الرزية هي المصيبة العظيمة، و رزية الخميس أو رزية يوم الخميس هي المصيبة العظيمة و الخسارة الكبرى التي حلت بالأمة الإسلامية بل و بالبشرية، و سببت ضياعاً لحقوق المسلمين و القيم الانسانية.
و هذه الحادثة الأليمة حدثت قبيل وفاة سيد المرسلين و خاتم الانبياء محمد المصطفى صلى الله عليه و آله بأيام عديدة في منزل النبي صلى الله عليه السلام.
و اليك قصة رزية الخميس كما ذكرها البخاري في صحيحه عن ابن عبّاس، قال: يوم الخميس و ما يوم الخميس؟ ثمّ بكى حتّى خضّب دمعه الحصباء، فقال: اشتدّ برسول الله (صلى الله عليه و آله) وجعه يوم الخميس، فقال: ” إئتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً، فتنازعوا، و لا ينبغي عند نبيّ التنازع، فقالوا: أهجر رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟، قال: “دعوني فالذي أنا فيه خيرٌ ممّا تدعوني إليه” 1.
و لقد صرحت كتب الحديث و التاريخ أن الذي نسب الهجر إلى رسول الله صلى الله عليه و آله هو عمر بن الخطاب، حيث روى البخاري في صحيحه قال عمر : أن النبي (صلى الله عليه و آله) غلبه الوجع و عندنا كتاب الله حسبنا، فاختلفوا و كثر اللغط ، قال: قوموا عني و لا ينبغي عندي التنازع.
فخرج ابن عباس، يقول : إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله (صلى الله عليه و آله) و بين كتابه 2.
و يمكن معرفة جسامة هذه الرزية و المصيبة و الخسارة العظمى من خلال التمعن في ما ترتبت عليه هذه الحادثة الاليمة من الآثار الخطيرة، و نحن نشير إلى أهمها كالتالي:
- التجاسر على النبي المصطفى صلى الله عليه و آله و رميه بالهجر و الهذيان بمحضر منه و بمحضر جمع من الصحابة دون أدنى خجل و حياء، و هو الذي قال فيه الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ﴾ 3.
- مخالفة أمر رسول الله صلى الله عليه و آله و مخالفة أمر الله عَزَّ و جَلَّ بإتباع النبي صلى الله عليه و آله، قال الله تعالى: ﴿ … وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ 4.
- منع النبي صلى الله عليه و آله من كتابة الكتاب الذي لو كُتب كان أماناً من الضلال و الانحراف و لما تفرقت الامة الإسلامية على ثلاث و سبعين فرقة تكفر بعض هذه الفرق غيرها من الفرق و تستحل بعضها دم بعضاً منها، و كل فرقة تدعي أنها هي الفرقة المحقة و المقصودة بالفرقة الناجية!.
فحقاً كانت هذه الحادثة الأليمة رزية عظيمة و خسارة كبرى و معصية بيَّنة لا تغفر.
- 1. صحيح البخاري : 4 / 31، باب دعاء النبي (صلى الله عليه و آله) ; لاحظ أيضاً صحيح البخاري: 1 / 37، 4 / 66، 5 / 137، 7 / 9، 8 / 161 ; صحيح مسلم: 5 / 75.
- 2. صحيح البخاري-كتاب العلم-باب كتابة العلم الجزء: (1) – رقم الصفحة: (36 / 37).
- 3. القران الكريم: سورة النجم (53)، الآية: 3 و 4، الصفحة: 526.
- 4. القران الكريم: سورة الحشر (59)، الآية: 7، الصفحة: 546.