مقالات

حول ترحُّم الشَّيخ الصَّدوق على الناصر الأطروش

بسم الله الرحمن الرحيم

بقلم: زكريَّا بركات
4 نوفمبر 2022


اختلف الأعلام في الانتماء الطائفي لإمام الزيدية الناصر الأطروش، واسمه الحسن بن علي (ت 304 هـ) ، وممَّا تمسَّك به بعض القائلين بأنه كان إماميًّا قولُهم إنَّ الشَّيخ الصدوق ـ من علماء الإمامية ـ كان يترحَّمُ عليه بعبارة “قدَّس الله روحه” كلَّما روى عنه، فأردتُ أن أبحث وأتحقَّق في كتب الصدوق ممَّا قالوا، فتحصَّل عندي ما يلي:

ورد ذكرُ النَّاصر الأطروش في أسانيد الصَّدوق في المواضع التَّالية:

1 ـ عيون أخبار الرِّضا (ع) للصدوق، ج1 ص250 برقم 4 : حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه، قال: حدثنا علي بن الحسين العلوي، قال: حدثني الحسين بن علي الناصري قدس الله روحه، قال: حدثني أحمد بن رشيد، عن عمه أبي معمر سعيد بن خيثم، عن أخيه معمر، قال: كنت جالساً عند الصادق جعفر بن محمد (ع) فجاء زيد… الخبر.

2 ـ الأمالي للصَّدوق، ص40 برقم 11 : حدثنا علي بن أحمد بن موسى الدقاق، قال: حدثنا علي بن الحسين القاضي العلوي العباسي، قال: حدثني الحسن بن علي الناصر قدس الله روحه، قال حدثني‏… إلخ.

3 ـ الأمالي للصدوق، ص358 برقم 4 : حدثنا محمد بن القاسم الأسترآبادي، قال: حدثنا أحمد بن الحسن الحسيني، عن الحسن بن علي بن الناصر، عن أبيه، عن محمد بن علي، عن أبيه الرِّضا، عن موسى بن جعفر (ع) ، قال: سُئل الصَّادق (ع) عن الزَّاهد في الدنيا.. الحديث.

4 ـ علل الشرائع للصدوق، ج1 ص298 برقم 2 : حدثنا محمد بن القاسم المعروف بأبي الحسن الجرجاني رضي الله عنه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن الحسيني، عن الحسن بن علي الناصر، عن أبيه، عن محمد بن علي، عن أبيه الرِّضا، عن أبيه موسى بن جعفر (ع‏) ..

5 ـ معاني الأخبار، ص287 برقم 1 : حدثنا محمد بن القاسم المفسر الجرجاني رضي الله عنه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن الحسيني، عن الحسن بن علي الناصري، عن أبيه، عن محمد بن علي، عن أبيه الرِّضا، عن أبيه موسى بن جعفر (ع) ، قال: سُئل الصَّادق (ع) عن الزَّاهد في الدنيا… الحديث.

6 ـ معاني الأخبار، ص288 برقم 2 : حدثنا محمد بن القاسم المفسر الجرجاني رحمه الله، قال: حدثنا أحمد بن الحسن الحسيني، عن الحسن بن علي الناصري، عن أبيه، عن محمد بن علي، عن أبيه الرِّضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين (ع) ، قال: قيل لأمير المؤمنين (ع) صف لنا الموت‏..ز الحديث.

وبملاحظة الموارد المذكورة يتبين أن ذكر الناصر الأطروش لا يتعدى ستَّة موارد في أسانيد الصدوق، كما إنَّ الترحُّم المبحوث عنه غير مذكور إلا في موردين فقط، بينما تخلو الموارد الأخرى من الترحُّم وغيره.

وفي ضوء ذلك:

1 ـ يتَّضح أن قول بعض الباحثين أنَّ الصدوق كان يترحم على الناصر الأطروش كلما ذكره هو قول غير صحيح.

2 ـ ينبغي التساؤل عن الذي صدر منه الترحُّمُ، فلو كان المترحَّم عليه شيخاً للصدوق، لصحَّ استظهار صدور الترحم من الصدوق، إلَّا أنَّ بين الصدوق وبين الناصر واسطتين، فمن المحتمل أن يكون الترحم من الراوي مباشرة عن النَّاصر، ومن المحتمل أيضاً أن يكون الترحُّم أدرج في كتاب الصدوق من قبل بعض النسَّاخ المعظِّمين للنَّاصر.

3 ـ ممَّا يقوِّي احتمال صدور الترحُّم المذكور من بعض الرُّواة أو النسَّاخ أنَّ الصدوق لم يُطلقه في حقِّ أحد من مشايخه الذين يكثر من الترضي أو الترحم عليهم، ومن المستبعد أن يخصص الصدوق الناصر الأطروش بترحم من هذا الطراز مع عدم إطلاقه لمثله في حق أجلَّاء مشايخه.

4 ـ ممَّا يقوِّي احتمال صدور الترحُّم المذكور من بعض الرُّواة أو النسَّاخ أنَّ عبارة الترحُّم المذكورة قليلة الاستعمال جداً في كتب الصدوق، وممن تتعلَّق به العبارة المذكورة في كتب الصدوق ـ على ندرتها ـ : الصدوق نفسه.. فعدم احتمال أن يكون الصدوق هو من يترحَّم على نفسه بهذه العبارة، يقوِّي احتمال صدور هذا الترحم في حقِّ الناصر الأطروش وغيره من بعض رُواة كتب الصَّدوق أو الرُّواة الذين في السند أو النسَّاخ.

5 ـ ومع عدم ثبوت صدور الترحُّم المذكور على الناصر من قبل الصدوق نفسه، لا يكون التمسُّك بالترحُّم المذكور لإثبات انتماء الناصر الأطروش تامًّا.

والحمدُ لله ربِّ العالمين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى