البَاحِث: سَلَام مَكِّيّ خضَيّر الطَّائِي.
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصَّلَاة والسَّلَام على أشرف الخلقِ والمرسلين، أبي القاسم مُحَمَّد وآله الغرّ الميامين والطَّيِّبين الطَّاهرين، واللّعن الدَّائم على أعدائِهم ومبغضيهم وناكري مكانتهم ومغتصبي حقّهم إلى قيامِ يومِ الدِّين.
أمَّا بعد…
فإنَّ هناك العديد من الأخلاق التي نهى عنها وحاربها الدِّين الإسلامي، ومنها: (الحِقْدُ)، فالحِقْد والضَّغِينة، من الأخلاق السَّيّئة، والذي تتوفّر فيه هذه الخصلة يكون ضعيف الايمان؛ إذ ُبني الإسلام على المحبَّة والتَّسامح والألفة لا على الحُقدِ والكره وغيره.
فالحقد هو نتاج ضعف الإيمان وعدم التَّحلِّي بالأخلاق الإسلاميَّة، فهذا ممَّا يؤثر على نفسية الفرد ممَّا يجعله يتألَّم من الوضع الذي فيه، ويحمل في داخله على أخيه المسلم المؤمن حقدًا وكرهًا وضغينة، فهذا الكلام يؤكّده لنا ما رُوي عن أمير المُؤمنين عَلِيّ بن أبي طالب (عليه السَّلَام)، إذ إنَّه قال: (الحِقْدُ آلَامُ العُيُوبِ)[1].
وأيضًا إنَّه خلقٌ وصفةٌ دنيئة، بعيدة كلّ البُعد عن الأخلاق التي جاء بها الدِّين الإسلامي، وما زال الحقد ليس من الأخلاق الإسلاميَّة، فلا يأمن من كان حاملًا في داخله الحقد من أنَّه يفعل ما يدور وينفذ في داخله من أشياء دنيئة، فروي عن الإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام)، أنَّه قال: (الحقدُ خُلقٌ دنيٌّ وعرضٌ مُرْدي)[2]، وإنَّه أيضاً داء ومرض، وهذا الدّاَء يجب محاربته قبل فوات الأوان، والقضاء عليه قبل انتشاره بقوّة الإيمان والتَّحلِّي بالأخلاق الإسلامية الحميدة، فقول الإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام)، الذي رُويَ عنه يؤكّد على أنَّه داء ومرض، إذ إنَّه قال (عليه السَّلَام): (الحِقْدُ داءٌ دويٌّ، ومَرَضٌ مُوبيّ)[3]، وهو من العوامل المساعدة التي تساعد الفرد على الإثارة والغضب ممَّا يؤدِّي إلى حدوث المشاكل التي تؤدي إلى زرع التّفرقة بين الأفراد في المجتمع الواحد، فروي عن إمام الموحّدين (عليه السَّلَام)، إنَّه قال: (الِحقْدُ مَثَار الغَضَبِ)[4].
وهو من طبائع الأفراد الذين يحملون في جوفهم الخصال الرَّديئة والنّوايا الشريرة، والذين لا يتمنّون لأقرانهم الخير والسَّعادة، فقال الإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام): (الحِقْدُ مِنْ طبائع الأشرارِ)[5]، فهو يكون كالنَّار في قلبِ حامله على الآخرين، ولا تنطفئ هذه النَّار، فروي عن الإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام)، إنَّه قال: (الحِقْدُ نارٌ كامنة لا تنطفئ إلَّا بالظَّفر)[6]، ويحدث (الحِقْدُ) كما اسلفنا آنفًا لضعف إيمان الفرد بالله تعالى، فيصبح هذا الشَّخص الحقود معذّبًا نفسيًّا ومهمومًا، فروي عن الإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام)، إنَّه قال: (الحَقُودُ مُعَذَّبُ النَّفسِ متضَاعِفُ الهمِّ)[7].
فيجب على الفرد أن يكون متحلّيًا بالإيمان وأن يبتعد عن هذه الصّفة المنبوذة غير المحبَّبة في الدِّين الإسلامي، ويجب على الفرد أيضاً أن يكون متَّعايشًا تعايشًا سلميًّا، وأن لا يكون في قلبه حقد على أخيه المؤمن المسلم.
وفي ختام موضوعنا، نسأل الله تعالى أن لا نكون من الحاقدين المبغضين، والحمدُ لله ربِّ العالمين والصَّلَاة والسَّلَام على أشرف الأنبياء والمُرسلين أبي القاسم مُحَمَّد وآله الطَّيِّبين الطَّاهرين، واللَّعن الدَّائم على أعدائهم ومبغضيهم وناكري مكانتهم ومغتصبي حقِّهم ما بقيت وبقي الليل والنَّهار إلى قيامِ يومِ الدِّين.
الهوامش:
[1] غُرر الحكم ودُرر الكَلِم، لِعبد الواحد الآمدي التّميمي: 131.
[2] عُيون الحكم والمواعظ، لعليّ بن مُحمَّد الليثي الواسطي: 48.
[3] غُرر الحكم ودُرر الكَلِم، لِعبد الواحد الآمدي التّميمي: 131.
[4] ميزان الحكمة، لمُحمَّد الرِّشهري: 1/648.
[5] عُيون الحكم والمواعظ، لعليّ بن مُحمَّد الليثي الواسطي: 66.
[6] غُرر الحكم ودُرر الكَلِم، لِعبد الواحد الآمدي التّميمي: 131.
[7] المصدر نفسه: 131.
المصدر: http://inahj.org