نص الشبهة:
قال تعالى في سورة الشمس: ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾ .. والسؤال هو : لماذا جمع الله بين الفجور والتقوى؟! ولم يقل: فألهمها طاعتها ومعصيتها. أو الصلاح والفساد .. ونحو ذلك؟!
الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين ..
وبعد ..
فإن الله سبحانه قد سوى النفس الإنسانية كأحسن ما تكون التسوية فجاء ترتيب قواها بصورة دقيقة، وصحيحة، ومتوازنة، وفق الحكمة، ومن موقع القدرة، والعلم.
ثم زوّدت فطرة الإنسان بكل ما تحتاجه، وهيأ الله لها هدايات ودلالات تعينها وترشدها، وتسددها، وهي هداية العقل، والشرع .. ودفعها لالتزام جانب الحفظ والوقاية .. والإبتعاد عن مواقع الخطر. وهذا هو ما يعبر عنه بالتقوى.
فالتقوى هي جعل الوقاية والستر الحافظ ..
أما الفجور فهو كما فسره الراغب شق ستر الديانة، وذلك بمخالفة الأوامر والنواهي، وشق الحجاب المضروب، وإسقاط الحافظ .. فالتعبير بالفجور وبالتقوى هو الأقرب للمعنى الذي يريد الله سبحانه أن نعيه ونتفهمه ..
فاتضح إذن، أن الله سبحانه قد ألهم النفس الإنسانية القانون الذي يحفظها .. وهيأ لها المقدمات التي تؤدي بها إلى حفظ نفسها من كل سوء. وذلك بواسطة ما زودها به من قدرات وطاقات، وأحاسيس ومشاعر، وبواسطة العقل الذي يعرّفها بوجود خالق، وتكاليف، ونبوّة، وآخرة، وغير ذلك. ويحذرها من كل ما يمكن أن يسيء لها .. فيثير فيها الإحساس بالخوف، فتلجأ إلى مواضع الأمن وتهتدي بهدى الشريعة، وتتستر الديانة بستر الذي يقيها من كل ما يوجب فساداً في نشأتها، أو في حركتها، أو في مصيرها الذي ستنتهي إليه ..
والله هو العالم .. والحمد لله رب العالمين 1.
- 1. مختصر مفيد .. (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)، للسيد جعفر مرتضى العاملي، «المجموعة الثانية»، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1423 ـ 2002 ، السؤال (138).