نص الشبهة:
بينما نجد الشيعة يتقربون إلى الله بسب كبار الصحابة ، لا نجد سنياً واحداً يسب واحداً من آل البيت! بل يتقربون إلى الله بحبهم ؟!
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . .
فإننا نجيب بما يلي :
أولاً : لقد نهى تعالى حتى عن سب الناس ، حتى لو كانوا مشركين ، فقال عز وجل : ﴿ وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ … ﴾ 1 .
كما أن علياً (عليه السلام) قال لبعض أصحابه : ” إني أكره لكم أن تكونوا سبَّابين ، ولكنكم لو وصفتم أعمالهم ، وذكرتم حالهم كان أصوب في القول وأبلغ في العذر ” 2 .
وكان الإمام الصادق (عليه السلام) يأمر أصحابه بتحسين أخلاقهم ، فقد قال لزيد الشحام : ” يا زيد ، خالقوا الناس بأخلاقهم ، صلّوا في مساجدهم ، وعودوا مرضاهم ، واشهدوا جنائزهم ، وإن استطعتم أن تكونوا الأئمة والمؤذنين فافعلوا ، فإنكم إذا فعلتم ذلك قالوا : هؤلاء الجعفرية ، رحم الله جعفراً ما كان أحسن ما يؤدب أصحابه .
وإذا تركتم ذلك قالوا : هؤلاء الجعفرية ، فعل الله بجعفر ما كان أسوء ما يؤدب أصحابه ” 3 .
كما أن من صفات رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أنه لم يكن سباباً 4 .
فالشيعة ملتزمون بما علمهم إياه قرآنهم ، ونبيهم وأئمتهم ، ولسان حالهم مع هذه التهم التي توجه إليهم : ﴿ … فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ … ﴾ 5 . .
وهم على يقين من أن هدف هذه التهم ليس رفع السب ، وإنما المنع من توجيه النقد للخلفاء ، لأن ذلك يضعف حجة محبي الخلفاء ، ويحرجهم .
ثانياً : أما فعل الجهال ، من الفريقين فليس معياراً ، ولا تؤخذ الأمور منهم ، ولا يشكلون مرجعية في شيء من أمور الدين ، ولذلك تجد في محبي الخلفاء من يسب فاطمة الزهراء ، وعلياً ، والحسن والحسين (عليهم السلام) ، بل فيهم من يتجرأ على العزة الإلهية ، فهل يصح اتهام أهل مذهبه استناداً إلى ما يفعله أمثال هؤلاء ؟!
ثالثاً : إن أكثر الصحابة لم يكن لهم دور في غصب الخلافة ، ولا في ضرب الزهراء (عليها السلام) ، فلماذا يعاديهم الشيعة ؟! فإن الذين فعلوا ذلك هم فريق صغير جداً من الصحابة معروفون بأسمائهم ، وكان معظمهم من قريش .
رابعاً : إن القرآن الكريم قد سجل فسق بعض الصحابة في كتابه الكريم ليكون قرآناً يتلى إلى يوم القيامة ، فقال عن الوليد بن عقبة : ﴿ … إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ 6 . . وسجل على الصحابة : أن بعضهم ينادونه ﴿ … مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ … ﴾ 7 ، و إن ﴿ … أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾ 7 . . ووصف حالات أهل النفاق من الصحابة بما لا مزيد عليه . .
خامساً : إن بني أمية وعلى رأسهم معاوية وعمرو بن العاص ، ومروان و . . و . . الخ . . وهم من الصحابة قد سبُّوا وأمروا المسلمين بسبِّ علي بن أبي طالب والحسن والحسين (عليهم السلام) على منابر المسلمين في جميع أقطار الأرض ألف شهر ، فلماذا لا يهاجمهم أولئك الذين يهاجمون الشيعة ، لمجرد نقدهم للخلفاء على ما فعلوه بعلي والزهراء (عليهما السلام) ؟!
فكيف يقول السائل : إن أهل السنة لم يسبُّوا أحداً من أهل البيت (عليهم السلام) ؟!
أليس قد سُبَّ علي وابناه ألف شهر على منابر المسلمين ؟! فلماذا يتولون من فعل ذلك ؟!
والحمد لله ، والصلاة والسلام على محمد وآله . . 8 .
- 1. القران الكريم: سورة الأنعام (6)، الآية: 108، الصفحة: 141.
- 2. نهج البلاغة (بشرح عبده) ج 2 ص 185 وبحار الأنوار ج 32 ص 561 والمعيار والموازنة ص 137 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج 11 ص 21 .
- 3. من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 383 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج 8 ص 430 و (ط دار الإسلامية) ج 5 ص 477 .
- 4. صحيح البخاري ج 4 ص 37 و 38 و (ط دار الفكر) ج 1 ص 81 ودلائل الصدق ج 1 ص 417 و 416 وصحيح مسلم ج 8 ص 24 والغدير ج 11 ص 91 و ج 8 ص 252 ومسند أحمد ج 3 ص 144 والسنن الكبرى للبيهقي ج 2 ص 210 وفتح الباري ج 6 ص 419 وعمدة القاري ج 22 ص 116 ومسند أبي يعلى ج 7 ص 222 ونظم درر السمطين ص 59 ونصب الراية ج 2 ص 151 وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج 7 ص 209 .
- 5. القران الكريم: سورة الكهف (18)، الآية: 29، الصفحة: 297.
- 6. القران الكريم: سورة الحجرات (49)، الآية: 6، الصفحة: 516.
- 7. a. b. القران الكريم: سورة الحجرات (49)، الآية: 4، الصفحة: 515.
- 8. ميزان الحق . . (شبهات . . وردود) ، السيد جعفر مرتضى العاملي ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الأولى ، 1431 هـ . ـ 2010 م . ، الجزء الثاني ، السؤال رقم (67) .