نص الشبهة:
بسم الله الرحمن الرحيم
هل يمكن الاستفادة من قول الصديقة الشهيدة سلام الله عليها في خطبتها: «فإن تعزوه وتعرفوه تجدوه أبي دون نسائكم» من أن الزهراء هي البنت الوحيدة لرسول الله صلى الله عليه وآله؟ وحين أثبتم في كتابكم «خلفيات كتاب مأساة الزهراء عليها السلام» هي البنت الوحيدة فهل يعني هذا أن الرسول لم ينجب أولاداً من الذكور؟ أعني بذلك: القاسم والطاهر وعبدالله .. أرجو التوضيح ولكم خالص الشكر والامتنان.
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد ..
1 ـ إننا قد ألفنا كتابين حول البنات اللواتي ينسبهن البعض إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ..
أحدهما باسم: «بنات النبي أم ربائبه» ..
والآخر باسم: «القول الصائب في إثبات الربائب» ..
كما أننا قد تعرضنا لبعض الحديث حول هذا الموضوع في كتاب: «الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله» ..
وفي كتاب: «خلفيات كتاب مأساة الزهراء عليها السلام».
وقد كان كلامنا مقتصراً على موضوع بنات النبي صلى الله عليه وآله .. وأن البنت الوحيدة التي عاشت، وكبرت، وتزوجت، وولدت، هي سيدة نساء العالمين المظلومة، الشهيدة، الصدِّيقة، وأما زينب، ورقية، وأم كلثوم، فإن الدلائل تشير إلى أنهن كنَّ ربائب له صلى الله عليه وآله ..
وأما سائر بناته، وأولاده الذكور، فقد ماتوا في حال الصغر ..
كما أنه لا شك في أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وآله ولد اسمه إبراهيم قد مات وهو صغير أيضاً ..
2 ـ أما بالنسبة لما قالته الصديقة الشهيدة في خطبتها: «فإن تعزوه وتعرفوه، تجدوه أبي دون نسائكم» ..
فنقول:
قد يقال: إن كلامها عليها السلام لا يدل على أنها البنت الوحيدة له صلى الله عليه وآله، لأنها إنما قالت ذلك عليها السلام، بعد وفاة زينب، ورقية، وأم كلثوم، في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله ..
فغاية ما يستفاد من كلامها ـ عليها السلام ـ هذا: أنها حين إلقائها لخطبتها، كانت هي البنت الوحيدة للنبي صلى الله عليه وآله.
ولكن يمكن أن يجاب عن ذلك: بأنها تريد أن تقول لهم: إنه لم يكن أحد منهم يستطيع أن يدعي أن قد تزوج بنتاً لرسول الله صلى الله عليه وآله، إذ ليس له صلى الله عليه وآله بنت غيرها ..
ولو كان للنبي بنت غيرها، حتى لو كانت تلك البنت قد ماتت، فإنه يمكنه لمن كان زوجها، أن يردَّ ويقول: إنه هو أيضاً قد نال شرف مصاهرته للنبي صلى الله عليه وآله ..
ولعل القرينة على ذلك هي أنها أتبعت كلامها هذا بعبارة: «وأخا ابن عمي دون رجالكم» ، فقررت أخوَّته عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله دون كل أحد من الناس، وقد جاءت العبارتان في سياق واحد.
فإذا كان مفاد العبارة الثانية: أن الأخوة منحصرة في الإمام علي عليه السلام قبل وبعد استشهاد النبي صلى الله عليه وآله، وفي كل زمان، فلا بد أن يكون معنى العبارة الأولى أيضاً منسجماً مع هذا المعنى، وأنه لا توجد بنات لرسول الله صلى الله عليه وآله في ضمن نساء الصحابة، قبل وبعد استشهاد النبي صلى الله عليه وآله ..
وفي جميع الأحوال نقول:
إننا قد أثبتنا في كتابينا: «بنات النبي أم ربائبه»، و «القول الصائب في إثبات الربائب»: أنه لم يكن للنبي صلى الله عليه وآله بنات غير السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام، وأن جميع إخوتها، وأخواتها، قد متن وماتوا في حال الصغر .. وأوردنا من الأدلة ما يكفي ويفي بالمطلوب .. ولا يتوقف إثبات ذلك على ما أوردته في خطبتها صلوات الله وسلامه عليها ..
وحتى لو أمكن لأحد أن يثير بعض الاحتمالات، أو الشبهات، فإن ذلك لا يمنع ولا يدفع أثر تلك الأدلة في تأكيد الظن بعدم صحة نسبة بنات للنبي صلى الله عليه وآله قد كبرن، وتزوجن سوى الزهراء عليها السلام ..
والحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين 1 ..
- 1. مختصر مفيد . . (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)، السيد جعفر مرتضى العاملي، «المجموعة الثامنة»، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1424 هـ ـ 2004 م، السؤال (445).