نص الشبهة:
القرآن يقول للنبي (ص) : (وبناتك) بالجمع ، فلماذا تركتم المعنى الحقيقي للقرآن وقلتم لم يكن عند النبي (ص) إلا بنت واحدة هي فاطمة ، وأنكرتم بقية بناته وقلتم إنهن ربيباته ولسن بناته !
الجواب:
أولاً : أن ذكر البنات بالجمع في قوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ 1 .
لا يدل على أن للنبي صلى الله عليه وآله أكثر من بنت واحدة ، فالقضية الفرضية لا يجب أن يكون لها واقع مطابق ، والتعبير بالعام المقصود به الخاص كثير في القرآن الكريم ، كما قال الله تعالى في آية المباهلة :﴿ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ﴾ 2.
وقد أجمع المسلمون على أن المقصود بالأنفس وهي جمعٌ ، النبي وعلياً صلى الله عليه وآله ، وبالنساء وهي جمعٌ ، فاطمة الزهراء وحدها عليها السلام ، وبالأبناء وهي جمعٌ ، الحسن والحسين فقط صلى الله عليه وآله .
ثانياً : لعلماء الشيعة رأيان في الموضوع ، فبعضهم يرى أن رقية وزينب وأم كلثوم بنات النبي صلى الله عليه وآله ، وبعضهم يرى أنهن ربائبه وأنهن بنات هالة أخت خديجة ، وقد ماتت أمهما وربتهما خديجة رضوان الله عليها ، ويرون أن خديجة كانت عذراء ولم تتزوج قبل النبي صلى الله عليه وآله كما أشيع عنها .
قال ابن شهراشوب في مناقب آل أبي طالب : 1 / 138 : (وروى أحمد البلاذري ، وأبو القاسم الكوفي في كتابيهما ، والمرتضى في الشافي ، وأبو جعفر في التلخيص أن النبي صلى الله عليه وآله تزوج بها وكانت عذراء ، يؤكد ذلك ما ذكر في كتابي الأنوار والبدع أن رقية وزينب كانتا ابنتي هالة أخت خديجة ) . انتهى .
ولأصحاب هذا القول أدلتهم من مصادر الحديث والأنساب والتاريخ 3 .
ويؤيده ما في صحيح البخاري : 5 / 157 : (عن نافع أن رجلاً أتى ابن عمر فقال : يا أبا عبد الرحمن ما حملك على أن تحج عاماً وتعتمر عاماً وتترك الجهاد في سبيل الله عز وجل ، وقد علمت ما رغب الله فيه ؟
قال : يا ابن أخي بني الإسلام على خمس : إيمان بالله ورسوله والصلوات الخمس ، وصيام رمضان، وأداء الزكاة ، وحج البيت .
قال : يا أبا عبد الرحمن ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه : ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ … ﴾ 4 ﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ … ﴾ 5؟ قال : فعلنا على عهد رسول الله (ص) وكان الإسلام قليلاً فكان الرجل يفتن في دينه إما قتلوه وإما يعذبوه ، حتى كثر الإسلام فلم تكن فتنة.
قال : فما قولك في علي وعثمان ؟
قال : أما عثمان فكان الله عفا عنه ، و أما أنتم فكرهتم أن تعفوا عنه ، وأما علي فابن عم رسول الله (ص) وخَتَنُه ، وأشار بيده فقال : هذا بيته حيث ترون ) . انتهى .
يقصد ابن عمر بإشارته إلى بيت علي أنه كان مع النبي صلى الله عليه وآله ، ويلاحظ أنه ذكر أن علياً عليه السلام خَتَن النبي صلى الله عليه وآله أي صهره على ابنته ولم يذكر ذلك لعثمان ، مما يشير إلى أنه صهره على ربيبته ! 6
- 1. القران الكريم: سورة الأحزاب (33)، الآية: 59، الصفحة: 426.
- 2. القران الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 61، الصفحة: 57.
- 3. راجع بنات النبي أم ربائبه للسيد جعفر مرتضى ، وخلفيات كتاب مأساة الزهراء عليها السلام والصحيح من السيرة : 2 / 129 لنفس المؤلف : 6 / 24 .
- 4. القران الكريم: سورة الحجرات (49)، الآية: 9، الصفحة: 516.
- 5. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 193، الصفحة: 30.
- 6. من كتاب : مسائل مجلة جيش الصحابة ( أجوبة على مسائل وجهتها إلى علماء الشيعة ، مجلة الخلافة الراشدة الباكستانية ، التابعة لمنظمة جيش الصحابة ) للشيخ علي الكوراني العاملي ، السؤال رقم : 32 .