداؤه و خصومه بالفضل، و لم يمكنهم جحد مناقبه و لا كتمان فضائله، فقد علمت أنه استولى بنو أمية على سلطان الإسلام في شرق الأرض و غربها، و اجتهدوا بكل حيلة في إطفاء نوره و التحريف عليه و وضع المعايب و المثالب له، و لعنوه على جميع المنابر، و توعدوا مادحيه بل حبسوهم و قتلوهم ، و منعوا من رواية حديث يتضمن له فضيلة أو يرفع له ذكراً، حتى حظروا أن يسمى أحد باسمه، فما زاده ذلك إلا رفعة و سمواً، و كان كالمسك كلما ستر انتشر عرفه، و كلما كتم يتضوع نشره، و كالشمس لا تستر بالراح، و كضوء النهار إن حجبت عنه عينا واحدة أدركته عيون كثيرة، و ما أقول في رجل تُعزى إليه كل فضيلة، و تنتهي إليه كل فرقة، و تتجاذبه كل طائفة، فهو رئيس الفضائل و ينبوعها و أبو عذرها 1 .
- 1. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 1/ 17.