الباحث: محمد حمزة عباس
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أبي القاسم محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين . . .
وبعد . . .
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (أربعة لا ترد لهم دعوة: الإمام العادل لرعيته، والوالد البار لولده، والولد البار لوالده، والمظلوم، يقول الله عز اسمه: وعزتي وجلالي لأنتصرن لك ولو بعد حين)[1].
يبين لنا أمير المؤمنين (عليه السلام) من يستجاب دعائه في هذا الحديث الشريف، وقد قسمهم إلى مراتب أربع هي:
أولاً : الإمام العادل
أحب شيء الى الله العدل والانصاف بين الناس، وسبحانه وتعالى بين أهمية العدل عبر رسالاته إلى أنبيائه، فقد طبقوا تعاليم العدل الإلهية، ومن بعدهم أئمتهم، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (السنة سنتان: من نبي أو من إمام عادل)[2].
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (أَفْضَلَ عِبَادِ الله عِنْدَ الله إِمَامٌ عَادِلٌ، هُدِيَ وهَدَى فَأَقَامَ سُنَّةً مَعْلُومَةً، وأَمَاتَ بِدْعَةً مَجْهُولَةً)[3].
فإقامة الحدود ونشر العدل في الأرض من أفضل الأعمال الى الله لذا لا يرد الله جل اسمه دعاء الإمام العادل.
ثانياً: الوالد البار لولده:
حينما يرى الله سبحانه أباً يبر ولده ويتلطف عليه لا شك أنه سيرضى عنه ويشمله بلطفه لأن من رحم صغيرا سيرحمه الله، وسبحانه رحيم يحب الرحمة، قال (عليه السلام) (ثلاث دعوات لا يحجبن عن الله تعالى : دعاء الوالد لولده إذا بره، ودعوته عليه إذا عقه، ودعاء المظلوم على ظالم، ودعاؤه لمن انتصر له منه، ورجل مؤمن دعا لأخ له مؤمن واساه فينا، ودعاؤه عليه إذا لم يواسه مع القدرة عليه واضطرار أخيه إليه).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إياكم ودعوة الوالد، فإنها أحد من السيف).
فالمربي كالمجاهد وسبحانه وتعالى يقدر ذلك التعب لذا لم يحجب سبحانه دعاء الوالد لولده.
ثالثاً: الولد البار لوالده:
إن من يطع والديه فقد أطاع الله ومن أطاع الله أعطاه سبحانه كل شيء قال تعالى {وبالوالدين احسانا}([4])، فرد الجميل والإحسان بالوالدين من أحب الأعمال الى الله.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (دعاء أطفال أمتي مستجاب ما لم يقارفوا الذنوب).
ونفهم من هذه الرواية أن الذنوب تمنع استجابة الدعاء فلا بد من تجنبها كي لا يحجب الدعاء.
رابعاً: دعاء المظلوم
الظلم ظلمات في الدنيا والاخرة وسبحانه لا يحب الظلم قال تعالى {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}[5]. وقد لعن سبحانه الظالمين بقوله: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}[6].
فحينما يصل الإنسان الى اللعن فهذه من أسوء الأمور وأشدها فالحذر الحذر من ظلم العباد.
قال الإمام علي (عليه السلام): (أَلَا وإِنَّ الظُّلْمَ ثَلَاثَةٌ: فَظُلْمٌ لَا يُغْفَرُ وظُلْمٌ لَا يُتْرَكُ، وظُلْمٌ مَغْفُورٌ لَا يُطْلَبُ – الى أن قال – وأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي لَا يُتْرَكُ، فَظُلْمُ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ بَعْضاً، الْقِصَاصُ هُنَاكَ شَدِيدٌ لَيْسَ هُوَ جَرْحاً بِاْلمُدَى، ولَا ضَرْباً بِالسِّيَاطِ ولَكِنَّه مَا يُسْتَصْغَرُ ذَلِكَ مَعَه)[7].
وسبحانه وتعالى ينتقم للمظلوم وإن كان كافرا، فعن النبي (صلى الله عليه وآله): أنه قال: (اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافرا، فإنه ليس دونه حجاب)[8].
فالحجاب مرفوع عن المظلوم قال الإمام الصادق (. . . إِيَّاكُمْ أَنْ تُعِينُوا عَلَى مُسْلِمٍ مَظْلُومٍ فَيَدْعُوَ الله عَلَيْكُمْ ويُسْتَجَابَ لَه فِيكُمْ فَإِنَّ أَبَانَا رَسُولَ الله ( صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ) كَانَ يَقُولُ إِنَّ دَعْوَةَ الْمُسْلِمِ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ)[9].
وقال (صلوات الله وسلامه عليه): (اتقوا دعوة المظلوم، فإنما يسأل الله تعالى حقه، وإن الله تعالى لم يمنع ذا حق حقه)[10].
وفي الختام نسأل الله ان يتقبل منا دعوانا وأن لا يحجب بيننا وبين حوائجنا شيء.
الهوامش:
[1] – ميزان الحكمة، محمد الريشهري: 2 / 883.
[2] – المصدر نفسه: 2 / 1371.
[3] – نهج البلاغة: 164 ومن كلام له (عليه السلام) لما اجتمع الناس شكوا ما نقموه على عثمان وسألوه مخاطبته لهم واستعتابه: 234.
[4])) سورة البقرة: 83.
[5] – سورة آل عمران: 140.
[6] – هود: 18.
[7] – نهج البلاغة، الخطبة: 176، ص255.
[8] – كنز العمال: 3 / 500.
[9] – الكافي: 8 / 9.
[10] – كنز العمال: 3 / 499.
المصدر: http://inahj.org