نور العترة

الدين والتفقه فيه…

لقد حث الأئمة الأطهار عليهم السلام شيعتهم على التفقه في الدين ، ومعرفة الحلال والحرام ، وما يجب عليهم وما لا يجب ، ونهوهم عن أن يكون حالهم حال الأعراب الجاهلين بأحكام الدين ، والمعرضين عن تعلمها .


فقد روي عن الصادق عليه السلام أنه قال : وددت أن أصحابي ضُربت رؤوسهم بالسياط حتى يتفقهوا .
وقال : لا خير فيمن لا يتفقه من أصحابنا .
وقال : تفقهوا في الدين ، فإن من لم يتفقه منكم في الدين فهو أعرابي .
وقال : عليكم بالتفقه في دين الله ولا تكونوا أعرابا ، فإن من لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيامة ، ولم يزك له عملاً .
إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة والآثار المستفيضة .
ومن الواضح أننا مكلفون بالواجبات والمحرمات ، وامتثال هذه التكاليف لا يتأتى إلا بمعرفة ما يجب وما يحرم ، حتى نفعل هذا ونترك ذاك . والعمل من غير معرفة لا يُحرَز معه براءة الذمة من الأحكام الإلزامية التي كلفنا الله بها ، فإن (العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق ، لا يزيده سرعة السير إلا بعداً عن الطريق) .
ومع عظم أهمية معرفة الواجبات والمحرمات نجد أن كثيراً من الناس قد جعل معرفة الأحكام الشرعية آخر اهتماماته ، فلا نراه مرتادا للمساجد ، ولا متردداً على مجالس العلماء ، ولا مكترثاً بمعرفة حكم شرعي أو وظيفة دينية .
ومن الطبيعي أن يكون من نتائج هذا السلوك أن نرى هذه الفئة من الناس لا يحسنون وضوءهم وغسلهم ، ولا يعرفون كيف يطهرون أبدانهم وملابسهم من النجاسات ، ولا يعرفون شيئاً من أمور دينهم ، لأنهم قد جعلوا الدنيا أكبر همهم ومبلغ علمهم ، ما أسوأ حالهم إذا انطبق عليهم ما نسب إلى أمير المؤمنين عليه السلام من الشعر ، وهو قوله :
أبُنَيَّ إن من الرجالِ بهيمةً *** في صورةِ الرجلِ السميعِ المبصرِ
فَطِنٌ بكل رزيةٍ في مـالِه *** وإذا أُصيبَ بدِيـنِه لم يَشـعُرِ
فعلى من شايع أهل البيت عليهم السلام أن يتمسك بوصاياهم في هذا الجانب ، وأن يهتم بمعرفة ما يجب عليه وما يحرم قبل مفاجأة الموت ، حيث لا ينفع مال ولا بنون ، إلا من أتى الله بقلب سليم 1 .

  • 1. نشرت هذه المقالة في الموقع الرسمي لسماحة الشيخ علي آل محسن .
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى