نص الشبهة:
لقد ورد في بعض الروايات: أن الزهراء (عليها السلام)، قد كلمت أمير المؤمنين (عليه السلام) بكلام قاسٍ، فيه تقريع ولوم وجفاء، فقالت له: «اشتملت شملة الجنين، وقعدت حجرة الضنين، نقضت قادمة الأجدل، فخانك ريش الأعزل. هذا ابن أبي قحافة قد ابتزني نحيلة أبي، وبليغة ابني إلخ..». والرواية في مناقب آل أبي طالب ج3 ص208 وقد أجابها بكلام جاء فيه: «فما ونيت عن ديني ، ولا أخطأت مقدوري». فهل يمكن أن يصدر هذا الكلام القاسي والجافي من فاطمة (عليها السلام)، وهي المعصومة الطاهرة في حق سيد الوصيين؟! أم أن ذلك مكذوب عليها؟!
الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
وبعد..
فإن الله سبحانه وتعالى قد قال مخاطباً لعيسى بن مريم (عليه السلام):﴿ وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴾ 1فعلام الغيوب إذن يسأل عيسى عن هذا الأمر، فالسؤال سؤال تقرير يراد به إسماع الإجابة للآخرين. مع كون السائل عالماً بها.
وهذا النحو من التعاطي مع القضايا شائع في حياة النبي (صلى الله عليه وآله)، والأئمة الطاهرين (عليهم السلام).. وهو طريقة عقلائية متبعة في كل وقت وحين.
وبعدما تقدم نقول: إن الهمزة في كلمة «أشتملت» هي همزة الاستفهام، التي تكون مفتوحة لا مكسورة أي: هل اشتملت؟!
فهي ؤ، إنما تسأل علياً (عليه السلام) هذا السؤال لأجل تقريره، أي لكي تسمع الناس جوابه. وتعرفهم بأن ما قد يفكرون به من أنه (عليه السلام) قد ونى عن دينه، وتساهل في القيام بواجبه الشرعي، ليس له ما يبرره، فهم مخطئون جداً حين يفكرون بهذه الطريقة..
ولعل هذا يشير إلى وجود أجواء مسمومة تثار حول موقف أمير المؤمنين (عليه السلام).. أو هي على الأقل قد أرادت تحصيننا نحن من أن نقع فريسة أوهام كهذه، وذلك استشرافاً منها للغيب، وانسجاماً مع مقتضياته..
والحمد لله رب العالمين 2.
- 1. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 116، الصفحة: 127.
- 2. مختصر مفيد.. ( أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة )، للسيد جعفر مرتضى العاملي، « المجموعة الثانية»، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1423 2002، السؤال (119).