مقالات

حكمة الله، وحكمة البشر…

نص الشبهة: 

هناك من يتجرأ على ساحة قداسة الله سبحانه، فيقول: إن الله تعالى قد وظف كل ما لديه من أجل إنجاح مشروعه المرتبط بحاكمية أطروحته السماوية.. ونهجه، وأرسل الأنبياء، وسلحهم بالمعجزات ومكنهم من إنزال الضربات القاصمة بالبشر.. فكان المسخ، والخسف، والغرق والإهلاك بريح صرصر عاتية، وما إلى ذلك. ولكن الأمر انتهى إلى الفشل.. فلماذا لا يترك للإنسان الدور للقيام بمشروعه الأرضي، ما دام أنه هو الأقدر على صناعة مصيره ومستقبله..

الجواب: 

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
وبعد..
فإننا نجيب على هذا السؤال بما يلي:
أولاً: إن المشروع الإلهي لم يفشل، والأمور بخواتيمها، إن في الدنيا، وإن في الآخرة.. وستكون الكلمة الأخيرة في كلا الدارين هي الله سبحانه..
ثانياً: إن الله لا يريد أن يفرض مشروعه على عباده بالقوة والقهر، ولو أراد ذلك لم يعطهم الاختيار والإرادة.
كما أنه لا يريد أن يقاتل هذا الإنسان ولا غيره من المخلوقات بالجيوش، وبالأسلحة الفتاكة..
بل هو يريد للإنسان أن يصنع إنسانيته، بمحض اختياره، وبملء إرادته.
ولكن هذا الإنسان هو الذي فشل في هذه المهمة. وقد كان فشله هذا واضحاً وفاضحاً، فإنه رغم كل ما حباه الله به من أسباب النجاح، من أجل أن يرتفع ويسمو بنفسه، ولكنه أخلد إلى الأرض، فخسر نفسه، وخسر دنياه وآخرته. رغم أن الله سبحانه قد ضمنهما له، لو أنه سار في حفظ الله، وامتثل أوامره و زواجره.
ثالثاً: إن ما أجراه الله على أولئك المفسدين في الأرض، وما واجههم به من عذاب، ليس لأجل أنه قد توسل بذلك لإنجاح مشروعه، بل لأنه أراد أن يحفظ البشر، والحياة كلها، من أن تتعرض للفناء والدمار، بسبب إفساد هؤلاء الناس، وعنف إجرامهم..
وأما المعجزات والكرامات فهي سبل هداية، وفواضل نعم، وألطاف وهبات حبا الله سبحانه عباده بها.. إحساناً منه وكرماً..
رابعاً: أما بالنسبة للإنسان ومشروعه، فإنه هو الذي أهلك البلاد والعباد، وأفنى الأمم، وأزال الحضارات. وهو لم يزل الجرثومة القاتلة التي تفتك بكل مواقع الخير، والسعادة.. وتمنع عن الإنسان كل راحة، ونعمة وصلاح وفلاح..
إنه لم يزل تنتقل من فشل إلى فشل، ومن سيء إلى أسوأ..
وأي مشروع يملكه هذا الإنسان سوى مشروع الجريمة والسقوط، والفناء والتلاشي؟!..
والحمد لله رب العالمين 1.

  • 1. مختصر مفيد.. (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)، السيد جعفر مرتضى العاملي، « المجموعة الخامسة »، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1424 ـ 2003، السؤال (290).
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى