مقالات

شبهة وردها…

نص الشبهة: 

الإسراء والمعراج في اليقظة أو في المنام ؟!

الجواب: 

يرى البعض: أن الإسراء قد كان بالروح فقط، في عالم الرؤيا، ويحتجون بما عن عاثشة: ما فقدت جسد رسول الله (صلى الله عليه وآله) 1.
وعن معاوية: إنها رؤيا صالحة 2 .
وحكي مثل ذلك عن الحسن البصري.
ولكن الصحيح هو ما ذهب إليه الإمامية ومعظم المسلمين من أن الإسراء إنما كان بالروح والجسد معاً .
أما المعراج فذهب الأكثر إلى أنه كان بالروح والجسد وهو الصحيح أيضاً .

ونحن نشير هنا إلى ما يلي :

أولاً : بالنسبة لعائشة ، قال القسطلاني : (وأجيب : بأن عائشة لم تحدث به عن مشاهدة ؛ لأنها لم تكن إذ ذاك زوجاً ، ولا في سن من يضبط ، أو لم تكن ولدت بعد ، على الخلاف في الإسراء متى كان) 3 .
وأما معاوية فحاله معلوم مما ذكرناه في الجزء الأول : (المدخل لدراسة السيرة) .

ثانياً : قال تعالى : ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى … ﴾ 4 وقال في سورة النجم ـ إذا كانت الآيات ناظرة إلى المعراج ، ويرجع الضمير فيها إلى النبي (صلى الله عليه وآله) لا إلى جبرئيل ـ : ﴿ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ﴾ 5 .
فإن لفظ العبد إنما يطلق على الروح والجسد معاً ، ولو كان مناماً ، لكان قال : بروح عبده ، وإلى روح عبده .
كما أن قوله تعالى : ﴿ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ﴾ 6 ظاهر في البصر الحقيقي أيضاً 7 .
أضف إلى ذلك : أن آية سورة الإسراء ، وآيات سورة النجم واردة في مقام الامتنان .
وفيها ثناء على الله ، وعجيب قدرته ، وذلك لا يحسن ، ولا يتم لمجرد رؤيا رآها النبي (صلى الله عليه وآله) ؛ إذ ربما يرى غير النبي ، وحتى الفاسق الفاجر رؤيا أعظم من ذلك .
هذا بالإضافة إلى أن الرؤيا عند عامة الناس لا تدل على عظيم قدرته تعالى ، إذ ربما تفسر على أنها نوع من الأوهام والخيالات ، فيفوت الغرض المقصود من الإسراء والمعراج ، كما هو ظاهر 8 .

ثالثاً : إنه لو كان الإسراء مجرد رؤيا صالحة ؛ فلا يبقى فيه إعجاز ؛ ولما أنكره المشركون والمعاندون ، ولما ارتد ناس ممن كان قد أسلم ، كما سنشير إليه .

رابعاً : لو كان مجرد رؤيا ، لم يخرج أبو طالب والهاشميون في طلبه (صلى الله عليه وآله).
وكان العباس يناديه حتى أجابه من بعض النواحي، حسبما ورد في بعض الروايات .

وأما لماذا ينكرون : أن يكون ذلك بالروح والجسد معاً ؛ فهو إما لعدم قدرتهم على تعقل ذلك، أو لأجل الحط من كرامة النبي (صلى الله عليه وآله) كما تقدم في المدخل لدراسة السيرة، أو لعدم قدرتهم على إقناع الناس بأمر مبهم كهذا 9 .

  • 1. تاريخ الخميس ج1 ص308 ، والمواهب اللدنية ج2 ص2 ، والبحار ج18 ص291 وفي المناقب لابن شهرآشوب ج1 ص177 : أن الجهمية قالت بهذا .
  • 2. البحار ج18 ص291 عن : المقاصد وشرحه ، وراجع تاريخ الخميس ج1 ص308 .
  • 3. المواهب اللدنية ج2 ص2 .
  • 4. القران الكريم : سورة الإسراء ( 17 ) ، الآية : 1 ، الصفحة : 282 .
  • 5. القران الكريم : سورة النجم ( 53 ) ، الآية : 9 و 10 ، الصفحة : 526 .
  • 6. القران الكريم : سورة النجم ( 53 ) ، الآية : 17 ، الصفحة : 526 .
  • 7. راجع هذا الاستدلال في : البحار ج18 ص286 عن الرازي ، والمواهب اللدنية ج2 ص4 ، وتاريخ الخميس ج1 ص308 .
  • 8. راجع : تفسير الميزان ج13 ص24 .
  • 9. الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) ، العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الخامسة ، 2005 م . ـ 1425 هـ . ق ، الجزء الثالث .
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى