نص الشبهة:
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آل بيته الأخيار ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
منذ فترة وأنا تراودني بعض الخواطر، وأخشى أن تكون وسوسة شيطانية حول حقيقة ما، وهي: إن كان أهل البيت لا ينقذون شيعتهم في الأزمات، لأن سنن الله اقتضت على أن يأتي الأمر بشكل طبيعي، لا بشكل معجزة أو كرامة، وإلا فإن الإنسان سيتوقف عن العمل والسعي، فلماذا نتوسل ونطلب حاجاتنا من أهل البيت؟ خاصة أننا لسنا علماء أو زهاد أو نساك، بل أشخاص أقل من عاديين، وما قيمة التوسل؟
والسلام . .
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد ..
صحيح أن الله تعالى قد جعل للمسيرة الإنسانية سنناً، وجعل لحل المشكلات والتخلص من الأزمات نظماً، ولكن من الصحيح والثابت أيضاً: أنه تعالى قد جعل التوسل والدعاء الخالص، والذي لا ينشأ عن الاستجابة له أي ضرر على نفس الداعي، ولا على غيره ـ قد جعل ذلك ـ من جملة هذه السنن أيضاً ..
فإذا أخذنا شفاء المريض مثالاً، فإننا قد ندرك في هذا الشفاء ـ إذا حصل بواسطة الدواء ـ بعض عن كيفيات أو جهات التأثير للدواء فيه.
ولا ندرك شيئاً من ذلك حين يكون للشفاء مستنداً إلى استجابة الدعاء، أو إلى التوسل ..
لكن ذلك لا يصلح فارقاً من ناحية التسبيب للشفاء، فإن بعض الأسباب قد تكون أرقى من الأسباب الأخرى، أو حاكمة عليها ..
ولعل هذه الأسباب الأرقى لا يأتي دورها إلا بعد عجز الأسباب الطبيعية، وضمن شروط وظروف مختلفة، ومكونات خاصة جداً لا تتحرك بدونها ..
من أجل ذلك نلاحظ:
أن حدوث الكرامة والمعجزة واستجابة الدعاء، وتأثير التوسل، لا يكون في كل حين، إذ إن ذلك من شأنه أن يلحق أضراراً بليغة في مسيرة الحياة، وفي نظرة الإنسان إلى القضايا، ثم في طبيعة تعامله معها ..
بل إن الاستجابة للتوسل والدعاء بهذا النحو التام والشامل، لابد أن يعطل ـ كما قلنا ـ هذه المسيرة من حيث إنه يشل سائر السنن، ويفقدها دورها وأثرها وفاعليتها في الحياة ..
والحاصل بأن للتوسل والدعاء والاستجابة ضابطته، وقانونه، ونظامه المهيمن عليه، والحافظ لدور ولتأثير سائر السننن المشاركة له في بناء الحياة، والتي لها الأثر الكبير في حماية الحياة، وحماية أهلها من أي أثر غير مرغوب فيه، ومن أية نتيجة سلبية..
فإذا استجمع ذلك التوسل وهذا الدعاء شرائطه، ولم يكن له أي أثر سلبي في نطاق المنظومة العامة المهيمنة على مسار الحياة في مختلف المجالات، فإنه لابد أن يؤثر أثره كسائر السنن، التي تستجمع الشرائط، وتفقد الموانع ..
وبذلك يحفظ طموح الإنسان، ويجد الذي يدعو ويتوسل، الدافع القوي إلى السعي في الحياة، وإلى الجد والاجتهاد فيها، ويحسِّن من أدائه، ويكون من دواعي تكامله في نفسه، ومن أسباب توثيق علاقته بالله تعالى، وبأوليائه، وأصفيائه ..
والحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين 1..
- 1. مختصر مفيد .. (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)، السيد جعفر مرتضى العاملي، «المجموعة الثامنة»، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1424 هـ ـ 2004 م، السؤال (441).