بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
بقلم: زكريَّا بركات
صرَّح الشيخ الأنصاري (ت 1281 هـ) بتواتر السنَّة الشريفة في هذا الباب، وذلك في رسالته “الاجتهاد والتقليد” (ص48) .
وقال الآخوند الخراساني (ت 1329 هـ) في “كفاية الأصول” (ص473 ـ 474) : “الأخبار على اختلاف مضامينها وتعدُّد أسانيدها لا يبعد دعوى القطع بصدور بعضها، فيكون دليلاً قاطعاً على جواز التقليد…”. إلخ كلامه.
وقال السيِّد الخوئي (قده) ـ كما في “فقه الشيعة” (7/16) ـ : “أمَّا الأخبار الدالَّة على حُجيِّة الفتوى وجواز عمل الغير بها فهي على طوائف، يبلغ مجموعها حدَّ التواتر، بحيث يوجب القطعَ بصدور بعضها…”. إلخ كلامه. وقريبٌ منه عبارةُ “التنقيح” (1/91) .
وبناءً على ما ذكره هؤلاء الأعلام من علماء مدرسة أهل البيت عليهم السلام، يكون التقليد مستنداً إلى القطعيِّ من الأحاديث الشريفة عنهم عليهم السلام، وحينئذٍ نعلم أنَّ دعاوي ترك التقليد والتشكيك في المرجعيَّة تنمُّ عن جهل بالقطعيِّ من أحاديث أهل البيت عليهم السلام.. ومن العجائب أنَّ الدُّعاة إلى ترك التقليد يدعون العوامَّ إلى الرجوع إلى الأحاديث مباشرةً من غير توسيط العُلماء الأُمناء، فصارت الدعوةُ إلى الرجوع إلى الأحاديث (بهذا الشكل) منافيةً للقطعيِّ من الأحاديث.
وكما ضاعت الأمَّة الإسلامية بفصل القرآن عن العترة، فكان رجوعُهم إلى القرآن الكريم من غير رجوع إلى العترة منافياً لمرجعية القرآن الكريم نفسه وتضييعاً لأحكامه، فكذلك الدعوة إلى فصل الأحاديث عن العلماء الأمناء من المنتمين إلى العترة؛ أدَّت إلى ابتداع مرجعيَّة للأحاديث منافيةٍ للقطعيِّ من الأحاديث نفسها، ممَّا يؤدِّي إلى تحريف معنى الأحاديث وتضييعها.. والهدف هو ضياع أتباع أهل البيت عليهم السلام وابتعادهم عن تعاليم العترة الطاهرة..
وبعبارة أخرى: إنَّ شعار (حسبنا كتاب الله) كان غرضه تضييع كتاب الله تعالى، وبالتالي تضييع الأمَّة الإسلاميَّة وإيجاد الفتنة بينهم، وكذلك شعار (حسبنا أحاديث أهل البيت) هدفه تضييع أحاديث أهل البيت، وبالتالي تضييع أتباع أهل البيت وإيجاد الفتنة بينهم.
ولا حولَ ولا قوَّة إلَّا بالله العليِّ العظيم.
والحمدُ لله ربِّ العالمين.