تعليقا على منتقدي مجالس عاشوراء .. على ضفاف عاشوراء
شمس الحقيقة لا تنفع أعمى البصيرة.
فاجأنا بعض “المثقفين” بمجموعة من الراجمات “التنويرية” حول ضرورة التخلي عن إحياء ذكرى ابن من يعتقد المسلمون جميعاً أنه سيد الأنبياء والبشر، والذي كانت ذرية النبي من أبيه وأمه، إضافة إلى إقرار واعتراف وإذعان سائر المسلمين أنه سيد شباب أهل الجنة وأنه قتل مظلوماً.
والغريب في الموضوع، أن شعوب العالم التي تحترم نفسها، تحيي ذكرى أبطالها وقادتها… وكأنه ممنوعٌ علينا أن يكون لنا قادة وأبطال.
وكل دول العالم تحترم شهداءها، وتقيم لهم نصب الجندي المجهول التي تندرج زيارته ضمن البروتوكولات لكبار المسؤولين الأجانب والضيوف، وكذلك في المناسبات الوطنية.
فلِما لا نقيم حفلاً للجندي المعلوم الذي قال فيه من نعتقد أنه سيد الأنبياء وأفضل البشر “حسين مني وأنا من حسين” فجعله بمنزلة نفسه التي بين جنبيه؟!
وهل من اللياقة “والثقافة” ومتطلبات “الحضارة” انتقاد أعراف ومقدَّسات وعادات يؤمن بها مواطنون نعيش معهم ويعيشون معنا، أم أن لوازم صيغى “التعايش اللبناني” أن لا نتحمل التعايش مع معتقداتنا وتاريخنا ومقدَّساتنا، بل ندعو إلى البراءة منها؟
أما الذين أصابتهم الغيرة والحمية، وخدش شعورهم من بعض المظاهر أو ما يسمونه مبالغات أو من بعض الخلافات الطبيعية التي تحصل مع المناسبات الكبرى عادةً… هل ما كتب هؤلاء في الصحف لا يخلو من المبالغة والتضخيم والتجريح، وهل يستدعي ذلك هدم البناء إذا تخلله بعض الشوائب المفترضة والمدعاة، أم أن هدفهم هو الكسر لا الجبر؟!
إن أمة تحمل قيمها التي دفعت ثمنها دماً من كبارها وما زالت، لهي أُمَّةٌ جديرة بالتقدير والتبجيل والانحناء.
وإذا أردنا أن ننطلق من أضيق الدوائر الحسية حولنا، ومن منطلقات “وطنية” محضة، لرأينا أن كل بركات المقاومة، التي نجمع على مدحها لسببٍ أو لآخر، والتي يتشرف بها الجميع، ما كانت لتكون وتستمر وتحقق الانتصار تلو الانتصار لولا هذه المجالس العاشورائية والروح الحسينية التي تسري في نفوس مجاهديها.
هذه المقاومة التي نعيش اليوم جميعاً تحت كنفها، ومحاطين بحنانها، ومنعمين بأمنها، ومجللين بكرامتها، ومحميين بتضحياتها، ومعتزين بوجودها.. لهي خيمةٌ من خيم الإمام الحسين في ساحة كربلاء.
وبصراحة نقول:
الخيمة الحسينية اليوم يتظلل بها الجميع… بمن فيهم الذين لا يحسنون آداب نعمة وجودها.
فلولا هذه الروح الحسينية المتأججة، هل كانت المقاومة… مقاومة؟
ولا نظن أن أحداً يستطيع الفصل بين الإمام الحسين (ع) والمقاومة، ومن سوَّلت له نفسه ذلك، فهذا لم يدرك بعد حقيقة الحسين وحقيقة المقاومة.
ولا ندري لما هذه المبالغة في تصوير بعض الأحداث البسيطة، والتي كان يقع ما هو أشدُّ منها عند بعض منتقديها عندما كانوا يتزعمون أحزاباً وجماعات وما الأمن والنظام الذي يتنعم به الجميع، ويتغنى، إلا بركة من بركات عاشوراء وومضةٌ من ومضاتها.
لذا نطئن الجميع، أن هذه الثورة بمبادئها ومظاهرها سوف تبقى، لأنه لو قدر لها أن تنتهي لما وصلت إلينا.
والغريب أن الذين ينتقدون المراسم الحسينية والمظاهر العاشورائية هم أنفسهم يسكتون، بل يمدحون الاحتفالات الكرنفالية الموسمية أو السياحية التي تقام في أنحاء شتى من العالم، من مسيرات التقاذف بأطنان البندورة في إسبانيا إلى غيرها من المظاهر التي لا خلفية لها إلا العبثية والجنون والفراغ كما في فرنسا وإيطاليا والفيليبين وغيرهما… وبعض هذه الاحتفالات تنقل بحرفيتها إلى الساحة اللبنانية باعتبارها صوراً “حضارية” كأعياد ومناسبات لم نكن نسمع بها من قبل… ولا من معترض!
فهل الاحتفال السنوي بتاريخ مجيدٍ مشرِّفٍ عظيم مقدس… ما زال الجميع بلا استثناء يستفيدون من فيض بركاته.. هل هذا يختبر نشازاً أو تخلفاً؟!
أم أن النشاز وقلة الوفاء في مخالفته ومحاربته والاستهزاء به؟
ألا يعلم السادة الملقبون “بالمفكرين والمثقفين” بأن الأمة التي لا تاريخ لها لا مستقبل لها، وبأن من لا يحترم نفسه، لا يحترمه الآخرون؟
هذا مع العلم أننا لا نسمع صوت هؤلاء عندما تقام الصلوات والقداديس على نية فرنسا!!! وهي التي امتصت دماء آبائنا وأجدادا، والتي تقام كتقليد سنوي.
ولم يعلق أحدٌ على تصريح نائب أدلى به منذ أيام، على باب مرجع روحي كبير وهو يقولك: إن الجهة الفلانية (الخارجية) رأيها أن تكون الدوائر الانتخابية كذا وكذا!
يبد أن الذين لا انتماء لهم، يخترعون انتماءً وهمياً يتعلقون به… فما بال من ينتمي إلى خير أمة وسادة البشر.
حقاً، فشمس الحقيقة لا ينتفع بها أعمى البصيرة1.
لمزيد من المعلومات يمكنكم مراجعة الروابط التالية:
- 1. الموقع الرسمي لسماحة السيد سامي خضرا(حفظه الله).