حول المقصود من “زيارة الأربعين” في حديث علامات المؤمن

بسم الله الرحمن الرحيم

بقلم: زكريا بركات
٢٩ أكتوبر ٢٠١٨

روى الشيخ الطوسي (قده) في “تهذيب الأحكام” 6 : 52 ، الباب 16 ، برقم 37 ، عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) أنه قال: “علامات المؤمن خمسٌ: صلاة الخمسين، وزيارة الأربعين، والتختم باليمين، وتعفير الجبين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم”.

وبلغني أنَّ البعض قال بأنَّ المقصود بـ “زيارة الأربعين” هو زيارة أربعين مؤمناً..! فأقول تعليقاً على ذلك:

أوّلاً: الشيخ المفيد (قده) في “المزار”، والشيخ الطوسي (قده) في “التهذيب” وفي “مصباح المتهجِّد”، والسيد ابن طاووس في “الإقبال”، والحر العاملي (قده) في “الوسائل”، والعلامة المجلسي (قده) في “البحار”، كلُّهم ذكروا هذه الرواية في باب فضل زيارة الإمام الحسين عليه السلام، واعتبروها من الأدلَّة على اختصاص يوم العشرين من صفر بمزيد الأجر في الزيارة. فكيف يصح الإعراض عمَّا فهمه هؤلاء الأساطين من الرواية الشريفة بغير حجة بيِّنة.

ثانياً: هناك زيارة للإمام الحسين (عليه السلام) مخصوصة ليوم الأربعين، أي العشرين من صفر، وقد رُويت في المصادر المعتبرة، وتم التعبير عنها في عنوان الرواية وفي متنها بـ “زيارة الأربعين”، وهذا يشكِّل قرينة على تفسير عنوان “زيارة الأربعين” بزيارة الإمام الحسين (عليه السلام) في العشرين من صفر.

ثالثاً: قال العلامة المجلسي في “البحار” 98 : 334 في بيان مناسبة زيارة الإمام الحسين (ع) يوم الأربعين: “المشهور بين الأصحاب أنَّ العلَّة في ذلك رجوع حرم الحسين (صلوات الله عليه) في مثل ذلك اليوم إلى كربلاء عند رجوعهم من الشام وإلحاق علي بن الحسين صلوات الله عليه الرؤوس بالأجساد”، فهذه الشُّهرة تشكِّل قرينة أُخرى على حمل عنوان “زيارة الأربعين” على هذا المعنى.

رابعاً: لم أقف على مصدر معتبر يذكر رواية “زيارة الأربعين” في عداد الأحاديث التي ترتبط بزيارة المؤمنين، ولا من يفسِّرها بهذا التفسير ممَّن يعتدُّ بقولهم. كما أنَّه لا يوجد في متن الرواية ما يساعد على هذا الفهم.

فالحصيلة أنَّ القول بأنَّ المقصود بزيارة الأربعين هي زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) في يوم العشرين من صفر، هو القول الراجح.. وأمَّا القول بأنَّ المقصود بها هي زيارة أربعين مؤمناً فممَّا لا مُبرِّر له ولا يخلو من غرابة.

والحمدُ لله ربِّ العالمين.