الإمام علي الهادي
– هوالامام العاشر، ولد بقرية في ضواحي المدينة سنة ۲۱٤، وتوفي ودفن في سامراء سنة ۲٥٤، وأمه أم ولد، واسمها أم الفضل، فيكون عمره الشريف ٤۰ سنة، أقام منها مع أبيه ست سنين وأشهرا وبعده (۳۳) سنة وأشهرا.
– أولاده: كان له أربعة ذكور وبنت واحدة، وهم الامام الحسن العسكري، والحسين، ومحمد، وجعفر (۱) وعلية.
وكنيته أبو الحسن، واشهر ألقابه الهادي والنقي.
مع المتوكل:
كان المتوكل يبغض عليا وذريته، ولما بلغه مقام الامام الهادي بالمدينة، وميل الناس إليه، خاف منه، ودعا يحيى بن هرثمة، وأمره بالذهاب إلى المدينة، واحضار الامام.
قال يحيى: لما دخلت المدينة ضج أهلها ضجيجا عظيما ما سمع الناس بمثله خوفا على الامام الهادي، وقامت الدنيا على ساق، لانه كان محسنا إليهم، ملازما للمسجد، ولم يكن عنده ميل إلى الدنيا، فجعلت اسكنهم، واحلف اني ما أمرت به بسوء، وانه لا باس عليه، ثم فتشت منزله فلم أحد فيه اللا المصاحف والادعية وكتب العلم، فعظم في عينى، وتوليت خدمته بنفسي، واحسنت عشرته.
وما وصل الامام إلى سامراء، واستقر به المقام، حتى بعث إليه المتوكل جماعة من الاتراك، فهجموا داره ليلا، وحملوه إلى المتوكل على الحالة التي كان
ــــــــــــــــــــ
(۱) ويلقب بجعفر الكذاب، لانه ادعى الامامة بعد أخيه الحسن العسكري. (*)
/ صفحة ۲٤۷ /
عليها، وقالوا له: لم نجد في بيته شيئا، ووجدناه يقرأ القرآن مستقبلا القبلة.
وكان المتوكل حين دخل عليه الامام في مجلس الشرب حاملا الكأس بيده، فلما رآه هابه وعظمه، وكان في المجلس علي بن الجهم، فسأله المتوكل: من اشعر الناس؟. فذكر ابن الجهم الشعراء في الجاهلية والاسلام. فسأل الامام عن ذلك؟
فقال: اشعر الناس الحماني حيث يقول:
لقد فاخرتنا من قريش عصابة * بمط خدود وامتداد اصابع
فلما تنازعنا المقال قضى لنا * عليهم بما نهوى نداء الصوامع
ترانا سكوتا والشهيد بفضلنا * عليهم جهير الصوت في كل جامع
فان رسول الله احمد جدنا * ونحن بنوه كالنجوم الطوالع
فقال له المتوكل: وما نداء الصوامع يا أبا الحسن؟. قال: اشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
رجل يتشيع:
كان بأصفهان رجل يدعى عبد الرحمن، وكان له لسان وجرأة، وكان شيعيا. فقيل له: ما سبب تشيعك وقولك بامامة الهادي؟
قال: اخرجنى أهل أصفهان سنة من السنين، وذهبوا بي إلى باب المتوكل شاكين متظلمين، وفي ذات يوم، ونحن وقوف بباب المتوكل ننتظر الاذن بالدخول اذ خرج الامر باحضار علي الهادي فقلت لبعض من حضر: من هذا الرجل الذي أمر الخليفة باحضاره؟.
قال: رجل علوي، تقول الرافضة بامامته، ويريد المتوكل قتله.
فقلت في نفسي: لن أبرح، حتى انظر إليه، ولم يمض أمد من الوقت حتى أقبل راكبا على فرس، وقد قام الناس يمنه الطريق، ويسرتها صفين ينظرون إليه، فلما رأيته وقع حبه في قلبي، ودعوت له في نفسي أن يدفع الله شر المتوكل.
واقبل الامام يسير بين الناس، لا ينظر يمنة ولا يسره، وأنا أكرر في نفسي الدعاء. فلما صار بأزائي اقبل بوجهه علي، وقال لي: قد استجاب الله دعاءك، وطول عمرك، وكثر مالك وولدك.
قال عبد الرحمن: فارتعدت من هيبته، ووقعت بين أصحابي، فسألوني:
/ صفحة ۲٤۸ /
ما شأنك؟. فقلت: خيرا، ولم اخبر بذلك مخلوقا، فانصرفنا بعد ذلك إلى أصفهان، ففتح الله علي بدعائه، حتى أنا اليوم أغلق بابي على ألف ألف درهم سوى أموالي التي خارج الدار، ورزقت عشرة من الاولاد، وقد بلغت الان من العمر نيفا وسبعين سنة.
المصدر : الشيعة في الميزان ، تأليف : محمّد جواد مغنية ، ص ۲٤٦ ـ ۲٤۸