مقالات

معرفة أهل البيت (ع)…

بسم الله الرحمن الرحيم

سألني بعضُ طلَّاب العلم عن سند الحديث المذكور في بعض المصادر، ومنها بحار الأنوار، والذي يتحدَّث عن معرفة أمير المؤمنين (عليه السلام) بالنورانية، وفيه أنه لا يستكمل المؤمنُ الإيمانَ حتَّى يَعرف الإمامَ بالنُّورانيَّة، وإلَّا فهو شاكٌّ مُرتاب..!

فأقول: هذا الحديث تفرَّد بذكره صاحبُ كتابٍ يُعرَفُ بـ (الكتاب العتيق) أو (نسخة عتيقة) أو (المناقب) ، وقد قيل أنَّه العلوي، ولكن لا يُعرف من هو، ولا يُعرف حالُه. وذهب بعضُ الباحثين إلى أنَّه من أعلام أواخر القرن الخامس الهجري. ولم يصل هذا الكتاب إلى العلماء بطريق يمكن الوثوق به، ومنهم العلَّامة المجلسي، ومع ذلك نقل منه بعضُهم هذا الحديث. وسندُ الحديث في هذا الكتاب يبدأ بـ محمَّد بن صدقة الذي لا يُعلم من هو، ولا يُعلم اتصالُ السند بين مؤلِّف الكتاب وبينه، وإن كان العنبري أو الشعيريِّ فقد رُمي بالغلوِّ ولا يصلح أن ينقل عنه المؤلِّف مباشرةً لتأخُّر طبقته. وبعده ورد ذكرُ أبي ذر الغفاري (رضي الله عنه) في السند، والظاهر ـ أيضاً ـ أنَّه منقطع لا سبيل إلى الحكم بالاتِّصال بين محمد بن صدقة وأبي ذر. فهذه ظلمات بعضُها فوقَ بعضٍ، وبذلك يتَّضح أنَّ السند شديد الضعف لا سبيل إلى الحكم باعتباره. ولا يوجد لهذا الحديث سندٌ آخرُ ولا مصدرٌ آخر. وكل من يذكره من المؤلفين فإنما ينقلون من هذا الكتاب المجهول أو عمَّن نقل منه. وبذلك يتَّضح خطأ الذين يُؤكِّدون على ضرورة المعرفة بالنُّورانيَّة استناداً إلى هذا الحديث الشديد الضعف، كما يتَّضح عدمُ الاحتياج إلى الانشغال بتوضيح ما في لفظ هذا الحديث من غرائبَ تزيدُ البصيرَ ريبةً فيه.

والحمدُ لله ربِّ العالمين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى