نُحيّي انتفاضة إخواننا الفلسطينيين في الذكرى الثالثة والستين للنكبة التي أصابتهم عام 1948م، في تلك الحادثة جاءت عصابات الصهاينة وبدعم من الأجانب البريطانيين والغربيين وأغاروا على مناطق الفلسطينيين وعاثوا في مدنهم، فدمروا أكثر من 531 قرية، وأخرجوا الناس من بيوتهم ومزارعهم وانتزعوا ممتلكاتهم، وهجّروهم من أراضيهم وأراضي آبائهم وأجدادهم، حيث هجّر أكثر من 750 ألف فلسطيني لكي يعيشوا لاجئين في الدول المجاورة، وجاء المحتلون الغاصبون بمستوطنين يهود أجانب من مختلف مناطق العالم وأحلوهم محل ذلك الشعب! طردوا معظم القبائل البدوية التي كانت تعيش في صحراء النقب، ولإخفاء الهوية الفلسطينية بدلوا أسماء المناطق والقرى والأراضي. وقد ارتكبوا في حق الفلسطينيين العزل المجازر، وعدد المجازر الموثقة أكثر من 30 مجزرة رهيبة، وهناك أكثر من 15 ألف فلسطيني ذبحوا من الرجال والنساء والأطفال.
هكذا جاء اليهود ودعمهم البريطانيون والغرب وأميركا، وبنوا لهم أقوى ترسانة عسكرية في المنطقة، وبدأوا يمارسون أسوأ أنواع القتل والبطش والتنكيل لكي يحتلوا هذه المنطقة بالقوة، والفلسطينيون بفعل هذا التحالف ضدهم، وبفعل عدم استعدادهم والتخلف الذي كانت تعيشه الأمة العربية والإسلامية كانوا ضحايا لهذه النكبة وهذا العدوان الغاشم، ولكن ما يحمد لهم أنهم تمسكوا بحقهم، فلم يتنازلوا عن حق العودة، لم يتنازلوا عن استرداد وطنهم المحتل، وقدموا الضحايا على مدى 63 عامًا، لم تمر سنة لم يقدموا فيها المئات أو الآلاف من الضحايا داخل الأراضي المحتلة وخارجها.
كانت إسرائيل تراهن على أن ينسى الفلسطينيون قضيتهم، وشجعوا على قبولهم في مختلف البلدان وتقديم الإغراءات بترتيب أوضاعهم في الدول المتقدمة، لكنهم رفضوا كل ذلك، ولم ينس الفلسطينيون وطنهم يوماً بل أورثوا أولادهم حب وطنهم.
وفي هذه السنة كانت ذكرى النكبة مميزة فلأول مرة يحصل هناك زحف جماهيري من قبل مئات وألوف من الفلسطينيين باتجاه حدود فلسطين، في لبنان والأردن، وفي هضبة الجولان في سورية، وقد تحدوا العدو الذي أطلق عليهم النار لإرهابهم وقدموا عددًا من الشهداء، أكثر من 16 شهيداً و170 جريحاً، ولكنهم أصروا على أن يعبروا عن حقهم في العودة.. إن الفلسطينيين اليوم أقرب لاستعادة حقهم من أي وقت مضى، فالأوضاع الدولية والعربية مؤهلة لذلك. في الماضي كان الفلسطينيون يواجهون حكومات عربية مجاورة تعرقل جهودهم ومسيرتهم، وقد رأينا كيف كان بعضهم يستخدم وسائل التضييق والحصار ضدهم كما كان هذا بارزًا في دور الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، الذي رفع حواجز من الحديد والفولاذ على الحدود حتى لا يتمكن الفلسطينيون من حفر الأنفاق وتجاوز الحصار.
هذا الوضع تغير الآن أو هو في طريقه للتغيير، وستكون الشعوب أفضل عون للفلسطينيين على استعادة حقوقهم، وبدأ أثر ذلك في التوجه للمصالحة الفلسطينية التي ستشكل أهم قوة لدعم المقاومة والنضال الفلسطيني، ولهذا فإن إسرائيل وأميركا منزعجتان من هذه المصالحة1.
- 1. الموقع الرسمي لسماحةالشيخ حسن الصفار *جريدة الدار الكويتية 4 / 6 / 2011م. العدد/1024.