“وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ “
سئل الإمام الكاظم(ع) عن التوكّل, فقال(ع): التوكل على الله درجات منها أن تتوكل على
الله في أمورك كلّها, فما فعل بك كنت عنه راضياً, تعلم أنه لا
بسم الله الرحمن الرحيم
التوكُّل على الله
“وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ “
سئل الإمام الكاظم(ع) عن التوكّل, فقال(ع): التوكل على الله درجات منها أن تتوكل على
الله في أمورك كلّها, فما فعل بك كنت عنه راضياً, تعلم أنه لا يألوك خيرا وفضلا ، وتعلم أن
الحكم في ذلك له فتوكل على الله بتفويض ذلك إليه وثق به فيها وفي غيرها” .
أركان التوكُّل
التوكّل على الله يحمل معنى الاعتماد عليه مع إظهار العجز الذاتي أمامه وهو ينطلق من أركان
عقائدية هي:
1. أنّ الله تعالى عالم بحاجات العباد.
2. أنّه تعالى قادر على تلبيتها.
3. أنّه تعالى ليس في ذاته بخل.
4. أنّه تعالى رحيم بالعباد ورؤوف بهم.
التوكُّل والسعي
يبقى الشرط وهو السعي الذي أراده الله عزّة وجل من العبد, فلكي تُرزق لا بُدَّ أن تسعى.
ولكي تصبح عالماً لا بُدَّ أن تتعلّم.
ولكي تنتصر لا بُدَّ أن تتدرب وتقاتل.
نتيجة التوكُّل
والنتيجة في التوكّل مع السعي مضمونة “فهو حسبه” أي كافيه.
أمّا الذي يقطع مع الله هذه العلاقة المنطلقة من الخلفية العقائدية, فإنه سيواجه المصير الذي
طالما كان أولياء الله يصرّون على الله عزّ وجل أن لا يوصلهم إليه, فعن أحد تلامذة الإمام
الصادق(ع) أنه سمع الإمام(ع) يدعو وهو رافع يده إلى السماء “ربِّ لا تكلني إلى نفسي
طرفة عين أبداً, لا أقل من ذلك ولا أكثر” .
توكُّل المجتمع على الله تعالى
والتوكُّل يكون في الحياة الفردية مصدراً للسعادة, طالما يأخذ الإنسان بالأسباب.
وكذا فإنّ التوكُّل في الحياة الاجتماعية سبب لرقي المجتمع وتطوّره.
أعرض نموذجين لأمّة لم تتوكل في حربها ولأمة توكّلت في جهادها.
النموذج الأول: بنو إسرائيل
” يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ
قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا
دَاخِلُونَ قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ
فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ
فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي
فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ
تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ “.
النموذج الثاني توكّل النبي وأصحابه
” الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ
وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ
عَظِيمٍ “
ونحن كما قرأنا آية الحدث التاريخي هذا, عشنا تجربة هذه الآية حينما توكّل مجتمعنا على الله
فانقلب بنعمة من الله وفضل, وحينما يبقى على توكّله فسوف تتحقّق تكملة الآية (لم يمسسهم سوء).
المصدر:موقع سراج القائم (عج)