اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ رَسُولِ رَبِّ الْعالَمينَ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ فاطِمَةَ الزَّهْراءِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا حَبيبَ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا صِفْوَةَ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَمينَ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا صِراطَ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا بَيانَ حُكْمِ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا ناصِرَ دينِ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا السَّيِدُ الزَّكِيُّ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الْبَرُّ الْوَفِيُّ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الْقائِمُ الاَْمينُ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الْعالِمُ بِالتَّأْويلِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الْهادِي الْمَهْديُّ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الطّاهِرُ الزَّكِيُّ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا التَّقِيُّ النَّقِيُّ السَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الْحَقُّ الْحَقيقُ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الشَّهيدُ الصِّدّيقُ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَبا مُحَمَّد الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَ رَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ
ولادته المباركة :
ولد الإمام الحسن (ع) في السنة الثالثة للهجرة في ليلة الثلاثاء , ليلة النصف من شهر رمضان المبارك , على المشهور , وقيل ولد في السنة الثانية . اسمه الشريف الحسن و في التوراة ( شبًر ) لأن شبًر في اللغة العبرية بمعنى الحسن , و كان اسم أكبر ولد هارون النبي أيضا شبًر و كنيتة الشريفة أبو محمد و ألقابه الكريمة ( السيد و السبط و الامين و الحجة و البر و النقي و الزكي و المجتبى و الزاهد ) .
صفاته الجسمانية
و روي أيضا عن الإمام علي (ع) قال : أشبه الحسن رسول الله صلى الله عليه واله ما بين الصدر إلى الرأس والحسين أشبه النبي صلى الله عليه واله ما كان أسف من ذلك .
و روي الشيخ الجليل علي بن عيسى الأبلي في كشف الغمة إنه : كان الحسن بن علي عليهما السلام أبيض مشربا حمرة ، أدعج العينين ، سهل الخدين ، دقيق المسربة كث اللحية ، ذا وفرة ، وكأن عنقه إبريق فضة ، عظيم الكراديس ، وبعيد ما بين المنكبين ، ربعة ليس بالطويل ولا القصير ، مليحا من أحسن الناس وجها ، وكان يخضب بالسواد ، وكان جعد الشعر ، حسن البدن.
صفاته الأخلاقية
قال الرسول الأكرم محمّد (صلّى الله عليه وآله) : (( أمّا الحسن فله هيبتي وسؤددي )) , وقال أيضاً عنه وعن أخيه الحسين (عليهما السّلام) : (( مَن أحب الحسن والحسين أحببته , ومن أحببته أحبّه الله , ومن أبغضهما أبغضته , ومن أبغضته أبغضه الله ))
قال الصادق عليه السلام : حدثني أبي ، عن أبيه عليهما السلام أن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام كان أعبد الناس في زمانه وأزهدهم وأفضلهم و كان إذا حج حج ماشيا وربما مشى حافا وكان إذا ذكر الموت بكى وإذا ذكر القبر بكى ، وإذا ذكر البعث والنشور بكى ، وإذا ذكر الممر على الصراط بكى وإذا ذكر العرض على الله تعالى ذكره شهق شهقة يغشى عليه منها ، وكان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربه عزوجل ، وكان إذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم ، وسأل الله الجنة وتعوذ به من النار . وكان عليه السلام لايقرء من كتاب الله عزوجل ” يا أيها الذين آمنوا ” إلا قال : لبيك اللهم لبيك ، ولم يرفي شئ من أحواله إلا ذاكر الله سبحانه ، وكان أصدق الناس لهجة ، وأفصحهم منطقا .. أمالي الصدوق ص 150 رقم 33 ح 8 ومنتهى الآمال للشيخ عباس القمي ج1 الباب الرابع ص 419 – 420
و روى الشيخ رضي الدين علي بن يوسف بن مطهر الحلي انه : وقف رجل على الحسن بن علي عليهما السلام فقال : يا ابن أميرالمؤمنين بالذي أنعم عليك بهذه النعمة التي ما تليها منه بشفيع منك إليه ، بل إنعاما منه عليك ، إلا ما أنصفتني من خصمي فانه غشوم ظلوم ، لا يوقر الشيخ الكبير ، ولايرحم الطفل الصغير ، وكان متكئا فاستوى جالسا وقال له : من خصمك حتى أنتصف لك منه ؟ فقال له : الفقر ، فأطرق عليه السلام ساعة ثم رفع رأسه إلى خادمه وقال له : أحضر ما عندك من موجود ، فأحضر خمسة آلاف درهم فقال : ادفعها إليه ، ثم قال له : بحق هذه الاقسام التي أقسمت بها علي متى أتاك خصمك جائرا إلا ما أتيتني منه متظلما . العدد القوية ص 359 ح 23
ورد في روضة الواعظين : (أن الأمام الحسن ع كان أذا توضأ أرتعدت فرائصه واصفر لونه , فقيل له في ذلك فقال : حق على كل من وقف بين يدي رب العرش أن يصفر لونه وترتعد مفاصله)
وروي أن شخصا من أهل الشام ممن خدعتهم دعاية معاوية بن أبي سفيان في التأليب على آل البيت ع راى الأمام الحسن ع راكبا فجعل يلعنه والأمام الحسن ع لايرد عليه فلما فرغ الرجل أقبل الأمام ع عليه وقال له : (أيها الشيخ أظنك غريبا , ولعلك شبهت ؟ فلو استعتبتنا أعتبناك , ولو سألتنا أعطيناك , ولو استرشدتنا أرشدناك , ولو استحملتنا حملناك , وأن كنت جائعا أشبعناك , وأن كنت عريانا كسوناك , وأن كنت محتاجا أغنيناك , وأن كنت طريدا آويناك , وأن كانت لك حاجة قضيناها لك فلو حركت رحلك ألينا وكنت ضيفنا ألى وقت ارتحالك كان أعود عليك , لأن لنا موضعا رحبا وجاها عريضا , ومالا كبيرا ) فلما سمع الرجل الشامي ذلك الكلام الذي يحمل بين طياته أعلى مراتب الخلق الرفيع بكى ثم قال : (أشهد أنك خليفة الله في أرضه , الله أعلم حيث يجعل رسالته و لقد كنت أنت وأبوك أبغض خلق الله ألي , والآن أنت وأبوك أحب خلق الله ألي .ثم استضافه الأمام الحسن ع حتى وقت رحيله , وقد تغيرت فكرته وعقيدته في أهل البيت ع)
أقواله
قال الإمام الحسن (ع): (يا هذا لا تجاهد الطلب جهاد المغالب ولا تتكل على التقدير اتكال المستسلم فإن ابتغاء الفضل من السنة والإجمال في الطلب من العفة وليست العفة بدافعة رزقاً ولا الحرص بجالب فضلاً فإن الرزق مقسوم والأجل موقوت واستعمال الحرص يورث المآثم) الحكايات للمفيد: ص95.
(أحذروا أن تكونوا أعوانا للظالم فأن رسول الله ص قال : من مشى مع ظالم ليعينه على ظلمه فقد خرج من ربقة الأسلام)
(لا أدب لمن لا عقل له , ولا مروءة لمن لاهمة له ولا حياء لمن لادين له ورأس العقل معاشرة الناس بالجميل وبالعقل تدرك الداران جميعا ومن حرم العقل حرمهما جميعا)
(عجبت لمن يفكر في مأكوله كيف لايفكر في معقوله فيجنب بطنه مايؤذيه ويودع صدره مايرديه)
(من أحب الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه ومن ازداد حرصا على الدنيا لم يزدد منها ألا بعدا وازداد من الله بغضا)
(صاحب الناس بمثل ماتحب أن يصاحبوك به)
وسأل عن السياسة يوما فأجاب ع : (هي أن تراعي حقوق الله وحقوق الأحياء وحقوق الأموات فأما حقوق الله فأداء ماطلب والأجتناب عما نهى. أما حقوق الأحياء : فهي أن تقوم بواجبك نحو أخوانك , ولا تتأخر عن خدمة أمتك أما حقوق الأموات : فهي أن تذكر خيراتهم وتتغاضى عن مساوئهم فأن لهم ربا يحاسبهم)
بعض الجوانب التاريخية المؤلمة التي جرت مع سيد شباب أهل الجنة الامام الحسن (ع) من خذلان الناس له :
1. وقال عبدالحميد بن أبي الحديد : لما سار معاوية قاصدا إلى العراق وبلغ جسر منبج نادى المنادي الصلاة جامعة ، فلما اجتمعوا خرج الحسن عليه السلام فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد فان الله كتب الجهاد على خلقه وسماه كرها ثم قال لاهل الجهاد من المؤمنين : ” اصبروا إن الله مع الصابرين ” فلستم أيها الناس نائلين ما تحبون إلا بالصبر على ماتكرهون ، إنه بلغني أن معاوية بلغه أنا كنا أزمعنا على المسير إليه فتحرك لذلك ، فاخرجوا رحمكم الله إلى معسكركم بالنخيلة ، حتى ننظر وتنظرون ، ونرى وترون ، قال : وإنه في كلامه ليتخوف خذلان الناس له . قال : فسكتوا فما تكلم منهم أحد ، ولا أجابه بحرف ، فلما رأى ذلك عدي ابن حاتم قام فقال : أنا ابن حاتم ، سبحان الله ما أقبح هذا المقام ألا تجيبون إمامكم وابن بنت نبيكم ؟ أين خطباء مصر الذين ألسنتهم كالمخاريق في الدعة فاذا جد الجد فرواغون كالثعالب أما تخافون مقت الله ولاعنتها وعارها . فركب (ع) بعد نزولة من المنبر وركب معه من أراد الخروج ، وتخلف عنه كثير ، فماوفوا بما قالوه وبما وعدوه ، وغروه كما غروا أمير المؤمنين عليه السلام من قبله ، فقال خطيبا ، وقال : غررتموني كما غررتم من كان من قبلي ، مع أي إمام تقاتلون بعدي ، مع الكافر الظالم الذي لم يؤمن بالله ولا برسوله قط ، ولا أظهر الاسلام هو وبني امية إلا فرقا من السيف ؟ ولو لم يبق لبني امية إلا عجوز درداء ، لبغت دين الله عوجا ، وهكذا قال رسول الله صلى الله عليه وآله . بحار الانوار ج 44 ص 50
2. وجه الإمام الحسن ع إلى معاوية قائدا في أربعة آلاف ، وكان من كندة وأمره أن يعسكر بالانبار ولا يحدث شيئا حتى يأتيه أمره ، فلما توجه إلى الانبار ونزل بها ، وعلم معاوية بذلك ، بعث إليه رسلا وكتب إليه معهم أنك إن أقبلت إلي أو لك بعض كور الشام والجزيرة ، غير منفس عليك ، وأرسل إليه بخمسمائة ألف درهم : فقبضالكندي عدو الله المال ، وقلب على الحسن ، وصار إلى معاوية في مائتي رجل من خاصته وأهل بيته . فبلغ ذلك الحسن عليه السلام فقام خطيبا وقال : هذا الكندي توجه إلى معاوية وغدر بي وبكم ، وقد أخبرتكم مرة بعد مرة أنه لا وفاء لكم ، أنتم عبيد الدنيا : وأنا موجه رجلا آخر مكانه ، وإني أعلم أنه سيفعل بي وبكم ما فعل صاحبه ، ولا يراقب الله في ولا فيكم ، فبعث إليه رجلا من مراد في أربعة آلاف ، وتقدم إليه بمشهد من الناس ، وتوكد عليه وأخبره أنه سيغدر كما غدر الكندي فحلف له بالايمان التي لا تقوم لها الجبال : أنه لا يفعل .فقال الحسن : إنه سيغدر . فلما توجه إلى الانبار ، أرسل معاوية إليه رسلا وكتب إليه بمثل ما كتب إلى صاحبه ، وبعث إليه بخمسة آلاف درهم ، ومناه أي ولاية أحب من كور الشام والجزيرة ، فقلب على الحسن ، وأخذ طريقه إلى معاوية ، ولم يحفظ ما أخذ عليه من العهود ، وبلغ الحسن ما فعل المرادي فقام خطيبا فقال : قد أخبرتكم مرة بعد اخرى أنكم لا تفون لله بعهود ، وهذا صاحبكم المرادي غدر بي وبكم ، وصار إلى معاوية . بحار الأنوار ج 44 ص
وصية أمير المؤمنين عليٍّ للحسن (عليهما السّلام(
وعن سليم بن قيس الهلالي قال : شهدت أمير المؤمنين (عليه السّلام) حين أوصى إلى ابنه الحسن (عليه السّلام) , وأشهد على وصيته الحسين (عليه السّلام) ومحمّداً وجميع ولده , ورؤساء شيعته وأهل بيته , ثم دفع إليه الكتاب والسّلاح , وقال له : (( يا بُني , أمرني رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أن اُوصي إليك , وأدفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصى إليَّ ودفع إليَّ كتبه وسلاحه , وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين )) . ثم أقبل على ابنه الحسين (عليه السّلام) فقال : (( وأمرك رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أن تدفعها إلى ابنك هذا )) , ثمّ أخذ بيد علي بن الحسين وقال : (( وأمرك رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أن تدفعها إلى ابنك محمّد بن علي , واقرأه من رسول الله ومنّي السّلام )) . وأنّ علياً (عليه السّلام) لما سار إلى الكوفة استودع اُمّ سلمة (رضي الله عنها) كتبه والوصية , فلما رجع الحسن (عليه السّلام) دفعتها إليه .
قول السيد أحمد الحسن(ع) في الامام الحسن المجتبى(ع)
يقول الامام احمد الحسن (ع) في كتاب العجل الجزء الثاني : ((والحمد لله الذي منَّ علينا بمحمد وآل محمد (ص) قادة نقتفي أثرهم. فهم (ع) نصروا الحق وقارعوا الباطل، وكانوا يعملون ليلاً ونهاراً لنشر كلمة لا إله إلاّ الله، مرّة بالإعلام وبسيوف من الكلام كان لها أثرها الواضح في القضاء على دولتي بني أمية وبني العباس، ولا تزال إلى اليوم تأخذ أثرها في النفوس كسلاح قوي لهدم دولة الطاغوت والقضاء عليه، كما فعل الإمام الحسن (ع).
ومرّة أخرى عندما تتوفر الظروف الملائمة يجاهد آل محمد (ع) بالثورة المسلحة، وبالسيف وإراقة الدماء في سبيل الدين، كما فعل الإمام الحسين (ع). وهكذا كانوا (ع) أعلاماً للجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقتدي بهم الثائرون، فلم يهنوا ولم ينكلوا في مقارعة الطواغيت حتى قضوا بين مسموم ومقطّع بالسيوف، فعلينا جميعا اليوم أن نقتفي أثرهم (ع) في نشر الدين ومقارعة الظالمين والقضاء عليهم والتهيئة لدولة الحق، وإعلاء كلمة لا إله إلاّ الله في الأرض، ونشر عبادة العباد لخالقهم، والقضاء على عبادة العباد للعباد وما يرافقها من الفساد.
كما يجب فضح أئمة الفساد الذين يسمون أنفسهم علماء، الذين يحاولون فصل الحسن عن الحسين (عليهما السلام)، ويقولون إنّ الإمام الحسن (ع) صامت ويدّعون أنهم يتابعون سيرته، فتعساً لهم. ولو كان آل محمد (ع) صامتين لما قطعت السموم أحشاءهم!! إنّ آل محمد (ع) قوم القتل لهم عادة وكرامتهم من الله الشهادة، وما منهم إلاّ مقتول كما ورد عنهم (ع)، فلا ألفين خسيساً يحمل جبنه عليهم ليعتذر عن خذلانه للحق، و والله إني لأستعظم تقريع الجبناء.))