نص الشبهة:
لو كان مجتمع الصحابة كما يصفه الشيعة مجتمعاً متباغضاً يحسد بعضه بعضاً، ويحاول كلٌ من أفراده الفوز بالخلافة، مجتمعاً لم يبق على الإيمان من أهله إلا نفر قليل، لم نجد الإسلام قد وصل إلى ما وصل إليه من حيث الفتوحات الكثيرة، واعتناق آلاف البشر له في زمن الصحابة «رضي الله عنهم».
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
وبعد..
فإننا نجيب بما يلي:
أولاً: إننا نطلب من السائل: أن يحيلنا على الكتاب التي أخذ منه هذه المفردات التي سطَّرها في سؤاله عن مجتمع الصحابة!!
ثانياً: إننا نقول بكل قوة وجزم وحزم: إن أحداً من الشيعة لم يقل هذا الكلام، إلا إن كان قد عثر هذا السائل على معتوه، لا يدري ما يصدر منه وعنه، والمعتوه ليس بشيعي ولا سني..
نعم، إن أحداً من علماء الشيعة لم يقل: إن مجتمع الصحابة متباغض، يحسد بعضه بعضاً.
ولا غير ذلك مما تقدم.
بل الشيعة يقولون: إن ثلة قليلة جداً هي التي سعت للإستئثار بالأمر.. وقد أعانهم من الناس، من كانوا يلتقون معهم في النظرة، أو من وجدوا أن من مصلحتهم إبعاد علي «عليه السلام». وسكتت فئة كبيرة من الصحابة، إما لضعفهم، أو لعدم مبالاتهم بما يجري، أو لغير ذلك من أسباب.. وعارضهم بنو هاشم، وجماعة من غيرهم..
ثالثاً: قلنا أكثر من مرة: إن الله تعالى، أخبر أن الصحابة سينقلبون على أعقابهم، وروى لنا أهل السنة أخباراً كثيرة بأسانيد قالوا هم عنها: إنها صحيحة: أن جماعات من الصحابة سيرتدون على أعقابهم القهقرى.. فما ذنب الشيعة في ذلك؟!
ولماذا يحقد الناس على الشيعة إذا طالبوا أهل السنة بتفسير الآية الكريمة، وبيان المراد من هذه الأحاديث؟!
رابعاً: إن الشيعة يرون: أن المراد بالإنقلاب على الأعقاب، وبالإرتداد الوارد في الأحاديث هو الإرتداد عن الطاعة، والإخلال بالإلتزامات التي أخذوها على أنفسهم، وليس المراد به الإرتداد عن الدين.. والخروج من الإسلام والإيمان إلى الكفر..
خامساً: إن الشيعة يقولون: لو أن الأمر أعطي من أول يوم إلى أهله، ولمن نص الله ورسوله عليه، وأخذت له البيعة في يوم الغدير، لكانت الفتوحات أعظم، وأوسع، ولكان المعتنقون للإسلام أضعاف أضعاف الذين اعتنقوه في خلافة غيره «عليه السلام»..
ولأخرجت الأرض خيراتها، وأنزلت السماء بركاتها، ولأكل الناس من فوقهم ومن تحت أرجلهم، ولعاش الناس في الأمن والأمان، ولم تحصل الفتن، ولا الحروب، ولم يقتل عثمان، ولا علي، ولا كانت الجمل، ولا صفين، ولا النهروان، ولا كان ظلم بني أمية، ولا قتل يزيد الحسين «عليه السلام»، ولم يعتد أحد على الكعبة، ولا كانت وقعة الحرّة، ولا كان هناك سنة وشيعة، ومذاهب.. ولا.. ولا..
ولكان وجه التاريخ قد تغير، وسلم الناس من كل الكوارث والمحن التي واجهوها. ولبلغوا أقصى الدرجات في الرخاء والهناء، والرقي والسمو في مختلف مجالات الحياة.
ولعلك تقول: لقد استخلف علي «عليه السلام» عدة سنوات، ولم نر أن ذلك قد تحقق؟!
ونجيب: بأنه حين أعطي «عليه السلام» الخلافة لم يتركوا له مجالاً لإصلاح ما فسد، بل واجهوه بالحروب، والمؤامرات، والمتاعب المتواصلة طيلة حياته.. ثم قتلوه، وقتلوا أبناءه من بعده.
والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله.. 1.
- 1. ميزان الحق.. (شبهات.. وردود)، السيد جعفر مرتضى العاملي، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1431 هـ. ـ 2010 م.، الجزء الثاني، السؤال رقم (56).