نص الشبهة:
لماذا يقام العزاء للحسين كل سنة؟ مع أنه قتل في سبيل الله؟ ولماذا لا يقام العزاء لغيره ممن هو أفضل منه كالرسول؟
الجواب:
أما قتله صلوات الله عليه في سبيل الله فهذا ما لا يستطيع أن ينكره إلا مكابر، وهذا لا يبرر عدم البكاء والحزن عليه، فقد تقدم في جواب سابق استحباب البكاء عليه سلام الله عليه.
وأما كونه في كل سنة فما هو الإشكال فيه؟ لقد ذكرنا أن ما ورد في جواز بل استحباب البكاء عليه ليست محدودة بزمان دون غيره. بل الفوائد المترتبة على المأتم الحسيني، وذكر الإمام الحسين عليه السلام، من استثارة العزائم في وجه الظالمين، ومن تذكير المؤمنين بمسؤوليتهم تجاه الدين، وما إلى ذلك من فوائد المنبر والمأتم الحسيني (وقد نتطرق إليها في موضع آخر) إن كل ذلك يستوجب أن يكون تجديد العزاء ـ لفوائده ـ بنحو دائم، ولعل هذه الجهات هي التي تدعو أهل البيت عليهم السلام إلى جعل المنبر والمأتم الحسيني مما ينطبق عليه إحياء الأمر.
وأما أنه لماذا لا يقام ذلك للرسول ويقام للحسين؟ فلجهات:
ـ منها أن الحديث عن الحسين عليه السلام، إنما يتم باعتباره امتدادا للرسول، وناصرا لشريعته، ومقتبسا من نوره، ولهذا فالحديث عن الحسين حديث عن جده المصطفى صلى الله عليه وعلى آله. بل تشير بعض الروايات ويساعدها الاعتبار على أن الحسين عليه السلام كان في وقته بمثابة مجمع خصال النبوة والإمامة، وأن التجسيد الكامل للرسول صلى الله عليه وآله، وأمير المؤمنين، والزهراء والحسن عليهم السلام كان قد تمحض في الحسين عليه السلام. كما تشير إليه رواية عبد الله بن الفضل الهاشمي التي رواها الشيخ الصدوق في العلل قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: يا بن رسول الله كيف صار يوم عاشورا يوم مصيبة وغم وحزن وبكاء دون اليوم الذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وآله، واليوم الذي ماتت فيه فاطمة، واليوم الذي قتل فيه أمير المؤمنين عليه السلام، واليوم الذي قتل فيه الحسن بالسم ؟ فقال: إن يوم الحسين أعظم مصيبة من جميع سائر الأيام، وذلك أن أصحاب الكساء الذين كانوا أكرم الخلق على الله عز وجل كانوا خمسة، فلما مضى عنهم النبي صلى الله عليه وآله بقي أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين فيهم للناس عزاء و سلوة، فلما مضت فاطمة كان في أمير المؤمنين والحسن والحسين للناس عزاء و سلوة، فلما مضى أمير المؤمنين (عليه السلام) كان للناس في الحسن والحسين عزاء و سلوة فلما مضى الحسن كان للناس في الحسين عزاء و سلوة، فلما قتل الحسين لم يكن بقي من أصحاب الكساء أحد للناس فيه بعده عزاء و سلوة، فكان ذهابه كذهاب جميعهم كما كان بقاؤه كبقاء جميعهم، فلذلك صار يومه أعظم الأيام مصيبة 1.
هذا مع العلم أن العزاء على سيد المرسلين وخير الكائنات محمد صلى الله عليه وآله والبكاء عليه، وإقامة ذكره في كل عام في الوسط التابع لأهل البيت عليهم السلام هو أمر قائم، في مناسبة التحاقه بربه في يوم الثامن والعشرين من شهر صفر. وإنما ينبغي توجيه السؤال لمن لا يقيم ذلك لا بالنسبة للحسين ولا لجده المصطفى!! 2