نص الشبهة:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أما بعد..
سؤالي هو حول شبهة جديدة يطرحها الوهابية مؤخراً، وقد تزامنت مع ظهور المسلسل الرمضاني المسمى بـ «الحجاج» حيث يعرض المسلسل «سكينة بنت الإمام الحسين عليها السلام» كزوجة لمصعب بن الزبير. وكذلك كون «فاطمة بنت الإمام الحسين عليهما السلام» كزوجة لأحد أبناء عثمان بن عفان؟ فما هو الرد سيدنا الجليل.. ولكم منا جزيل الشكر والإمتنان..
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
زواج سكينة بمصعب؟!
فإننا بالنسبة لزواج سكينة بمصعب نقول: إن مما لا ريب فيه أنه قد بذلت محاولات كثيرة للنيل من مقام أهل البيت عليهم السلام، وكل من لهم بهم أدنى رابطة، أو نسبة.. ولم تسلم حتى النساء من التجني والافتراء، ومنهم السيدة سكينة رضوان الله تعالى عليها..
ومهما يكن من أمر، فقد رووا: أن سكينة قد تزوجت ستة رجال: أحدهم مصعب بن الزبير المقتول سنة 71 هجرية، وزعموا: أنه أبو عذرتها 1.
وقد ذكر السيد عبد الرزاق المقرم: أن رواية زواج مصعب بن الزبير بها لا تعدو الزبيريين أنفسهم، فإن رواتها هم: الزبير بن بكار، وابن أخيه مصعب، وعروة بن الزبير.. 2.
مع أن المروي أيضاً: أن زوجها الأول هو عبد الله الأكبر، ابن الإمام الحسن المجتبى، وأمه رملة، وقد استشهد يوم الطف.. 3.
وقد صرح جماعة من المؤرخين: أنه هو أبو عذرها.. 4.
وقيل: إن أبا عذرها عمر بن الحسن بن علي.. 5.
على أن من البعيد أن يكون زواجها من مصعب ـ لو صح ـ كان عن رغبة ورضىً منها، فإن آل الزبير كانوا من المبغضين للإمام علي وأهل بيته عليهم السلام ومن الشانئين لهم، وقد حاربوه في واقعة الجمل، وقد قتل الإمام علي عليه السلام الزبير، وهو أبو مصعب، فكيف يتزوج ابنه بحفيدة قاتل أبيه، إلا إن كانت هناك مقتضيات ومآرب أخرى دعته إلى ذلك، مثل محاولة إذلالهم، وإيصال الأذى إليهم.
ولعل هذا يؤيد صحة ما ذكروه من أنه قد تزوجها قهراً، وجبراً.. 6.
وكيف يكون زواجاً عفوياً، ونحن نعلم أن أخاه قد جمع الهاشميين وحصرهم في الشعب، وصار يجمع الحطب عليهم ليحرقهم.. والقضية أشهر من أن تذكر..
وقد زعموا تارة: أنها ولدت لمعصب بنتاً اسمها فاطمة.. 7.
وأخرى: اسمها رباب.. 8.
وزعموا أيضاً: أن من أزواجها: عبد الله بن عثمان الحزامي، وأنها ولدت له غلاماً اسمه قرير، أو قرين 9، وأن من أزواجها أيضاً زيد بن عمرو بن عثمان، والأصبغ بن عبد العزيز بن مروان، ولم يدخل بها. وإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ولم يدخل بها أيضاً.. 10.
زواج فاطمة بابن عثمان؟!
أما بالنسبة للسؤال عن أن فاطمة بنت الحسين عليه السلام قد تزوجت بعبد الله بن عمرو بن عثمان، فنقول:
إن فاطمة كانت قد تزوجت بابن عمها الحسن بن الحسن، فولدت له عبد الله، ومحمداً، وإبراهيم، وزينب، ثم مات عنها، فأقامت على قبره سنة كاملة.. ثم تزوجها عبد الله بن عمرو بن عثمان فولدت له القاسم، ومحمداً، وهو الديباج (لجماله).. ورقية.
وقد روى في الأغاني قصة عن كيفية تزويجها بعبد الله هذا، وأنه قد تزوجها بمجرد انقضاء عدتها، وهي قصة تتضمن إهانات رخيصة لمقام هذه السيدة الجليلة، ولا شك في أنها مكذوبة من أجل النيل من كرامتها..
مع أنهم يذكرون عنها: أنها كانت تصوم النهار، وتقوم الليل، وتشتغل بالتسبيح بخيط فيه عُقَد 11.
ومع أن رواية المفيد قد صرحت بأنها أقامت على قبر الحسن بن الحسن سنة كاملة.. 12.
فكيف تكون قد تزوجت بعبد الله بن عمرو فور انقضاء عدتها..
ومع أنهم يذكرون أيضاً: أن سبب تزويجها هو أن أمها « أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله » حلفت عليها لتتزوجنه، وقامت في الشمس، وآلت ألا تبرح حتى تتزوجه، فكرهت فاطمة أن تحرج، فتزوجته..
وبذلك يعلم كذب الرواية التي جعلت السبب في ذلك هو عشقها لعبد الله بن عمرو بن عثمان، وانقيادها لهواها في أمره.
والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين 13..
- 1. راجع: سير أعلام النبلاء ج 5 ص 262 وطبقات ابن سعد ج 8 ص 475 وأعيان الشيعة ج 3 ص 492 عنه..
- 2. سكينة بنت الحسين ص 92 عن عيون الأخبار لابن قتيبة ج 1 ص 258 وراجع: الأغاني ج 14 ص 163.
- 3. راجع: إعلام الورى ص 127 والمجدي في أنساب الطالبيين ص 19 وإسعاف الراغبين، بهامش نور الأبصار ص 202، والأغاني ج 4 ص 163.
- 4. المحبر ص 438 والمترادفات للمدائني ص 64 المجموعة الأولى من نوادر المخطوطات وبه صرح في الأغاني أيضاً..
- 5. أعيان الشيعة ج 3 ص 492.
- 6. أعيان الشيعة ج 3 ص 492 عن تذكرة الخواص..
- 7. طبقات ابن سعد ج 8 ص 475 وأعيان الشيعة ج 3 ص 492 وتذكرة الخواص ص 278.
- 8. طبقات ابن سعد ج 5 ص 183 وأعيان الشيعة ج 3 ص 492 عن الأغاني وعن سبط ابن الجوزي..
- 9. طبقات ابن سعد ج 5 ص 434.
- 10. أعيان الشيعة ج 3 ص 492 عن الأغاني وعن تذكرة الخواص..
- 11. نيل الأوطار ج 2 ص 359 وتحفة الأحوذي ج 9 ص 322.
- 12. الإرشاد للمفيد ج 2 ص 26 وراجع: كتاب الهواتف لابن أبي الدنيا ص 92 وشرح النهج للمعتزلي ج 10 ص 287.
- 13. مختصر مفيد.. (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)، السيد جعفر مرتضى العاملي، « المجموعة التاسعة »، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1424 هـ ـ 2004 م، السؤال (530).