مقالات

الموت حقيقة واقعية…

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الموتُ حقيقةٌ يجد الإنسانُ نفسه مقهوراً أمام واقعيَّتها، وفي دعاء الصَّباح المرويِّ عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام: فَيا مَنْ تَوَحَّدَ بالعِزِّ والبقاءِ، وَقَهَرَ عبادَهُ بِالموتِ والفَناء. [البحار 84 : 339] .

وبسبب أنَّ الرَّغبة في البقاء مغروسة في التكوين النفسي للإنسان، وأنَّ معظم الناس يشعرون بأنَّ الموت نهايةٌ للحياةِ والارتباطِ بالدُّنيا التي تعلَّقوا بها، فإنَّهم يكرهون الموتَ..

في الحديث القُدسي أنَّ الله تعالى يقول: ما تردَّدْتُ في شيءٍ أنا فاعلُهُ كتردُّدِي في عبدي المؤمنِ؛ إنِّي أُحِبُّ لقاءَهُ فيكرَهُ الموت‏َ. [الكافي 2 : 354] .

ورُوي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنَّه قال: لمَّا أراد اللهُ تبارك وتعالى قبضَ روحِ إبراهيمَ عليه السلام، أهبط إليه ملكَ الموتِ، فقال: السَّلامُ عليك يا إبراهيم، قال: وعليك السَّلامُ يا ملكَ الموتِ، أداعٍ أم ناعٍ؟ قال: بل داعٍ ـ يا إبراهيمُ ـ فأجِبْ. قال إبراهيم عليه السلام: فهل رأيت خليلاً يُميت خليلَهُ؟

فرجع ملكُ الموتِ حتَّى وقف بين يديِ اللهِ جلَّ جلالُه فقال إلهي قد سمعتَ ما قال خليلُك إبراهيمُ. فقال الله جلَّ جلالُه: يا ملكَ الموتِ، اذهب إليه وقُل له: هل رأيتَ حبيباً يكره لقاءَ حبيبِه؟ إنَّ الحبيبَ يُحبُّ لقاءَ حبيبِهِ. [الأمالي للصدوق، ص196] .

وهكذا تسوقنا النصوصُ الدينيَّة إلى أن نُصحِّح نظرتنا إلى الموت، بأن ننظر إليه بصفته لقاءً بالله تعالى.

فإن كنَّا نزعم أنَّنا أحبابُ الله، فما لنا نخاف الموت؟ وإن كان هنالك خللٌ في علاقتنا بالله تعالى يوجبُ الخوفَ من عدله، فما الَّذي يمنعنا من إزالة الخلل وتصحيح الارتباط؟

ونختتم هذه اللَّمحة بالإشارتين التاليتين:

1 ـ رُوي في الحديث القدسي أنَّ الله تعالى قال لموسى عليه السلام: يا ابن عمران، كذب من زعم أنَّه يُحبُّني فإذا جنَّه اللَّيلُ نام عنِّي؛ أليس كلُّ مُحبٍّ يُحبُّ خَلوةِ حبيبه؟ [الأمالي للصدوق، ص356] .

2 ـ في مناجاة المحبِّين: إِلهي؛ مَنْ ذَا الَّذِي ذَاقَ حَلَاوَةَ مَحَبَّتِكَ فَرَامَ مِنْكَ بَدَلًا، وَمَنْ ذَا الَّذِي أَنِسَ‏ بِقُرْبِكَ فَابْتَغَى عَنْكَ حِوَلاً. [البحار 91 : 148] .

نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل محبَّته، وأن يجعلنا من المشتاقين للقائه.

والله وليُّ التوفيق.

والحمدُ لله ربِّ العالمين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى