إثبات القضية: ﴿ … سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ 1، في تفسير الطبرسي: (نزلت الآية في إسرائه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان ذلك بمكة ساعة المغرب في المسجد ثم أسرى به في ليلته، ثم، رجع فصلى الصبح في المسجد الحرام، فأما الموضع الذي أسري إليه أين كان؟ كان الإسراء إلى بيت المقدس، وقد نطق به القرآن، ولا يدفعه مسلم، وما قاله بعضهم أن ذلك كان في النوم فظاهر البطلان إذ لا معجز فيه ولا برهان، وقد وردت روايات كثيرة في قصة المعراج وعروج نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى السماء ورواها كثير من الأصحاب مثل ابن عباس وابن مسعود وأنس وجابر بن عبد الله وحذيفة وعائشة وأم هانيء وغيرهم عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فزاد بعضهم، ونقص بعضهم، وتنقسم جملتها إلى أربعة أوجه:
أحدها: ما يقطع مع صحته التواتر الإخبار به وإحاطة العلم بصحته –
وثانيها: ما ورد في ذلك مما تجوزه العقول ولا تأباه الأصول، فنحن نجوزه ثم نقطع على أن ذلك كان في يقظته دون منامه.
ثالثها: ما يكون ظاهره مخالفاً لبعض الأصول إلا أنه يمكن تأويلها على وجه يوافق المعقول فالأولى
أن نأوّله على ما يطابق الحق والدليل.
رابعاً: ما لا يصح ظاهره، ولا يمكن تأويله إلا على الوجه البعيد فالأولى أن لا نقبله فأما الأول المقطوع به فهو أنه أسري به (صلى الله عليه وآله وسلم) الى الجنة، وأما الثاني فمنه ما روي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه طاف في السماوات ورأى الأنبياء والعرش وسدرة المنتهى والجنة والنار ونحو ذلك، وأما الثالث فنحو ما روي أنه رأى قوماً في الجنة يتنعمون فيها، ورأى قوماً في النار يعذبون فيها، فيحمل على أنه رأى صفتهم وأسماءهم، وأما الرابع فنحو ما روي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه علم الله سبحانه جهرة ورآه وقعد معه على سريره ونحو ذلك مما يوجب ظاهره التشبيه والله يتقدس عن ذلك وما روي أنه شق بطنه وغسل لأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) مطهر من كل سوء وعيب، كيف يطهر القلب وما فيه من الاعتقاد بالماء؟
عن الصادق (عليه السلام) قال أمير المؤمنين (عليه السلام) وأما الرد على من أنكر المعراج فقوله تعالى: ﴿ وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَىٰ * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ * فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ ﴾ 2 … إلى قوله ﴿ عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ ﴾ 3 . ﴿ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَىٰ ﴾ 4.
عن الصدوق عن أحمد بن علي بن ابراهيم عن أبيه عن جده عن أحمد بن عمر عن زيد النقاب عن أبان بن تغلب عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يكثر تقبيل فاطمة (عليها السلام)، فعاتبته على ذلك عائشة، فقالت: يا رسول الله إنك لتكثر تقبيل فاطمة؟ فقال لها: إنه لما عرج بي إلى السماء مر بي جبرائيل على شجرة طوبى فناولني من ثمارها فأكلته، فحول الله ذلك ماءً إلى ظهري، فلما أن هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة، فما قبلتها إلا وجدت رائحة شجرة طوبى منها). (الصلاة في طيبة “المدينة” طور سيناء، بيت لحم، القدس)
خامساً: نقاط الخلاف: عدد الإسراء بين المرة والمرتين – هل هما بالروح أو بالروح والجسد معاً أو أن ذلك في المنام فقط؟ – الزمان فبعضهم قال في السنة الثانية عشر للنبوة بعد النبوة بسنتين و قبل الهجرة بسنة وشهرين – قيل ليلة 17 ربيع الأول 17 رمضان أو 27 رجب – البراق وهي دابة من دواب الجنة ليست بالقصير ولا بالطويل فلو أن الله أذن لها لجالت الدنيا والآخرة في جرية واحدة وهي أحسن الدواب لوناً – عن الصادق (عليه السلام): (من أنكر ثلاثة أشياء فليس من شيعتنا المعراج، المساءلة في القبر والشفاعة) – من دار أم هاني أو من شعب أبي طالب أو من دار خديجة أو من نفس المسجد الحرام5.
- 1. القران الكريم: سورة الإسراء (17)، من بداية السورة إلى الآية 1، الصفحة: 282.
- 2. القران الكريم: سورة النجم (53)، الآيات: 7 – 10، الصفحة: 526.
- 3. القران الكريم: سورة النجم (53)، الآية: 15، الصفحة: 526.
- 4. القران الكريم: سورة النجم (53)، الآيات: 11 – 14، الصفحة: 526.
- 5. نقلا عن الموقع الرسمي لسماحة الشيخ محمد توفيق المقداد حفظه الله.