نص الشبهة:
ورد في بعض المصادر كمنتخب الطريحي ص 451 وذريعة النجاة ص 135 الخصائص الحسينية إن الإمام الحسين (عليه السلام) قال لأعدائهِ : « الآن اسقوني قطرة من الماء فقد تفتت كبدي » واعترض بعض الإخوة على ذلك بأنه لا يعقل للإمام الحسين (عليه السلام) صاحب الغيرة والحمية والأنفة أن يستجدي ويستعطي حسب تعبيره من عدوه جرعةً من الماء فضلاً عن القطرة . نرجو إعطاءنا رأيكم المبارك في كل ما يتعلق بهذا السؤال؟
الجواب:
إن فهم استسقاء الحسين على أساس أنه استجداء ، غير دقيق . . وذلك لما يلي :
أولاً : لوجود وجوه أخرى تظهر قرائن الأحوال أنها هي المقصودة ، ونذكر منها ما يلي :
أ ـ إنه (عليه السلام) ، كان يريد أن يقيم الحجة عليهم وعلينا ، حتى في مثل هذه اللحظات ، لكي لا يحتمل أحد أنهم في زحمة الأحداث قد غفلوا عن هذا الأمر ، أو ذهلوا عنه .
فيكون (عليه السلام) بذلك قد نبه الغافل منهم إن كان ويكون قد عرّفنا بأنهم يأتون ما يأتونه عن سابق تصميم ، وعلم ودراية ، وأنهم غير معذورين أبداً في شيء من ذلك . .
ب ـ إنه (عليه السلام) ، يريد أن يعرفنا مدى مظلوميته مع أناس يبكي ويتحسر عليهم حتى وهم يقتلونه .
ثانياً : إن طلبه شربة الماء هو الحق الطبيعي له ، فهل من يطالب بحقه يكون مستجدياً؟! فكيف إذا كان حقه هذا قد حفظته له الشريعة ، وأكدته له الأعراف ، وفوق ذلك كله ، إنه حق الإمامة ، وحقه الإنساني . .
ثالثاً : إنه لا بد له من أن يستنفد جميع الوسائل التي ربما تفيد في هداية بعض من بقي في قلبه ذرة من عاطفة ، وبقية من إنصاف ، وحد أدنى من إنسانية . . لأنه مسؤول عن هداية الناس كلهم ، ولا بد أن يفتح لهم أبواب الهداية .
وهذا النداء الإنساني المتوافق مع المشاعر ، والمنسجم مع الأعراف والمتناغم مع الفطرة هو أحد هذه الأبواب . .
والحمد لله ، والصلاة والسلام على محمد وآله . . 1 .
1. مختصر مفيد ( أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة ) ، السيد جعفر مرتضى العاملي ، « المجموعة الثالثة » ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الأولى ، 1423 ـ 2002 ، السؤال (165) .