من هو المؤمن ؟
المؤمن : هو من كان متصفا بالإيمان ، و الإيمان هو العقيدة الثابتة في القلب ، أي الاعتقاد بوجود الله عز و جل و بما أنزله الله و جاء به الرسول المصطفى محمد ( صلى الله عليه و آله ) ، و تصديق الاعتقاد المذكور يكون بالعمل بما أمره الله عز و جل عبر نبيه ( صلى الله عليه و آله ) .
قال الله تعالى : ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ 1 .
ثم أن الله عَزَّ وَ جَلَّ قد بيَّن العديد من صفات المؤمنين في القرآن الكريم في آيات كثيرة منتشرة في سور القرآن ، بل أفرد سورة بإسم المؤمنين و بيَّن في الآيات الأولى منها أهمَّ صفاتهم ، قال الله سبحانه و تعالى : ﴿ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ 2
صفات المؤمن عند الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ3 ( عليه السلام ) قَالَ قَامَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ هَمَّامٌ وَ كَانَ عَابِداً نَاسِكاً مُجْتَهِداً إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السلام ) وَ هُوَ يَخْطُبُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صِفْ لَنَا صِفَةَ الْمُؤْمِنِ كَأَنَّنَا نَنْظُرُ إِلَيْهِ فَقَالَ يَا هَمَّامُ الْمُؤْمِنُ هُوَ الْكَيِّسُ الْفَطِنُ بِشْرُهُ فِي وَجْهِهِ وَ حُزْنُهُ فِي قَلْبِهِ أَوْسَعُ شَيْءٍ صَدْراً وَ أَذَلُّ شَيْءٍ نَفْساً زَاجِرٌ عَنْ كُلِّ فَانٍ حَاضٌّ عَلَى كُلِّ حَسَنٍ لَا حَقُودٌ وَ لَا حَسُودٌ وَ لَا وَثَّابٌ وَ لَا سَبَّابٌ وَ لَا عَيَّابٌ وَ لَا مُغْتَابٌ يَكْرَهُ الرِّفْعَةَ وَ يَشْنَأُ السُّمْعَةَ طَوِيلُ الْغَمِّ بَعِيدُ الْهَمِّ كَثِيرُ الصَّمْتِ وَقُورٌ ذَكُورٌ صَبُورٌ شَكُورٌ مَغْمُومٌ بِفِكْرِهِ مَسْرُورٌ بِفَقْرِهِ سَهْلُ الْخَلِيقَةِ لَيِّنُ الْعَرِيكَةِ رَصِينُ الْوَفَاءِ قَلِيلُ الْأَذَى لَا مُتَأَفِّكٌ وَ لَا مُتَهَتِّكٌ إِنْ ضَحِكَ لَمْ يَخْرَقْ وَ إِنْ غَضِبَ لَمْ يَنْزَقْ ضِحْكُهُ تَبَسُّمٌ وَ اسْتِفْهَامُهُ تَعَلُّمٌ وَ مُرَاجَعَتُهُ تَفَهُّمٌ كَثِيرٌ عِلْمُهُ عَظِيمٌ حِلْمُهُ كَثِيرُ الرَّحْمَةِ لَا يَبْخَلُ وَ لَا يَعْجَلُ وَ لَا يَضْجَرُ وَ لَا يَبْطَرُ وَ لَا يَحِيفُ فِي حُكْمِهِ وَ لَا يَجُورُ فِي عِلْمِهِ نَفْسُهُ أَصْلَبُ مِنَ الصَّلْدِ وَ مُكَادَحَتُهُ أَحْلَى مِنَ الشَّهْدِ لَا جَشِعٌ وَ لَا هَلِعٌ وَ لَا عَنِفٌ وَ لَا صَلِفٌ وَ لَا مُتَكَلِّفٌ وَ لَا مُتَعَمِّقٌ جَمِيلُ الْمُنَازَعَةِ كَرِيمُ الْمُرَاجَعَةِ عَدْلٌ إِنْ غَضِبَ رَفِيقٌ إِنْ طَلَبَ لَا يَتَهَوَّرُ وَ لَا يَتَهَتَّكُ وَ لَا يَتَجَبَّرُ خَالِصُ الْوُدِّ وَثِيقُ الْعَهْدِ وَفِيُّ الْعَقْدِ شَفِيقٌ وَصُولٌ حَلِيمٌ خَمُولٌ قَلِيلُ الْفُضُولِ رَاضٍ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مُخَالِفٌ لِهَوَاهُ لَا يَغْلُظُ عَلَى مَنْ دُونَهُ وَ لَا يَخُوضُ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ نَاصِرٌ لِلدِّينِ مُحَامٍ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ كَهْفٌ لِلْمُسْلِمِينَ لَا يَخْرِقُ الثَّنَاءُ سَمْعَهُ وَ لَا يَنْكِي الطَّمَعُ قَلْبَهُ وَ لَا يَصْرِفُ اللَّعِبُ حُكْمَهُ وَ لَا يُطْلِعُ الْجَاهِلَ عِلْمَهُ قَوَّالٌ عَمَّالٌ عَالِمٌ حَازِمٌ لَا بِفَحَّاشٍ وَ لَا بِطَيَّاشٍ وَصُولٌ فِي غَيْرِ عُنْفٍ بَذُولٌ فِي غَيْرِ سَرَفٍ لَا بِخَتَّالٍ وَ لَا بِغَدَّارٍ وَ لَا يَقْتَفِي أَثَراً وَ لَا يَحِيفُ بَشَراً رَفِيقٌ بِالْخَلْقِ سَاعٍ فِي الْأَرْضِ عَوْنٌ لِلضَّعِيفِ غَوْثٌ لِلْمَلْهُوفِ لَا يَهْتِكُ سِتْراً وَ لَا يَكْشِفُ سِرّاً كَثِيرُ الْبَلْوَى قَلِيلُ الشَّكْوَى إِنْ رَأَى خَيْراً ذَكَرَهُ وَ إِنْ عَايَنَ شَرّاً سَتَرَهُ يَسْتُرُ الْعَيْبَ وَ يَحْفَظُ الْغَيْبَ وَ يُقِيلُ الْعَثْرَةَ وَ يَغْفِرُ الزَّلَّةَ لَا يَطَّلِعُ عَلَى نُصْحٍ فَيَذَرَهُ وَ لَا يَدَعُ جِنْحَ حَيْفٍ فَيُصْلِحَهُ أَمِينٌ رَصِينٌ تَقِيٌّ نَقِيٌّ زَكِيٌّ رَضِيٌّ يَقْبَلُ الْعُذْرَ وَ يُجْمِلُ الذِّكْرَ وَ يُحْسِنُ بِالنَّاسِ الظَّنَّ وَ يَتَّهِمُ عَلَى الْعَيْبِ نَفْسَهُ يُحِبُّ فِي اللَّهِ بِفِقْهٍ وَ عِلْمٍ وَ يَقْطَعُ فِي اللَّهِ بِحَزْمٍ وَ عَزْمٍ لَا يَخْرَقُ بِهِ فَرَحٌ وَ لَا يَطِيشُ بِهِ مَرَحٌ مُذَكِّرٌ لِلْعَالِمِ مُعَلِّمٌ لِلْجَاهِلِ لَا يُتَوَقَّعُ لَهُ بَائِقَةٌ وَ لَا يُخَافُ لَهُ غَائِلَةٌ كُلُّ سَعْيٍ أَخْلَصُ عِنْدَهُ مِنْ سَعْيِهِ وَ كُلُّ نَفْسٍ أَصْلَحُ عِنْدَهُ مِنْ نَفْسِهِ عَالِمٌ بِعَيْبِهِ شَاغِلٌ بِغَمِّهِ لَا يَثِقُ بِغَيْرِ رَبِّهِ غَرِيبٌ وَحِيدٌ جَرِيدٌ حَزِينٌ يُحِبُّ فِي اللَّهِ وَ يُجَاهِدُ فِي اللَّهِ لِيَتَّبِعَ رِضَاهُ وَ لَا يَنْتَقِمُ لِنَفْسِهِ بِنَفْسِهِ وَ لَا يُوَالِي فِي سَخَطِ رَبِّهِ مُجَالِسٌ لِأَهْلِ الْفَقْرِ مُصَادِقٌ لِأَهْلِ الصِّدْقِ مُؤَازِرٌ لِأَهْلِ الْحَقِّ عَوْنٌ لِلْقَرِيبِ أَبٌ لِلْيَتِيمِ بَعْلٌ لِلْأَرْمَلَةِ حَفِيٌّ بِأَهْلِ الْمَسْكَنَةِ مَرْجُوٌّ لِكُلِّ كَرِيهَةٍ مَأْمُولٌ لِكُلِّ شِدَّةٍ هَشَّاشٌ بَشَّاشٌ لَا بِعَبَّاسٍ وَ لَا بِجَسَّاسٍ صَلِيبٌ كَظَّامٌ بَسَّامٌ دَقِيقُ النَّظَرِ عَظِيمُ الْحَذَرِ لَا يَجْهَلُ وَ إِنْ جُهِلَ عَلَيْهِ يَحْلُمُ لَا يَبْخَلُ وَ إِنْ بُخِلَ عَلَيْهِ صَبَرَ عَقَلَ فَاسْتَحْيَا وَ قَنِعَ فَاسْتَغْنَى حَيَاؤُهُ يَعْلُو شَهْوَتَهُ وَ وُدُّهُ يَعْلُو حَسَدَهُ وَ عَفْوُهُ يَعْلُو حِقْدَهُ لَا يَنْطِقُ بِغَيْرِ صَوَابٍ وَ لَا يَلْبَسُ إِلَّا الِاقْتِصَادِ مَشْيُهُ التَّوَاضُعُ خَاضِعٌ لِرَبِّهِ بِطَاعَتِهِ رَاضٍ عَنْهُ فِي كُلِّ حَالَاتِهِ نِيَّتُهُ خَالِصَةٌ أَعْمَالُهُ لَيْسَ فِيهَا غِشٌّ وَ لَا خَدِيعَةٌ نَظَرُهُ عِبْرَةٌ سُكُوتُهُ فِكْرَةٌ وَ كَلَامُهُ حِكْمَةٌ مُنَاصِحاً مُتَبَاذِلًا مُتَوَاخِياً نَاصِحٌ فِي السِّرِّ وَ الْعَلَانِيَةِ لَا يَهْجُرُ أَخَاهُ وَ لَا يَغْتَابُهُ وَ لَا يَمْكُرُ بِهِ وَ لَا يَأْسَفُ عَلَى مَا فَاتَهُ وَ لَا يَحْزَنُ عَلَى مَا أَصَابَهُ وَ لَا يَرْجُو مَا لَا يَجُوزُ لَهُ الرَّجَاءُ وَ لَا يَفْشَلُ فِي الشِّدَّةِ وَ لَا يَبْطَرُ فِي الرَّخَاءِ يَمْزُجُ الْحِلْمَ بِالْعِلْمِ وَ الْعَقْلَ بِالصَّبْرِ تَرَاهُ بَعِيداً كَسَلُهُ دَائِماً نَشَاطُهُ قَرِيباً أَمَلُهُ قَلِيلًا زَلَلُهُ مُتَوَقِّعاً لِأَجَلِهِ خَاشِعاً قَلْبُهُ ذَاكِراً رَبَّهُ قَانِعَةً نَفْسُهُ مَنْفِيّاً جَهْلُهُ سَهْلًا أَمْرُهُ حَزِيناً لِذَنْبِهِ مَيِّتَةً شَهْوَتُهُ كَظُوماً غَيْظَهُ صَافِياً خُلُقُهُ آمِناً مِنْهُ جَارُهُ ضَعِيفاً كِبْرُهُ قَانِعاً بِالَّذِي قُدِّرَ لَهُ مَتِيناً صَبْرُهُ مُحْكَماً أَمْرُهُ كَثِيراً ذِكْرُهُ يُخَالِطُ النَّاسَ لِيَعْلَمَ وَ يَصْمُتُ لِيَسْلَمَ وَ يَسْأَلُ لِيَفْهَمَ وَ يَتَّجِرُ لِيَغْنَمَ لَا يُنْصِتُ لِلْخَبَرِ لِيَفْجُرَ بِهِ وَ لَا يَتَكَلَّمُ لِيَتَجَبَّرَ بِهِ عَلَى مَنْ سِوَاهُ نَفْسُهُ مِنْهُ فِي عَنَاءٍ وَ النَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ أَتْعَبَ نَفْسَهُ لآِخِرَتِهِ فَأَرَاحَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِهِ إِنْ بُغِيَ عَلَيْهِ صَبَرَ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ الَّذِي يَنْتَصِرُ لَهُ بُعْدُهُ مِمَّنْ تَبَاعَدَ مِنْهُ بُغْضٌ وَ نَزَاهَةٌ وَ دُنُوُّهُ مِمَّنْ دَنَا مِنْهُ لِينٌ وَ رَحْمَةٌ لَيْسَ تَبَاعُدُهُ تَكَبُّراً وَ لَا عَظَمَةً وَ لَا دُنُوُّهُ خَدِيعَةً وَ لَا خِلَابَةً بَلْ يَقْتَدِي بِمَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ فَهُوَ إِمَامٌ لِمَنْ بَعْدَهُ مِنْ أَهْلِ الْبِرِّ ” .
قَالَ : فَصَاحَ هَمَّامٌ صَيْحَةً ثُمَّ وَقَعَ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ .
فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السلام ) : ” أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَخَافُهَا عَلَيْهِ ـ وَ قَالَ ـ هَكَذَا تَصْنَعُ الْمَوْعِظَةُ الْبَالِغَةُ بِأَهْلِهَا ” 4
من هو المنافق ؟
أما المنافق فهو الذي لا يكون مؤمناً ـ حسب الوصف الذي ذكرناه ـ لكنه يتظاهر بالإيمان بالقول أحياناً ، و بالقول و بالعمل أحياناً أخرى ، قال الله جل جلاله : ﴿ وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ ﴾ 5.
و لقد جاء ذكر المنافقين في القرآن الكريم في مواضع عديدة فبيَّن صفاتهم و حذَّر المؤمنين منهم ، و إهتَمَّ بذلك إهتماماً بالغاً حتى أفرد سورة خاصة بهم ، قال الله تعالى : ﴿ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ * وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ * سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ * هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ * يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ * وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ 6
بعض صفات المنافقين في خطبة الإمام أمير المؤمنين علي ( عليه السَّلام ) :
” نَحْمَدُهُ عَلَى مَا وَفَّقَ لَهُ مِنَ الطَّاعَةِ وَ ذَادَ عَنْهُ مِنَ الْمَعْصِيَةِ وَ نَسْأَلُهُ لِمِنَّتِهِ تَمَاماً وَ بِحَبْلِهِ اعْتِصَاماً وَ نَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ خَاضَ إِلَى رِضْوَانِ اللَّهِ كُلَّ غَمْرَةٍ وَ تَجَرَّعَ فِيهِ كُلَّ غُصَّةٍ وَ قَدْ تَلَوَّنَ لَهُ الْأَدْنَوْنَ وَ تَأَلَّبَ عَلَيْهِ الْأَقْصَوْنَ وَ خَلَعَتْ إِلَيْهِ الْعَرَبُ أَعِنَّتَهَا وَ ضَرَبَتْ إِلَى مُحَارَبَتِهِ بُطُونَ رَوَاحِلِهَا حَتَّى أَنْزَلَتْ بِسَاحَتِهِ عَدَاوَتَهَا مِنْ أَبْعَدِ الدَّارِ وَ أَسْحَقِ الْمَزَارِ ، أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَ أُحَذِّرُكُمْ أَهْلَ النِّفَاقِ فَإِنَّهُمُ الضَّالُّونَ الْمُضِلُّونَ وَ الزَّالُّونَ الْمُزِلُّونَ يَتَلَوَّنُونَ أَلْوَاناً وَ يَفْتَنُّونَ افْتِنَاناً وَ يَعْمِدُونَكُمْ بِكُلِّ عِمَادٍ وَ يَرْصُدُونَكُمْ بِكُلِّ مِرْصَادٍ قُلُوبُهُمْ دَوِيَّةٌ وَ صِفَاحُهُمْ نَقِيَّةٌ يَمْشُونَ الْخَفَاءَ وَ يَدِبُّونَ الضَّرَاءَ وَصْفُهُمْ دَوَاءٌ وَ قَوْلُهُمْ شِفَاءٌ وَ فِعْلُهُمُ الدَّاءُ الْعَيَاءُ حَسَدَةُ الرَّخَاءِ وَ مُؤَكِّدُو الْبَلَاءِ وَ مُقْنِطُو الرَّجَاءِ لَهُمْ بِكُلِّ طَرِيقٍ صَرِيعٌ وَ إِلَى كُلِّ قَلْبٍ شَفِيعٌ وَ لِكُلِّ شَجْوٍ دُمُوعٌ يَتَقَارَضُونَ الثَّنَاءَ وَ يَتَرَاقَبُونَ الْجَزَاءَ إِنْ سَأَلُوا أَلْحَفُوا وَ إِنْ عَذَلُوا كَشَفُوا وَ إِنْ حَكَمُوا أَسْرَفُوا قَدْ أَعَدُّوا لِكُلِّ حَقٍّ بَاطِلًا وَ لِكُلِّ قَائِمٍ مَائِلًا وَ لِكُلِّ حَيٍّ قَاتِلًا وَ لِكُلِّ بَابٍ مِفْتَاحاً وَ لِكُلِّ لَيْلٍ مِصْبَاحاً يَتَوَصَّلُونَ إِلَى الطَّمَعِ بِالْيَأْسِ لِيُقِيمُوا بِهِ أَسْوَاقَهُمْ وَ يُنْفِقُوا بِهِ أَعْلَاقَهُمْ يَقُولُونَ فَيُشَبِّهُونَ وَ يَصِفُونَ فَيُمَوِّهُونَ قَدْ هَوَّنُوا الطَّرِيقَ وَ أَضْلَعُوا الْمَضِيقَ فَهُمْ لُمَةُ الشَّيْطَانِ وَ حُمَةُ النِّيرَانِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ ” . 7
- 1. القران الكريم : سورة الأنفال ( 8 ) ، الآيات : 2 – 4 ، الصفحة : 177 .
- 2. القران الكريم : سورة المؤمنون ( 23 ) ، من بداية السورة إلى الآية 11 ، الصفحة : 342 .
- 3. أي الإمام جعفر بن محمد الصَّادق ( عليه السَّلام ) ، سادس أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، المولود سنة : 83 و المستشهد سنة : 148 هجرية .
- 4. الكافي : 2 / 226 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني ، المُلَقَّب بثقة الإسلام ، المتوفى سنة : 329 هجرية ، طبعة دار الكتب الإسلامية ، سنة : 1365 هجرية / شمسية ، طهران / إيران .
- 5. القران الكريم : سورة آل عمران ( 3 ) ، الآية : 167 ، الصفحة : 72 .
- 6. القران الكريم : سورة المنافقون ( 63 ) ، من بداية السورة إلى الآية 11 ، الصفحة : 554 .
- 7. نهج البلاغة : 307 ، طبعة صبحي الصالح ، بيروت / لبنان .