نص الشبهة:
وزعم عثمان الخميس أن المانع من تصريح الشيعة بوقوع التحريف في القرآن الكريم هو التقية ، فقال : ( وأخيراً يعترفون بأن المانع من الاعتراف بالتحريف هو التقية ، وأن المانع من التقريب هو التقية . . . ) ( من القلب إلى القلب صفحة 84 ) .
الجواب:
ونقل ـ أي عثمان الخميس ـ كلاماً للطبرسي من كتابه الاحتجاج يزعم فيه هذا المزعم ، وهذا ادّعاء ومزعم باطل وغير صحيح ، وهو خطأ واشتباه من صاحب الاحتجاج ، فإن عقيدة الشيعة الإمامية الإثني عشرية أن لا تحريف في القرآن الكريم ، وهو مصون من الزيادة والنقيصة ، ومحفوظ بحفظ الله له من أن تناله يد التبديل والتغيير والتحريف ، ومن شذّ منهم ومن غيرهم وزعم وقوع التحريف في كتاب الله عزّ وجل فهو مخطئ مشتبه ، لا اعتداد عندهم بقوله ولا قيمة لكلامه عندهم ، وسبق أن نقلنا أقوال جمع من علماء الشيعة ممن صرّحوا بنفي التحريف عن الكتاب المجيد في ردّنا عليه تحت عنوان ( رد أباطيل عثمان الخميس حول اتهامة الشيعة بالقول بتحريف القرآن )
ومن تدليسات عثمان الخميس أنه نسب هذا الاعتراف للجميع فقال : ( وأخيراً يعترفون . . . ) موهماً القارئ والمستمع له بأن جميع علماء الشيعة يعترفون بذلك ، ولكنّه لم ينقل شاهداً على مزعمه هذا إلاّ كلام الطبرسي من كتابه الاحتجاج ، وهو كلام مردود عند أساطين علماء الشيعة والمحققين منهم ، فهل رأيتم تدليساً كهذا التدليس الذي ارتكبه هذا المفتري؟!
والأكبر والأعظم من هذا التدليس هو قوله أن الشيعة يعترفون بأن المانع من التقريب بين أهل السنة والشيعة هي التقية ، ولكنه لا يأتي بقول واحد من علماء الشيعة يؤيد به ما نسبه إليهم ، بل يأتي بكلام للمدعو أحمد الكاتب يؤيد به كذبته هذه ، موهما المستمع والقارئ أنّ الكاتب عالم شيعي ، مع أنّ أحمد الكاتب ليس كذلك ، ولا هو ممن ينتحل مذهب الشيعة ، بل هو مثل عثمان الخميس في العداء للشيعة ، والتدليس والافتراء والكذب عليهم . .
ثم فكما أنّ الشيعة يؤمنون بالتقية ويقولون بها فكذلك أهل السنة يؤمنون ويقولون بها ، وكما أن الشيعة يمارسونها أحياناً صيانة للنفس والعرض والمال فكذلك أهل السنة يمارسونها عندما يضطرون إليها حفاظاً على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم ، فهي من المبادئ والتشريعات الإسلامية التي يؤمن بها الفريقان ، فكيف يكون ما هو موضع اتفاق بيهم مانعاً من التقريب ؟
ولا يخفى عليك أخي القارئ أن عثمان الخميس ينتمي إلى المذهب « الوهابي » وهو من متطرفي هذا المذهب المشتهرين بالفضاضة والغلظة والتضليل والتبديع والتكفير والتخريج من الدّين والملّة لكل من لا يسلك مسلكهم وينتهج منهجهم ويعتقد بعقيدتهم من المسلمين من السنة والشيعة .
ولقد عرف عن العديد من علماء وكتاب هذا المذهب أنّهم يسعون وبكل ما يملكون من وسيلة وحيلة ـ حتى وإن كان ذلك عن طريق الكذب والافتعال وإلقاء التهم على الآخرين ـ لإفشال خطة التقريب والوحدة بين المسلمين الشيعة والسنة التي يدعو إليها عقلاء وفضلاء الفريقين ، خصوصاً في مثل الظرف الذي مرّت وتمر به الأمة الإسلامية حيث تكالب عليها أعداؤها من كل حدب وصوب ، ولم يفرّقوا في هجمتهم الشرسة هذه على المسلمين بين شيعي وسني بل استهدفوا الجميع دون استثناء ، وهم بذلك إنّما صاروا معول هدم في جسم الأمة الإسلامية يهدمون فيه من حيث يشعرون أو لا يشعرون ، ولا يخدمون بفعلهم هذا الإسلام والمسلمين ، وإنما يقدمون خدمة خطيرة إلى أعداء الأمة ، لأن الذي يسعى إليه أعداؤها هو زرع روح الفرقة والحقد والعداوة والخلاف والاختلاف بين أبنائها ليسهل عليهم استعمارها والتغلب والسيطرة عليها ونهب خيراتها وابتزازها ثرواتها .
وعثمان الخميس واحدٌ من هؤلاء الكتّاب والمشايخ لهذه الفرقة ممن يدعون لرفض الوحدة بين الشيعة والسنة مدّعياً أنّ هناك أموراً خلافية بينهما تمنع من هذه الوحدة ، ولكن وإن كان لمحاولات هؤلاء القوم تأثيرٌ سلبيٌ على الوحدة والتقارب إلاّ أنّه ونتيجة لجهود جبارة من الكثير من الأفراد ـ علماء دين وغيرهم ـ من الفريقين فقد كللت جهودهم بالنجاح والفلاح ، وما على المخلصين والشرفاء من الطرفين إلاّ بذل المزيد من السعي والجهد لتضييق هوّت الخلاف وحصر عواملها والتغاضي عنها والتركيز على عوامل الالتقاء لتحقيق المزيد من التقارب والتوحد لأن نقاط الاشتراك والالتقاء أكثر من موارد الخلاف والافتراق ، وما يدعو إلى الوحدة أكثر مما يدعو إلى عدمها ، وإن شاء الله ستبوء جهود المعارضين للوحدة والتقارب بالفشل الذريع .
والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على رسوله محمد وآله الطاهرين وصحبه المنتجبين 1 .
- 1. هذا الموضوع رَدُّ على شبهة طرحها عثمان الخميس ضمن مجموعة من الشبهات الأخرى التي أثارها ضد مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) ، و قد قام سماحة الشيخ عبد الله العجمي بالرد عليها ، و هذا الرد هو أحد تلك الردود ، هذا و قد نُشرت مجموع هذه الردود في الموقع الرسمي لسماحته .