مقالات

المؤمن مشغولٌ عن اللَّعِب

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

قال الحميري في قرب الإسناد (ص81) : محمَّد بن الوليد الخزَّاز، عن بُكير، قال: سألتُ أبا عبد الله [الصادق] (عليه السلام) عن اللَّعِب بالشطرنج، قال: إنَّ المؤمن لفي شُغل عن اللَّعِب.

سنده موثَّق.

وقريب منه رواية الخصال للصدوق 1 : 26 برقم 92 بسند آخر عن الباقر (ع) ، ولفظه: “إنَّ المؤمن لمشغول عن اللَّعِب”.

وأورده الحرُّ العاملي عن الخصال وقرب الإسناد في وسائل الشيعة 17 : 321 .

أقول: لا تخلو الرواية الشريفة من إشاراتٍ تربويَّة مُلهمة يُمكننا فهم ما يلي منها:

1 ـ تنافي الإيمان مع اللَّعب، وكلَّما ازداد الإيمان واستحكم كان المؤمن أكثر انشغالاً عن اللَّعب.. وبالتالي يمكن جعل الميل إلى اللَّعب مقياساً لمعرفة مستوى الإيمان.

2 ـ إنَّ اللَّعب ظاهرة يحبُّها الأطفال، وميزة الأطفال ضعف عقولهم، فكلما اكتمل عقلُ الإنسان نأى بنفسه عن اللعب، حتى ينضج تماماً ويأنف عن اللَّعب كله باكتمال عقله.. وبين اكتمال العقل واكتمال الإيمان علاقة وطيدة.

3 ـ من الجدير بالملاحظة أنَّ عنوان (اللَّعب) شبيه بعنوان (اللَّهو) المستخدم في مجال الغناء والمعازف.

4 ـ إذا كانت الدُّنيا مزرعةَ الآخرة، فانشغال الإنسان باللَّعب فيها يزاحم انشغاله بالزراعة.

5 ـ إذا كانت الدُّنيا سجنَ المؤمن، فحقيق به ألَّا يلتذَّ بلعبٍ ولهوٍ في سجنه، بل يكون بهمِّ السجن وغمِّه في شُغل شاغل عن كثير من الجدِّ فضلاً عن كلِّ اللَّعب.

نسأل الله أن يكمل لنا عقولنا، وأن يبصِّرنا عيوبنا، وأن يغفر ذنوبنا، وأن يوفِّقنا لما يحبُّه ويرضاه.

والحمدُ لله ربِّ العالمين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى