رُوِيَ عن الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام) أنَّهُ قال: “… فَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنَ الْفُقَهَاءِ صَائِناً لِنَفْسِهِ حَافِظاً لِدِينِهِ مُخَالِفاً عَلَى هَوَاهُ مُطِيعاً لِأَمْرِ مَوْلَاهُ فَلِلْعَوَامِّ أَنْ يُقَلِّدُوهُ، وَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْضَ فُقَهَاءِ الشِّيعَةِ لَا كُلَّهُمْ” 1.
شروط مرجع التقليد
- هناك تسعة شروط لا بُدَّ أن تتوفر في الفقيه المجتهد الذي يُريد المكلَّف تقليده و الرجوع إليه في العمل بالأحكام الشرعية، حتى يجوز تقليده، و بدون توفر هذه الشروط مجتمعةً فيه يعتبر التقليد باطلاً، و هذه الشروط كما ذكرها العلماء هي كالتالي:
- الفقاهة : و هي كَون المُقلَّد ـ أي مرجع التقليد ـ متمكناً من ممارسة عملية الاجتهاد و استنباط الأحكام الشرعية من الأدلة الشرعية بنفسه و يكون قادراً على النظر في أدلة الأحكام و التوصّل إلى الظن الشرعي، و الفقاهة عملية تخصصية تحتاج إلى مجموعة من العلوم اللسانية و الأدبية و العقلية و الحديثية، و غيرها، و لذلك فهي مرتبة عالية لا ينالها ـ بشروطها ـ إلا ذو حظّ عظيم.
- الرُجُوليّة: و هو كَون المُقَلَّد رَجلاً، فلا يجوز تقليد المرأة حتى لو حازت مرتبة الاجتهاد و الفقاهة.
- البلوغ: و يتحقق البلوغ بالنسبة الى الصبي بإكماله الخامسة عشرة من عمره و دخوله في السادسة عشرة ـ و تكون المحاسبة بالسنين القمرية ـ أو ظهور علائم الرجولية فيه، و هي خروج المني، أو نبات الشعر الخشن على عانته 2.
- سلامة العقل: و معناها كَون مرجع التقليد، متمتعاً بسلامة العقل، خالياً عن السَفه و الجنون بأنواعه.
- كَون المجتهد إمامياً إثنا عشرياً، أي يعتقد بإمامة الأئمة الاثنا عشر الذين عيَّنهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) .
- طهارة المولد: و معناها كَون المجتهد متولداً من زواج شرعي، إذ لا يجوز تقليد ولد الزنا، حتى لو حاز مرتبة الاجتهاد و توفرت فيه سائر الشروط.
- الحياة: إذ لا يجوز تقليد المجتهد الميت ابتداءً ـ أي لمن لم يكن يقلده حال حياته ـ .
- الحرية: فلا يجوز تقليد العبد.
- العدالة: و هي حالة روحية و ملكة نفسانية قوية تمنع الإنسان من ترك الواجبات و اقتراف المعاصي، و المقصود هنا كَون مرجع التقليد بحيث لو سُئل عنه ممن يعاشرونه لأخبروا بصلاحه و تقواه.
اختيار مرجع التقليد
لتشخيص من تتوفر فيه الشروط المذكورة و من هو الأولى بالتقليد يمكنك الاستعانة بأهل الخبرة و الاختصاص من العلماء في الحوزتين العلميتين بالنجف الأشرف و قم المقدسة، حيث يوجد عدد من كبار المراجع و الفقهاء حفظهم الله.
- 1. وسائل الشيعة (تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة): 27 / 131، للشيخ محمد بن الحسن بن علي، المعروف بالحُر العاملي، المولود سنة: 1033 هجرية بجبل عامل لبنان، و المتوفى سنة: 1104 هجرية بمشهد الإمام الرضا (عليه السَّلام) و المدفون بها، طبعة: مؤسسة آل البيت، سنة : 1409 هجرية، قم / إيران.
- 2. العانة : مَنْبَتُ الشعر فوق قُبُل المرأة و ذَكر الرجل، مجمع البحرين: 6 / 286 ، للعلامة فخر الدين بن محمد الطريحي، المولود سنة: 979 هجرية بالنجف الأشرف / العراق، و المتوفى سنة: 1087 هجرية بالرماحية ، و المدفون بالنجف الأشرف / العراق ، الطبعة الثانية سنة: 1365 شمسية، مكتبة المرتضوي، طهران / إيران.