بسم الله الرحمن الرحيم
حُكم الغناء والموسيقى في مذهب أهل البيت عليهم السلام
(نبذة مختصرة)
بقلم الشيخ / زكريا بركات.
جاء رجلٌ إلى الإمام الصادق عليه السلام، فقال الرجل للإمام: بأمي أنت وأمي؛ إن في بيتي مكاناً لقضاء الحاجة (تواليت) ، ولي جيران عندهم جوار يغنين ويضربن بالعود، وموضع قضاء الحاجة في بيتي مجاور لبيت الجيران، فحين أدخل الخلاء ربما أطلت الجلوس لكي أستمتع بالغناء والطرب الذي يصل صوته إلي وأنا في بيت الخلاء.. فهل يجوز لي ذلك؟
فقال له الإمام الصادق عليه السلام: لا تفعلْ..!
وقد كان الرجُل يتصور أن حضور مجلس الطرب هو المحرّم، وأما مجرَّد الاستماع والاستمتاع بالأصوات فليس فيه شيء، فأعاد التساؤل قائلاً: والله ما آتيهن، إنما هو سماعٌ أسمعُه بأذُني..!
فقال له الإمام الصادق عليه السلام: لله أنت..! أما سمعت الله عز وجل يقول: (إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤولاً) ؟ [الإسراء: 36] .
ففهم الرجل من كلام الإمام الصادق عليه السلام أن الاستماع أيضاً محرم، وكان للآية في قلبه وقعٌ جديد وتأثير عميق، فقال:
“بلى، والله لكأني لم أسمع بهذه الآية من كتاب الله من أعجمي ولا عربي..”.
فتاب الرجل واستغفر، وتعهد بألا يعود إلى استماع الغناء مرة أخرى، قائلاً:
“لا جرم أنني لا أعود إن شاء الله، وأني أستغفر الله”.
وحينئذ طلب الإمام الصادق عليه السلام من الرجل أن يغتسل غُسل التوبة وقال له:
“قم فاغتسل، وسل ما بدا لك، فإنك كنت مقيماً على أمر عظيم، ما كان أسوأ حالك لو متَّ على ذلك.. احمد الله، وسله التوبة من كل ما يكره، فإنه لا يكره إلا كل قبيح، والقبيح دعه لأهله، فإن لكل أهلاً”.
وهكذا أكّد الإمامُ الصادق (عليه السلام) على أن الاستماع إلى الغناء ليس ذنباً هيناً، بل هو من عظائم الذنوب، كما أكّد (سلام الله عليه) على أهمية أن يترك المؤمن كل قبيح، لأن القبيح لا يناسب شخصية المؤمن، بل على المؤمن أن يفعل ما يناسبه.. وكل يفعل ما يناسبه وما هو أهل له.
نسأل الله تعالى أن يوفق جميع المؤمنين إلى الابتعاد عن كل قبيح وخصوصاً الاستماع إلى الغناء.
مصدر الرواية الشريفة: الكافي للشيخ الكليني 6 : 432 بتصرف يسير، وسنده صحيح.
أحاديث أخرى حول الغناء:
قال الإمام الباقر عليه السلام : “الغناء مما أوعد الله عليه النار” وتلا هذه الآية (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ يَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) [لقمان: 6] . المصدر: الكافي 6 : 431 وسنده صحيح.
وروي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: “الغناء عُش النفاق”. المصدر: الكافي 6 : 431 .
وعن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: “لما مات آدم عليه السلام، وشمت إبليس وقابيل، فاجتمعا في الأرض فجعل إبليس وقابيل المعازف والملاهي شماتةً بآدم عليه السلام، فكل ما كان في الأرض من هذا الضرب الذي يتلذذ به الناس فإنما هو من ذاك”. المصدر: الكافي 6 : 431 .
وفي مستدرك الوسائل 13 : 221 عن لب اللباب للقطب الراوندي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: “من استمع إلى اللهو يذاب في أذنه الآنك”. والآنك هو الرصاص.
وفي بحار الأنوار 76 : 247 عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: “الغناء رُقية الزناء”. وفي صراط النجاة 2 : 291 : “أي وسيلة أو طريق إلى الزنا والعياذ بالله”.
وفي الخصال للشيخ الصدوق 1 : 24 بسنده عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: “الغناء يورث النفاق ويُعقب الفقر”.
وفي الكافي الشريف 6 : 433 ، بسند صحيح عن الإمام الصادق عليه السلام، أنه قال: “بيت الغناء لا تؤمن فيه الفجيعة، ولا تجاب فيه الدعوة، ولا يدخله المَلَك”.
وفي كتاب الأربعون حديثاً للإمام الخميني (قُدِّس سرُّه) : “إنَّ أكثر ما يُسبِّب فقد الإنسان العزم والإرادة هو الاستماع للغناء”.
وسئل السيد الخوئي (قُدِّس سرُّه) : “إذا دُعِي الشخص لحفل عُرس لأناسٍ بينه وبينهم قرابة شديدة، وعندهم غناء وطبل وزمر، ويخشى من عدم ذهابه إليهم حدوث القطيعة والزعل، فما حكمه؟”.
فأجاب السيِّد الخوئي: “لا يجوز الذهاب”. المصدر: كتاب “صراط النجاة” السؤال 1160 .
وأختتم هذه النبذة بقوله تعالى: (وذكِّرْ فإن الذكرى تنفع المؤمنين) [الذاريات: 55] .
والحمد لله رب العالمين.