نص الشبهة:
بسم الله الرحمن الرحيم
إنه من السنة المعتدلين وهو يسأل عن تحريف القرآن عند الشيعة وتواتر القرآن عندنا أيضاً. وقد أعطاني شريطاً يثبت أننا نقول بتحريف القرآن وأنه لا يوجد تواتر للقرآن عندنا .. كما أريد أن أسال عن تحريف القران عند السنة؟
ولكم جزيل الشكر والثواب . .
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
بالنسبة لتواتر القرآن عندنا وعند أهل السنة، نقول: إن أهل السنة يعتقدون أن القرآن قد جمع بعد وفاة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله، وأن زيد بن ثابت قد جمعه من صدور الرجال، والعُسب، واللخاف، إلا آخر سورة التوبة، فإنه وجدها مع أبي خزيمة الأنصاري، ولم يجدها مع غيره، وهي: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ … ﴾ 1 حتى خاتمة سورة براءة..
وتدعي هذه الروايات أن القرآن (أو قسم منه على الأقل) قد جمع بشاهدين أو بشاهد واحد ذي شهادتين أو بدونها 2.
فإذا كان أهل السنة يأخذون بهذه الروايات، فهم لا يرون أن القرآن متواتر، بل هو منقول عندهم بأخبار الآحاد..
وأما نحن فنعتقد أن القرآن قد كتب في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، بأمر منه صلى الله عليه وآله.. وقد حفظه المئات من الصحابة في عهد الرسول صلى الله عليه وآله.. حتى لقد قتل في وقعة اليمامة، في خلافة أبي بكر، أربع مائة حافظ..
بل يقولون: إنه قد حضر حرب صفين ثلاثون ألفاً من حفاظ القرآن 3.
وقتل في غزوة بئر معونة في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله سبعون من القراء 4.
وقد أحصى أبو موسى الأشعري القراء في البصرة، بأمر من عمر بن الخطاب، فكانوا زهاء ثلاث مائة وبضعة رجال 5.
مع أن البصرة قد اختطها عمر بن الخطاب نفسه..
ورفع معاوية على المصاحف في صفين زهاء خمس مائة مصحف هي عظام مصاحف العسكر 6.
وكان الذين يقرأون القرآن عند أبي الدرداء وحده (وأبو الدرداء قد توفي في خلافة الإمام علي عليه السلام) ـ كانوا ـ ألفاً وست مائة ونيفاً، وكان في جيش ابن الأشعث سرية تسمى سرية القراء.. 7.
بل يقول أبو هلال العسكري إن القراء كانوا جلّ من خرج على الحجاج مع ابن الأشعث.. 8.
وبعد كل هذا، فهل هناك حاجة إلى الأسانيد المتصلة أو غيرها لإثبات تواتر القرآن؟!..
إننا نعتقد: أن التلهي بجمع الأسانيد في مثل هذه الحال لهو ضرب من اللهو والعبث، أو هو يدخل في نطاق الإساءة إلى القرآن من حيث إنه يستبطن التشكيك به وبتواتره..
علماً بأن المسلمين الشيعة هم كبقية المسلمين، فيما يرتبط بهذا الأمر، وليس بالضرورة أن يكون لكل فرقة وطائفة طرقها الخاصة إلى القرآن الكريم..
وأما بالنسبة لتحريف القرآن عند أهل السنة، فقد تحدثت عنه مفصلاً في كتاب: « حقائق هامة حول القرآن » فيمكنكم مراجعته.
والحمد لله والصلاة والسلام على محمد وآله 9..
- 1. القران الكريم: سورة التوبة (9)، الآية: 128، الصفحة: 207.
- 2. الإتقان ج 1 ص 57، وصحيح البخاري ج 3 ص 145 وج 2 ص 90 ومشكل الآثار ج 3 ص 4و5 وج 4 ص 192و193، والسنن الكبرى ج 2 ص 41 وتاريخ الخلفاء ص 77 وراجع: الفهرست لابن النديم ص 27 والفائق ج 2 ص 431 وصفة الصفوة ج 1 ص 704و705 ومسند أحمد ج 1 ص 13 وتهذيب تاريخ دمشق ج 5 ص 447 و136 وحياة الصحابة ج 2 ص 399 عن كنز العمال ج 1 ص 289 وج 2 ص 373 عن عبد الرزاق وابن أبي داود في المصاحف، وأبي نعيم، والأوائل ج 1 ص 213 و215 والنشر ج 1 ص 7 عن النسائي والترمذي وابن حبان، والطيالسي، وابن سعد وغيرهم وراجع: تاريخ واسط ص 251 والمص نف ج 8 ص 367 ومسند أحمد ج 5 ص 189 و188 وج 1 ص 13 وجامع البيان ج 1 ص 20 والبرهان للزركشي ج 1 ص 234 والبداية والنهاية ج 7 ص 347. وسير أعلام النبلاء ج 2 ص 431.
- 3. صفين للمنقري ص 188.
- 4. مناهل العرفان ج 1 ص 308 و235 وتاريخ القرآن للزنجاني ص 40 وكنز العمال ج 2 ص 223 عن البخاري والحاكم في المستدرك والمعجم الكبير للطبراني، ومسلم..
- 5. كنز العمال ج 2 ص 183 وراجع صحيح مسلم ج 3 ص 100 ومشكل الآثار ج 2 ص 419 وحلية الأولياء ج 1 ص 257 و366 وكنز العمال ج 2 ص 140 و141.
- 6. صفين ص 478 ومروج الذهب ج 2 ص 390 وتاريخ القرآن للأبياري ص 152.
- 7. تاريخ الطبري ج 6 ص 350 والكامل في التاريخ ج 4 ص 472 والبداية والنهاية ج 9 ص 42 و47.
- 8. الأوائل ج 2 ص 62.
- 9. مختصر مفيد.. (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)، السيد جعفر مرتضى العاملي، «المجموعة الثامنة»، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1424 هـ ـ 2004 م، السؤال (453).