نص الشبهة:
كيف يكون كتاب الكافي شرحاً و تفسيراً للقرآن ، على الرغم من أنّ أغلب رواياته ضعيفة ؟
الجواب:
من أساليب اتّباع الباطل هي اتّهام الطرف المخالف أوّلاً ثمّ توجيه السؤال إليه ثانياً .
فنقول:
أوّلاً : من أين يدّعي السائل أنّ أغلب روايات الكافي ضعيفة ؟
إنّ روايات الكافي على أربعة أقسام عند الشيعة :
1 ـ صحيحة 2 ـ موثّقة 3 ـ حسنة 4 ـ ضعيفة .
وتقسيم الشيعة لروايات أهمّ كتاب عندهم ( الكافي ) دليلٌ على واقعيّتهم ، لأنّه لا يوجد بين يدي البشر كتاب صحيح إلاّ القرآن الكريم . أمّا سائر الكتب الأُخرى فيجب أن تبقى مورد تحقيق وتأمّل من قبل العلماء .
ووفقاً لهذه الرؤية فإنّ كتاب الكافي قُسّم بدقّة فائقة إلى الأقسام الأربعة المذكورة آنفاً ، وقد عيّن العلاّمة المجلسي هذه الأقسام كلّها في كتابه « مرآة العقول » .
إنّ مؤلّف الكافي ذكر في أوّل الكتاب أنّ المعيار الذي تُوزن به الأحاديث هو ما نُقل عن الأئمّة ( عليهم السلام ) في قولهم : « إعرضوها على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدَعوه » 1 .
لكن في المقابل نجد أنّ أهل الحديث والسلفيّين ، يعتقدون بصحّة كتاب البخاري من أوّله إلى آخره ، ممّا جعلهم يواجهون مشاكل كثيرة ، ولا زالوا كذلك حتّى يومنا هذا ، والإشارة إلى تلك الأحاديث الموضوعة ( التي يتضمّنها صحيح البخاري ) لا يتناسب مع منهجنا في الاختصار ، ولدراسة هذا الموضوع بتفصيل أكثر ينبغي مراجعة الكتب التي صنفت في هذا المجال من قبيل كتاب « الحديث النبويّ بين الرواية والدراية » لآية الله جعفر السبحاني .
ثانياً : الادّعاء بأنّ الكافي هو شرح وتفسير للقرآن هو ادّعاءٌ يحتمل وجهين
إذا كان المقصود من ذلك أنّ كتاب الكافي يبيّن ويفسّر مجملات القرآن أمثال الصلاة والزكاة والحجّ والجهاد ، وأجزاء وشرائط تلك المجملات ، فهذا أمرٌ لا يختصّ به الكافي فحسب ، فكلّ كتب الأحاديث ومن بينها صحاح أهل السنّة هي مُفسِّرة للقرآن بهذا المعنى .
وأمّا إذا كان المقصود أنّ كتاب الكافي كُتب كتفسير للقرآن شأنه شأن كتب التفاسير ، فهذا ادّعاء بلا أساس ، لم يقل به أحد .
وعلى فرض أنّه أخذ شكل كتاب التفسير فبسبب الضوابط التي راعاها الكاتب ، ممّا جعل رواياته ذات أهمّية وقيمة . بخلاف السلفيّين الذين يقبلون خبر الواحد ليس فقط في المسائل الفقهيّة والعمليّة بل حتّى في المسائل الاعتقاديّة ، ممّا جعلهم يواجهون مشاكل وتناقضات كبيرة . فقد عُقد مؤخّراً مؤتمر في المدينة المنوّرة حول موضوع « حجّية خبر الواحد في العقائد » وقد كان كلّ المشاركين فيه من السلفيّين تقريباً ، وقد أجمعوا على هذا الموضوع ، ممّا يجعل معتقدهم مستنداً إلى خبر الواحد ، فكانت النتيجة قبولهم للجبر والتجسيم والتشبيه وأشباه ذلك من انحرافات عقائديّة تخالف صريح القرآن 2 .
- 1. الكافي : 1 / 69، باب الأخذ بالسنة وشواهد الكتاب .
- 2. هذه الإجابة نُشرت على الموقع الالكتروني الرسمي لسماحة آية الله العظمى الشيخ جعفر السبحاني دامت بركاته .