نص الشبهة:
وزعم عثمان الخميس أنّ الشيعة لجئوا إلى التقية لستر ما أسماه بالتناقضات في مذهب الشيعة عامه وبالخصوص في مسألة الإمامة ، واستشهد بكلام للمدعو أحمد الكاتب أخيه في التدليس والكذب والافتراء على الشيعة ، فقال تحت عنوان «التقية كستار للتناقضات» : ( لذا يكشف أحمد الكاتب حيلة لجوئهم لكثرة التقية ستراً للتناقضات الكثيرة في المذهب عامة ، وفي مسألة الإمامة خاصة فقال : وقد أطلق الإماميون على هذه الحالة اسم التقية وذلك لكي يفسرّوا ظاهرة التناقض بين أقوال الأئمة من أهل البيت وسيرتهم العلنية القائمة على الشورى والعلم الطبيعي ، وبين دعوى الإمامة الإلهية القائمة على النص والتعيين والعلم الإلهي الغيبي ، والتي كان ينسبها الإماميون إلى أهل البيت سرّاً ، ولما كان أهل البيت يتشددون في نفي تلك الأقوال المنسوبة إليهم كان الإماميون والباطنيون بصورة عامة يأوّلون كلامهم ويتمسكون بادعاءاتهم المخالفة لهم تحت دعوى شدّة التقية ) ( من القلب إلى القلب صفحة 80 ـ 81 ) .
الجواب:
أقول : هذه كلها دعاوى ومزاعم من الخميس والكاتب لا أساس لها من الصحة ، فقد بيّنا أنّ التقية مبدأ إسلامي أتى بها دين الإسلام الحنيف لها أدلتها من الكتاب والسنة الشريفة وقال بمشروعيتها علماء الفريقين سنة وشيعة ، فليس هي من مختلقات الشيعة واختراعاتهم ، وإنّما اشتهر الشيعة وأئمتهم باستخدامها ومارسوها في تلك الحقبة من الزمن بشكل واسع جداً لما لاقوه من ظلم واضطهاد من مخالفيهم وأئمتهم من حكام الجور وظلمة السلاطين ، وليس في مذهب الشيعة الإمامية الذي هو مذهب أهل البيت عليهم السلام ما يزعمه عثمان الخميس من تناقضات ، وأكبر دليل على بطلان كلامه أنّه لم يأت بشاهد واحد على هذه التناقضات المزعومة ، وأمّا دعوى المدعو أحمد الكاتب فهي كدعوى أخيه في التدليس والكذب والافتراء على الشيعة عارية من الصحة ، وما هي إلاّ محض كذب وافتراء ، فالأئمة من أهل البيت عليهم السلام من أوّلهم إلى آخرهم يدّعون أنّه منصوص عليهم من الله عزّ وجل وأنّهم أئمة للمسلمين وخلفاء لرسول الله صلى الله عليه وآله بتعيين لهم منه سبحانه وتعالى ، ولا يوجد في كلامهم الثابت عنهم بالطرق الصحيحة والروايات المعتبرة ما يدل على أنّهم نفوا النّص عليهم وادّعوا أن المبدأ في اختيار الإمام والقائم مقام رسول الله صلى الله عليه وآله وخليفته بعد رحيله عن الدنيا هو الشورى ، وكذلك لم ينف الأئمة عن أنفسهم أيضاً اتصالهم بعالم الغيب واكتسابهم بعض العلوم الغيبية من خلال هذا الاتصال واستمدادهم العلم من العالم المطلق للغيب وهو الله عزّ وجل ، بل صحت الروايات عنهم عليهم السلام التي يصرّحون فيها أن علمهم لدني مصدره ما ورثوه عن رسول الله صلى الله عليه وآله من علم مما حصل عليه من خلال الوحي ، أو من خلال تحديث الملائكة لهم ونقلها العلوم الغيبية المختلفة لهم ، أو من خلال الإلهام ، نعم الذي نفاه الأئمة الطاهرون هو ما ألصقه بعض الغلاة بهم من أنهم يعلمون بالغيب مطلقاً دون استمداد لهذا العلم من المبدأ الأساس لعلم الغيب ، وما ألصقه هؤلاء الغلاة بالأئمة عليهم السلام ونفاه الأئمة عنهم لا يدّعيه الشيعة الإمامية لأئمتهم وينفونه عنهم كما نفاه الأئمة عن أنفسهم .
وقد ردّ على المدعو أحمد الكاتب أكاذيبه وشبهاته وتدليساته العديد من علماء الشيعة وفنّدوا كل شبهاته ودحضوها ، فأنصح القارئ بقراءة كتاب ( متاهات في مدينة الضباب ) وهو كتاب يشتمل على مجموعة من النقاشات والحوارات التي دارت بين أحمد الكاتب وبين بعض الشيعة الإمامية الإثني عشرية في شبكة هجر الثقافية على شبكة المعلومات الدولية ( الإنترنت ) ، ومطالعة كتاب ( شبهات وردود ) للعلامة السيد سامي البدري ، وهو كتاب يتضمّن الرّد على الشبهات التي أثارها أحمد الكاتب حول الإمامة الإلهية لأهل البيت عليهم السلام ، ووجود الإمام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف 1 .
- 1. هذا الموضوع رَدُّ على شبهة طرحها عثمان الخميس ضمن مجموعة من الشبهات الأخرى التي أثارها ضد مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) ، و قد قام سماحة الشيخ عبد الله العجمي بالرد عليها ، و هذا الرد هو أحد تلك الردود ، هذا و قد نُشرت مجموع هذه الردود في الموقع الرسمي لسماحته .