عاشوراء كواقعة من أهم الأحداث التي وقعت في التاريخ الاسلامي الأمة الإسلامية تمثّل لنا أمرين مهمّين، هما:
الأول: عظمة الموقف المبدئي الذي وقفه سيد الشهداء الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه، إذ كانوا قلّة قليلة، ولكنهم ضربوا أروع الأمثلة في الصمود والثبات، والالتزام بالقيم، والدفاع عن المبادئ، والاعتراض على الظلم والفساد والانحراف. ونحن حينما نتذكّر عاشوراء إنما نتذكّر هذه المواقف العظيمة السامية الرائعة.
الثاني: بشاعة الظلم الذي وقع على أهل البيت وانتهاك حرمات الله في ذلك اليوم.
فالإمام الحسين لم يكن رجلاً عاديًّا، وإنما له شخصيته ومكانته وموقعيته التي لا يجهلها أحد من المسلمين. كما أنه لم يمضِ وقت طويل على وفاة رسول الله، الذي كان المسلمون يسمعون منه ويرون مواقفه التي يعبّر فيها عن حبّه للحسين وانشداده له.
لقد قال رسول الله على مرأى من الصحابة ومسمع منهم: «إن الحسن والحسين هما ريحانتاي من الدنيا»، وفي صحيح البخاري في باب مناقب المهاجرين وفضلهم عن ابن عباس قال سمعت رسول الله يقول: (هما ريحانتاي من الدنيا).
وفي موضع آخر سمعوا قوله: «الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما».
وروى عبد الله بن شداد عن أبيه قال: خرج علينا رسول الله في إحدى صلاتي العشى الظهر أو العصر وهو حامل الحسن أو الحسين فتقدم النبي فوضعه ثم كبر للصلاة فصلى فسجد بين ظهري صلاته سجدة أطالها، قال إني رفعت رأسي فإذا الصبي على ظهر رسول الله وهو ساجد فرجعت في سجودي فلما قضى رسول الله الصلاة قال الناس: يا رسول الله انك سجدت بين ظهري الصلاة سجدة أطلتها حتى ظننا انه قد حدث أمر أو انه يوحى إليك، قال كل ذلك لم يكن ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضى».
وغيرها من الأحاديث التي كان يتذكّرها المسلمون ويروونها لبعضهم ويتناقلونها فيما بينهم.
لذلك لا يمكن عَدّ ما حصل يوم العاشر من المحرّم من انتهاك للحرمات حدثًا عاديًّا، بل يجب التأمّل فيه جيدًا، والوقوف عند محطّات هذه الحادثة للاستفادة من أحداثها والدروس العظيمة التي تجلّت فيها1.