الأستوديوالتعليمالقرآن الكريمالقرآن الكريممقالات

رمي المُحصَنات…

آيات الله كنوز المعرفة ومصابيح الهداية، إنها بلاسم ناجعة لكل الأمراض الإجتماعية، فلنحذر جميعاً من أن تمرَّ علينا وتمضي دون أن نستفيد منها ونغترف من معينها، وفي هذا العدد سنقف عند  قوله تعالى في الآية الرابعة من سورة النور (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (سورة النور -4) الآية الكريمة في مطلعها أشارت إلى جريمة (رمي أو قذف) المحصنات وهو (اتهامهنَ بارتكاب الفاحشة كالزنا من دون بينة عليه) وحذَّرَت أيّما تحذير من هذه الجريمة لأنها تستهدف كيان الأسرة التي هي أساس المجتمع وتهدم كرامتها، بل فرضت وأجرت عقوبات عديدة على من يمارس مثل هذا الفعل المشين، وكلها بمثابة حواجز وزواجر بوجه اصحاب النفوس المريضة من التعدي على الآخرين وهتك حرماتهم، فقد اشترط الإسلام الحنيف لثبوت جريمة الزنا أربعة شهود عدول وهذا ما لم يطلبه حتى مع الجرائم التي نعدّها أخطر مثل جريمة القتل فهي تثبت بشهادة عدلين، وهذا الأمر أسباب كثيرة منها غلق الباب في وجوه الملفقين فإدّعاء الزنا يكون أسهل من غيره كونه حدثاً عابراً لا عليه يترتب ما يترتب على  القتل من شرط وجود القتيل أو ما شابه ذلك ولكن مع هذا الشرط الإلهي أصبح الأمر صعباً جداً وذلك لصعوبة اجتماع أربعة على شهادة الزور، خاصة إذا ما علمنا أن الشهادة ليست على السماع أو الشك وإنَّما الشهادة بالرؤية الصريحة لفعل الزنا، وإن حدث واجتمعوا على الشهادة الباطلة يستحيل أن يجتمعوا على كل الظروف المحيطة بالجريمة ومن الممكن جداً أن يُكشَف زيفهم وحينها يستوجبون العقوبة الدنيوية المترتبة على القذف من الجلد ثمانين جلدة وعدم قبول الشهادة وعدَّهم فاسقين، مضافاً إلى الوعد الإلهي باللعنة والعذاب في الدنيا والآخرة قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23)يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) (سورة النور23-25).

ووسط التأمل بهذا الوعد الإلهي ندرك عظمة الجرم وقبحه وندرك كم نحن محتاجون لمراجعة النفس ومحاسبتها على ما نطلق من ألفاظ قد تدخلنا في زمرة الخاسرين ونحن غافلون.

من هنا يثبت أن النجاة تستوجب علينا أن نعي ما نقول، وأن نجعل كلام الله حاضراً معنا في كل مجلس ومكان، وأن لا يغيب عن أذهاننا قوله تعالى (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (سورة قّ – 18) .
مصطفى غازي الدعمي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى