نص الشبهة:
فإن قيل: فما الوجه في الرواية المشهورة ان النبي صلى الله عليه وآله ليلة المعراج لما خوطب بفرض الصلاة راجع ربه تعالى مرة بعد أخرى حتى رجعت إلى خمس، وفي الرواية ان موسى عليه السلام هو القائل له ان أمتك لا تطيق هذا. وكيف ذهب ذلك على النبي صلى الله عليه وآله حتى نبهه موسى (ع)؟ وكيف يجوز المراجعة منه مع علمه بأن العبادة تابعة للمصلحة؟ وكيف يجاب عن ذلك مع ان المصلحة بخلافه؟ .
الجواب:
قلنا أما هذه الرواية فمن طريق الآحاد التي لا توجب علما، وهي مع ذلك مضعفة وليس يمتنع لو كانت صحيحة ان تكون المصلحة في الابتداء يقتضي بالعبادة بالخمسين من الصلاة، فإذا وقعت المراجعة تغيرت المصلحة واقتضت أقل من ذلك حتى ينتهي إلى هذا العدد المستقر، ويكون النبي صلى الله عليه وآله قد اعلم بذلك، فراجع طلبا للتخفيف عن أمته والتسهيل، ونظير ما ذكرناه في تغير المصلحة بالمراجعة وتركها أن فعل المنذور قبل النذر غير واجب، فإذا تقدم النذر صار واجبا وداخلا في جملة العبادات المفترضات، وكذلك تسليم المبيع غير واجب ولا داخل في جملة العبادات، فإذا تقدم عقد البيع وجب وصار مصلحة.
و نظائر ذلك في الشرعيات أكثر من أن تحصى، فأما قول موسى له صلى الله عليه وآله ان أمتك لا تطيق فراجع، فليس ذلك تنبيها له صلى الله عليه وآله، وليس يمتنع أن يكون النبي أراد أن يسأل مثل ذلك لو لم يقل له موسى.
ويجوز أن يكون قوله قوى دواعيه في المراجعة التي كانت أبيحت له. ومن الناس من استبعد هذا الموضوع من حيث يقتضي أن يكون موسى (ع) في تلك الحال حيا كاملا، وقد قبض منذ زمان.
وهذا ليس ببعيد لان الله تعالى قد خبر أن أنبياءه عليهم السلام والصالحين من عباده في الجنان يرزقون، فما المانع من ان يجمع الله بين نبينا صلى الله عليه وآله وبين موسى 1.
- 1. تنزيه الأنبياء عليهم السلام للسيد مرتضى علم الهدى، دار الأضواء: 169 .