مفهوم الإمامة
سأنطلق هنا من نقطة لدي فيها وجهة نظر تاريخية ، هي إن نظرية الإمامة و الخلافة ، تبلورت بشكل أكثر دقة عند الشيعة منه عند السنة . و السبب في ذلك راجع إلى ، أن مواقف الخلفاء تناقضت في ممارسة ( الإمامة ) و تعاطت ، بأشكال مختلفة و متناقضة ، مع مسألة الخلافة .
فالمفهوم الشوري الذي يتسع في المنظور السني إلى مسألة الخلافة ، لم لكن ثابتا سواء في فكر السنة أو ممارساتهم .
ففي النص السني ، تتوزع مسألة الخلافة بين البعد الشوري و البعد التنصيبي ، بالقياس على نص ( مروا أبا بكر فليصل بالناس ) و كانت هذه الأخيرة هي شعار ( السقيفة )! .
بينما ظلت المسألة ثابتة في الفكر الشيعي منذ البداية فهي الخلافة بواسطة ( النص ) و في حدود ـ بني هاشم . و كان لهذا الثبات المفهومي ، الفضل في انتصارات الشيعة ، الكلامية ، على خصومهم ، مستفيدين من الشرخ الحاصل لدى العامة في نظرية الإمامة ، و التنوع و التناقض الذي حكم قضية الخلافة في الفكر السني .
لقد تبلورت المواقف بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و آله بشكل سريع . بحيث لم تبق فرصة للهاشميين في إبداء رأيهم .
استغل أصحاب الرأي ، غباء العامة في السقيفة ـ أي الرعاع ، و أرهبوا ـ الخاصة مثل سعد بن عبادة ، و عمار و . . و الهاشميين ـ هذا يعني أن الأمر كان معدا سلفا و مسبقا .
و الهاشميين كانت لديهم منذ البداية نصوص قاطعة .
و السقيفة ، مؤتمر قائم أساسا على مخالفة النص . لأنه لو أطيع أمر الرسول صلى الله عليه و آله في تجهيز جيش أسامة ، لما كانت لهم فرصة في إقامة مثل هذه المؤتمرات . و عندما يقول الرسول ( لعن الله من تخلف عن جيش أسامة ) يترتب عليه ، أن اللعنة على ما قام على لعنة ( التخلف عن جيش أسامة ) . بمعنى أن السقيفة قائمة على ( اللعنة ) . و إذا أردنا أن نخضعها لأسلوب الأحكام . فإن كلمة الرسول صلى الله عليه و آله تثبت أن الأمر واجب ، و أن التخلف عنه حرام . و ما دامت السقيفة قائمة على حرمة التخلف عن جيش أسامة ، ترتب عليه حرمة السقيفة ، و ذلك من باب أن المبنى على الحرام حرام !
قلت إن الإمامة عند أهل السنة ، خاضعة للمزاج و الرأي ، ولم تكن لهم فيها نظرية و حتى ( قاعدة ) الشورى التي تحدثوا عنها لم تكن ( مؤسسة ) يومها . بل كل ما في الأمر ، وضعها اللاحقون . أما المسألة في واقعها التاريخي ، كانت تتأرجح بين أشكال من ( التنصيب ) و نحن هنا سنعرض وجهة نظر كل من الشيعة و السنة في مسألة الخلافة . لنقف على الثغرات التي تحتوي عليها و وجهة النظر العامية حول المسألة :
أهل السنة ، و الخلافة
مع أن الخلافة في واقعها التاريخي ، لم تكن متبلورة في شكل نظرية عند أهل السنة ، إلا أن المتأخرين منهم استطاعوا أن يضعوا لها مبررات فكرية بسيطة و محدودة .
يعتقد أهل السنة ، بأن الخلافة ، شأن من شؤون الدنيا ، يتحقق بالاتفاق .
و حيثما ورد الاتفاق تجب البيعة . ولم يعتبروها من أصول الدين ، فهي إذن من فروعه ، و شذت بعض مذاهبهم ، إذ جعلتها غير واجبة ، و بأن السقيفة كانت نموذجا للشورى . من دون أن يركزوا على ملابساتها . و يستندون إلى قوله تعالى : ﴿ … وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ … ﴾ 1 .
ولم يشترط السنة العصمة في الإمام . بل و جوزوا إمامة الفاسقين . و أوجبوا الطاعة مع الفسق يقول الباقلاني في التمهيد : قال الجمهور من أهل الإثبات .
و أصحاب الحديث : لا ينخلع الإمام بفسقه و ظلمه ، بغصب الأموال ، و ضرب الأبشار ، و تناول النفوس المحرمة ، و تضييع الحقوق و تعطيل الحدود ، و لا يجب الخروج عليه .
و لا يشترط السنة ( الأفضلية ) في الإمام . فقالوا بجواز تقديم المفضول على الأفضل . و الواقع ، هو أن المفهوم الذي ( فبركه ) أهل السنة عن الخلافة ، إنما كان استقراء لوضع فاسد ، هو ( السقيفة ) . فمن الأمر الواقع الذي جرى فيها ، استقرأوا مفهوم الشورى و عدم النص . . . و من الفساد و الفسق الذي أحصاه التاريخ على بعض الخلفاء ، أن ارتأى الابقاء على الخليفة الفاسق! و أي عاقل ، يملك وجدانا سليما ، و وعيا بالدين عميقا . يمكنه هضم هذه المحددات التي وضعها السنة للخلافة .
مبعث الإمام عند الشيعة
لما كانت الإمامة ضرورة لتنظيم حياة المسلمين وفق أحكام الله ، حيث بها يستقيم أمر المسلمين ، دنيا و آخرة ، عدها الشيعة أصلا من أصول الدين . و عليه فإنها تعتبر من الأمور التوقيفية التي يحددها البارئ جل و علا تماما مثلما النبوة .
أمرا توقيفي منوط باختيار الله عز و جل لأنها تشكل ضرورة لهداية الناس . و ما دامت الإمامة هي الامتداد الشرعي للنبوة فإنها تبقى خارج دائرة الشؤون التي يبت فيها الناس . و الإمامة ليست شأنا من شؤون الدنيا فقط . بل شأن من شؤون الآخرة أيضا و عليه ، فإن الإمامة تخضع لمجموعة شروط ، تنسجم مع هذا الشأن .
و حيث إن الشأن الأخروي يتطلب الصفات الفاضلة و العليا . فإن البشر عاجزون عن اكتشاف الأجدر في هذا الشأن . أو قد تحول دونهم و ذلك عوامل أخرى نفسية و سياسية ، كما جرى في التاريخ الإسلامي . و لو كان الأجدر في هذا الشأن يدرك مباشرة ، لخول الله للبشر اختيار الرسل و الأنبياء . و القرآن قد تحدث عن طبيعة المقاييس التي كان يملكها المشركون في اختيار جدارة النبي صلى الله عليه و آله فكانوا يرون مشيه في الأسواق و أكله الطعام ، ينافي النبوة . كما رأوا في فقره و يتمه ما ينافي مقام الرسالة ، ﴿ وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴾ 2 ، و لو أنزل الله علينا ملكا و . . و . .
و بسبب قصور المقاييس و ضبابية المنظار الذي كان ينظر منه الإنسان إلى النبوة ، كان من الطبيعي أن يستأثر الله باختيار أنبيائه . و نفس الشيء لما رأى بنو إسرائيل في اختيار الله للملك طالوت ما لا ينسجم مع مقاييسهم لمفهوم الملك فقالوا : ﴿ … قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ … ﴾ 3 ، و هناك أسباب كثيرة ، عقلية و شرعية ، تجعل من هذا الاختيار أمرا مستحيلا :
1 ـ إن الدين شأن من شؤون الله . و إن الأجدر دينا ، لا يمكن إن يكتشفه من هو دونه . و لذلك يلزم أن يختاره الله .
2 ـ إن الناس قد يرفضون الإمام لعدله و تقواه إذا أدركوا عدم ركونه إلى أهدافهم . و قد يختارون من يرون فيه لينا و انكسارا . و قد يميلون مع من يكسرهم إليه بالقوة . و تاريخ الخلافة كما سبق ذكره ، كان دليلا قاطعا على ذلك .
3 ـ إن رسالة الرسول كما تركها ، لا يمكنها حل مشكلات الناس في كل الأزمنة و العصور . و هي تحتاج إلى من يستخرج منها الأحكام ، و يوفر لكل مشكلة حلا فقهيا حاسما . و لذلك يلزم أن يعين الله من هو أجدر بهذه المهمة حتى لا تبقى على الله حجة للذين لم يعايشوا الرسل . و المستوعب للأحكام الفقهية اليوم ، يدرك أنها تكاد تخلو من الحسم ، و ليس من العقل ، أن يترك الله دينه لرأي من يختارهم الناس على قصورهم . و لعل كل هذه التناقضات دليلا على الفراغ الذي تركته الإمامة في حياة المسلمين .
و حيث إن الإمام هو لطف من الله ، يوجه الناس إلى طريق الطاعات و ينهاهم عن سلوك المعاصي و يقضي للمظلوم و ينتصر من الظالم و يقيم الحدود و الفرائض و يصدر الأحكام في المفسدين . فلو جاز أن يعصي لكان هو بالأحرى في حاجة إلى إمام يرشده و يوجهه إلى الطاعة و يقيم عليه الحد في الأمور التي قد يعصي فيها . و ذلك كله على خلاف أهل السنة الذين لا يرون مانعا من تجويز ، إمامة الفاسق كما تقدم . و إذا كان من لطفه أن بعث للناس نبيا معصوما من الصغائر و الكبائر ، لا ينطق عن الهوى ، يعلمهم الكتاب و الحكمة و يقضي بينهم و يحملهم على الطاعات ، كان إذا من لطفه أيضا أن يترك للناس إماما معصوما لا يخطأ في الأحكام ، و لا تجوز عليه المعاصي .
و إذا لم يكن الإمام معصوما ، جاز له أن يضل الأمة في لحظة جهله وعصيانه ، و كان أبو بكر يقول فيما اشتهر عنه : إن لي شيطانا يعتريني .
فإذا احتاجت الأمة إليه في اللحظة التي يعتريه فيها الشيطان ، فمن المؤكد أن يضلها ، ولم يبق الإمام عندئذ حجة لله على العباد . و لكان هو في تلك اللحظة في حاجة إلى من يحمله على الطاعة ، أي إلى إمام آخر . و إذا جاز لهذا الأخير أن يخطأ أيضا ، احتاج إلى إمام آخر . و يبقى هذا التسلل ساريا إلى لا نهاية . و هذا يناقض اللطف ، لأن في التسلسل ، تكرارا لنفس الثغرة ، و هي جواز المعصية على الإمام و هذا يأباه البناء العقلائي . و العصمة هي أن يرتفع الإمام عن الدنايا ، و الامتناع عن إتيان كل القبائح عمدا و سهوا و على طول حياته .
لأنه لو جاز عليه أن يعصي الله في الصغيرة كيف يمتنع عن إتيان الكبيرة . و إذا كان يجهل صغيرة في الشريعة ، فكيف يتسنى له الحكم في القضية التي تعرض عليه .
و إذا جاز عليه القصور في الأحكام و الجهل ببعضها ، علما أن الموضوعات و المسائل لا تتحدد بالعدد ، و لا بالمكان و الزمان . لم يكن بينه و الجاهل الذي يعرض عليه المسألة ، فرق في إدراك تلك المسألة ، فتنتفي الحجة . و قد أورد لنا التاريخ نماذج من المسائل التي عجز الخلفاء عن حلها ، و اعترفوا بعجزهم ، أو قالوا فيها بغير علم و خالفوا الشريعة .
و حيث إن الإمام هو أعلى مستوى في الأمة ، من حيث المهمة الشرعية ، كان ضروريا أن يكون هو الأفضل على كل المستويات . خلافا للسنة الذين رأوا جواز إمامة الفاسق مع وجود الفاضل ، و هو تجويز لا سند له من الشرع و العقل ، بقدر ما هو تبرير الحالة الاستخلافية التي شهدها التاريخ الإسلامي . فهي فكرة مستوحاة من واقع لا أساس له من النص .
غير أن ضرورة إمامة الأفضل تبقى هي النظرية الموضوعية المنسجمة مع العقل و الشرع . فالعقل يستقبح انقياد الأعلم لمن هو دونه ، و الأشرف إلى من هو دونه و دواليك .
و الشرع ينهى في غير موقع عن هذه الفكرة : ﴿ … قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ﴾ 4 .
و قال : ﴿ … أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ 5 .
و إذا نظرنا في نظرية الإمامة عند الشيعة ، وجدناها ترتكز على هذه الأسس الثلاث :
1 ـ الإمامة نص .
2 ـ عصمة الإمام .
3 ـ الأفضلية .
و ما دام الشيعة يرون الإمامة لأهل البيت ، كان من الضروري البحث في الانسجام بين هذه الأسس الثلاثة للإمامة ، و واقع الأئمة من آل البيت و ما هو الدليل العقلي و النقلي ، على إمامتهم .
1 ـ النص على الإمامة
يرى الشيعة أن الإمامة تعينت بالنص . أسواء من الله تعالى أم من النبي صلى الله عليه و آله . و لهم إضافة إلى الأدلة العقلية ، أدلة نقلية قوية بهذا الخصوص .
و أريد أن أشير في هذه الفقرة إلى لفتة تكاد تتجاوزها الكتابات التاريخية و العقائدية و هي أن الأساس الذي ركن إليه عمر في بيعة أبي بكر هو النص و القرابة . و قد سبق أن أوردنا تفاصيل السقيفة ، و المنطق الذي سيطر على المواقف و الاختيارات فيها . و قال عمر أن الرسول صلى الله عليه و آله ، قال : مروا أبا بكر فليصل بالناس . و استقرأ من خلال ذلك وجوب إمامته . غير أن في اجتهاد عمر بن الخطاب بعض الملاحظات التي تثير الاهتمام .
1 ـ استند عمر على القياس . و هو قياس ناقص ، لأنه لا يبين العلة من وراء الموضوع . فهو بناء على الظن و الظن لا يغني عن الحق شيئا .
2 ـ طرح عمر إمامة أبي بكر على أساس أنها نص . مع العلم أن عمر أبى على الرسول صلى الله عليه و آله أن يكتب كتابه في أيام وفاته ، و اكتفى بالقرآن . فلو كان الرسول صلى الله عليه و آله يهجر ، ـ أستغفر الله ـ فرضا ، فأولى أن نأخذ بهجرانه حتى في تأمير أبي بكر للصلاة بالناس . علما أن إمامة الصلاة ليست مهمة أقرب إلى الله من مهمة تولي غسل الرسول و الصلاة على جنازته كما فعل الإمام علي ( عليه السلام ) و علما ـ أيضا ـ إن الرسول صلى الله عليه و آله ، استخلف في الصلاة في البلدان من ليسوا بالأفضلين . هذا إذا أضفنا إن في رواية أمر الرسول صلى الله عليه و آله بالصلاة ، اضطراب ، و فساد في المتن و السند .
3 ـ عندما استند عمر بن الخطاب على فكرة القرابة ، كان يستغل وضعا ليس له . و أوقع نفسه في تناقض كبير ، ذلك أن قرابة المهاجرين من الرسول صلى الله عليه و آله يلزم أن يتساوى فيها كل المهاجرين ، فكيف يكون استدلال عمر بن الخطاب بالقرابة و الهجرة على المهاجرين الأول ، مثل عمار ، و أبي ذر و . . الذين عارضوا خلافته . ثم لماذا لا يتنازل وفق هذا المنطق عن الخلافة لعلي بن أبي طالب ، و هو جمع بين السابقية و القرابة . فهو سيد المهاجرين ، و أقرب الناس إلى الرسول صلى الله عليه و آله و أول من أسلم . و لذلك لما قيل لعلي إن المهاجرين استدلوا بالشجرة ، أي أنهم شجرة الرسول : قال : قالوا بالشجرة و تركوا الثمرة . و يعني بها آل البيت 6 ورد على منطق عمر بن الخطاب ، في كلمته الشهيرة و التي جاءت على شكل أبيات :
فإن كنت بالشورى ملكت أمورهم *** فكيف هذا و المشيرون غيب
و إن كنت بالقربى حججت خصيمهم *** فغيرك أولى بالنبي و أقرب 6
و يذكر القرآن مجموعة آيات تدل على النص في الاتجاه الذي يؤكد معقولية النص على الإمامة جاء في القرآن : ﴿ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾ 7 .
و الآية ، تثبت أن الإمامة تثبت بعد اختبار ، يسفر عن كفاءة الشخص ، و أهليته للإمامة ، ثم تأتي مسألة الاختيار اللدني ، ثم لما أراد إبراهيم أن يقرب ذريته ، قال تعالى : ﴿ … قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾ 8 و هو يوحي بأن الاختيار ليس إلا لله لا محاباة فيه و لا مشورة و لو كان منطق الإمامية في الإمامة ، غريبا عن الإسلام ، فأولى بإمامة إبراهيم و غيره ممن اختار الله ، أن تكون غريبة .
و جاء في القرآن اختيار الله لطالوت ، و هو ملك و قال : ﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ … ﴾ 3 .
و لما اعترض عليه القوم قال : ﴿ … قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ 3 .
و هذا إن دل فإنما يدل على أن مسألة النص و الاختيار الإلهي للأوصياء ، ليس بدعا في تاريخ العقيدة الإلهية .
هذا بالإضافة إلى ما فاض به الذكر الحكيم من نماذج قرآنية ، تثبت هذا المفهوم و ثبت أن الإمامة بالنص ، لآل البيت و للإمام علي ( عليه السلام ) بعد الرسول صلى الله عليه و آله و تقول الإمامية ، أن الإمامة بالنص ، اختصت بإثني عشر إماما كلهم من آل البيت ( عليهم السلام ) أولهم الإمام علي بن أبي طالب و آخرهم المهدي بن الحسن العسكري ( عليه السلام ) .
و رد في القرآن قوله تعالى : ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ 9 .
جاء في الصحاح الستة : و تفاسير العامة إن الآية نزلت في حق علي ( عليه السلام ) و تفاصيل القصة ، حسب ما رواه أبو ذر ( رض ) 10 قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه و آله يوما صلاة الظهر ، فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد ، فدفع السائل يده إلى السماء و قال : اللهم اشهد أني سألت في مسجد الرسول صلى الله عليه و آله ، فما أعطاني أحد شيئا و علي ( عليه السلام ) كان راكعا ، فأومأ إليه بخنصره اليمنى و كان فيها خاتم ، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم بمرأى النبي صلى الله عليه و آله فقال لهم إن أخي موسى سألك فقال : ﴿ … رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ﴾ 11 إلى قوله ﴿ وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ﴾ 12 فأنزلت قرآنا ناطقا . ﴿ قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا … ﴾ 13 ، اللهم و أنا محمد نبيك وصفيك فاشرح لي صدري و يسر لي أمري واجعل لي وزيرا من أهلي عليا أشدد به ظهري .
قال أبو ذر : فوالله ما أن قال رسول الله صلى الله عليه و آله هذه الكلمة حتى نزل جبريل فقال : يا محمد اقرأ ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ 9 و تواتر هذا الحديث ، و ذكره كبار المحدثين و المفسرين من أهل السنة أنفسهم 14 .
و سنحاول القفز على حديث الدار و الغدير الذي سبق أن أثرناه ، لنستعرض بعض الروايات الأخرى التي تؤكد على إمامة علي ، و آل بيته .
قال تعالى : ﴿ … قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي … ﴾ 8 .
روى الجمهور عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) : ” انتهت الدعوة إلي و إلى علي ، لم يسجد أحدنا قط لصنم ، فاتخذني نبيا و اتخذ عليا وصيا ) 15 .
و لدى قوله تعالى ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ ﴾ 16 17 .
و ذكر ابن عبد البر في قوله ﴿ وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا … ﴾ 18 قال : إن النبي صلى الله عليه و آله ليلة أسري به جمع الله بينه و بين الأنبياء ، ثم قال ، له : سلهم يا محمد ، على ماذا بعثتم ؟ قالوا : بعثنا على شهادة لا إله إلا الله . و على الاقرار بنبوتك ، و الولاية لعلي بن أبي طالب 19 .
و ذكر الجمهور عن أبي سعيد الخدري ، إن النبي صلى الله عليه و آله دعا الناس إلى علي ( عليه السلام ) في يوم ( غدير خم ) و أمر بما تحت الشجرة ـ من الشوك فقام ، فدعا عليا ، فأخذ بصبعيه فرفعها ، حتى نظر الناس إلى بياض إبطي رسول الله صلى الله عليه و آله و علي ( عليه السلام ) ثم لم يتفرقوا حتى نزلت هذه الآية : ﴿ … الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا … ﴾ 20 فقال رسول الله صلى الله عليه و آله ” الله أكبر على إكمال الدين ، و إتمام النعمة ، و رضي الرب برسالتي : و الولاية لعلي بن أبي طالب من بعدي . ثم قال : من كنت مولاه ، فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، و عاد من عاداه ، و انصر من نصره ، و اخذل من خذله ” 21 .
و يرى الشيعة أن الإمامة ثبتت بالنص في اثنا عشر إماما . أولهم علي و آخرهم المهدي ، و أن طريقة تعيينهم تمت عن طريق النص ، من الله ، ثم نبيه فالإمام ، أي أن الإمام علي ( عليه السلام ) بعد أن تسلمها سلمها ابنه الحسن ( عليه السلام ) استجابة للنص .
و الواقع التاريخي يثبت أن الأئمة ( عليهم السلام ) ، كانوا يوصون إلى من بعدهم استنادا من أن نص منصوص و التجربة التاريخية ، تفسر عن هذا الواقع ، إن الإمام عليا ( عليه السلام ) لم يستشهد حتى أوصى بها إلى ابنه الحسن . و الحسن لما عقد وثيقة الصلح ، اشترط فيها عودة الخلافة إليه ، أو إلى أخيه الحسين ( عليه السلام ) إذا طرأ طارئ على حياة الإمام الحسن ( عليه السلام ) .
و الإمام علي ( عليه السلام ) الذي عارض تداول الخلافة بين أبي بكر و عمر و عثمان . لم يكن ليكرر نفس الإجراء فيما لو كان الأمر لا يستند إلى مسوغات عقلية و نقلية ، تتحدد بالنص و ذكرت النصوص ، أن الولاية بعد الرسول صلى الله عليه و آله لأهل البيت ( عليهم السلام ) و من ذلك : ما جاء في المستدرك على الصحيحين للحاكم ، عن زيد بن أرقم : لما رجع رسول الله صلى الله عليه و آله من حجة الوداع و نزل غدير خم ، أمر بدوحات فقممن فقال :
” كأني قد دعيت فأجبت أني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله تعالى و عترتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما . فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، ثم قال ، إن الله عز و جل مولاي و أنا مولى كل مؤمن ( ثم أخذ بيد علي ) فقال : من كنت مولاه فهذا وليه ، اللهم وال من والاه و عاد من عاداه ” .
أما ما ورد في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم . فقد قال : قام رسول الله صلى الله عليه و آله يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة و المدينة ، فحمد الله و أثنى عليه ، و وعظ و ذكر ثم قال :
” أما بعد ، ألا أيها الناس ، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ، و أنا تارك فيكم ، ثقلين ، أولهما كتاب الله فيه الهدى و النور ، فخذوا لكتاب الله و استمسكوا به ” فحث على كتاب الله و رغب فيه ثم قال : ” و أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ” .
و في صحيح الترمذي ورد بهذه الصيغة ، عن جابر بن عبد الله قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه و آله في حجته يوم عرفه و هو على ناقته القصواء يخطب فسمعته يقول :
” يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا : كتاب الله و عترتي أهل بيتي ” .
و ورد حديث ( الثقلين ) بأكثر من سند و صيغة في صحاح الجمهور .
و طبيعي أن يحتاج هذا الحديث إلى نص آخر يحدد عمومه . فحصر الشيعة الإمامة في اثني عشر إماما من آل البيت كما تقدم ذكره و الأدلة على ذلك كثيرة بيد إننا نراها على قسمين :
الأولى أدلة اعتبارية سندها الواقع و التجربة . إذ لما ثبت الإمامة لعلي ( عليه السلام ) بالنص فإن وصيته إلى الحسن ( عليه السلام ) تبقى نصا صادرا عن الإمام . و كل إمام أوصى بالآخر ، فيكون هذا التسلسل الاثني عشري دليلا على النص . و هذا هو الدليل العقلي على إمامة الاثني عشر .
كما ينضاف إلى تلك الأدلة ، كون هؤلاء الاثنى عشر هم رموز آل البيت الكبار ، الذين أحصى لهم التاريخ تفوقهم و كرامتهم ، و لا تلقى وصية .
أما ما جاء في روايات الجمهور حول الاثني عشر إماما الموصى بهم . فقد ذكر الترمذي في صحيحه بسنده إلى جابر بن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و آله :
” يكون بعدي اثنا عشر أميرا كلهم من قريش ” و في مستدرك الصحيحين للحاكم ، عن عون ابن أبي جحيفة عن أبيه قال : كنت مع عمي عند النبي صلى الله عليه و آله فقال :
” لا يزال أمر أمتي صالحا حتى يمضي اثنا عشر خليفة ” ثم قال كلمة و خفض بها صوته فقلت لعمي و كان أمامي : ما قال يا عم ؟ قال يا بني : ” كلهم من قريش ” .
و حاول بعض أهل السنة ، أن يتصنعوا في تأويل هذه الأحاديث ، و ما شابهها : أنهم يكونون في مدة عزة الخلافة ، و قوة الإسلام و استقامة أموره و الاجتماع على من يقوم بالخلافة . و قد وجد هذا فيمن اجتمع عليه الناس إلى أن اضطرب أمر بني أمية ، و وقعت بينهم الفتنة زمن وليد بن يزيد . و حاول بعضهم مثل ابن كثير و صاحب فتح الباري و صاحب الصواعق أن يؤولوها تأويلا إسقاطيا لا سند له من الموضوعية . فادعوا أن الأئمة الاثنا عشر هم الخلفاء الثلاثة ثم علي ، و بعده معاوية فيزيد ـ ذلك أن الحسن لم يجتمعوا عليه ـ فعبد الملك و أولاده الأربعة الوليد ، و سليمان ، فيزيد ، فهشام . و الثاني عشر : الوليد بن يزيد بن عبد الملك .
و طبيعي ، إن هذا التأويل أكثر تعسفا مما سبق لأنه مجرد إسقاطات تتغذى بالوضع السياسي الجاهز و لا تركن إلى سند من العقل أو النص .
و جاء في الصواعق المحرقة بإخراج البغوي ، بسند حسن عن عبد الله بن عمر ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول : ( يكون خلفي اثنا عشر خليفة ، أبو بكر لا يلبث إلا قليلا ) ، قال الأئمة : صدر هذا الحديث مجمع على صحته .
و اعتراف ابن حجر ، بالإجماع على صدر هذا الحديث ، دليل على أن المحرفين تصرفوا في مؤخرته و هذا دليل على التزوير الذي شهدته مدرسة الجمهور . و ترتفع البراءة التي تدعى .
و لهذا و ردا على هذا المنطق يقول الحافظ سليمان القندوزي الحنفي في ينابيع المودة :
( قال بعض المحققين! إن الأحاديث الدالة على كون الخلفاء بعده ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اثنا عشر قد اشتهر من طرق كثيرة فبشرح الزمان ، و تعرف الكون و المكان : علم أن مراد رسول الله صلى الله عليه و آله من حديثه هذا : الأئمة الاثنا عشر من أهل بيته و عترته ، إذ لا يمكن أن يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من أصحابه ، لقلتهم عن اثني عشر ( و هم أربعة ) و لا يمكن أن يحمل على ملوك الأموية لزيادتهم على أثني عشر ( و هم ثلاثة عشر ) ، و لظلمهم الفاحش ، إلا عمر بن عبد العزيز ، و لكونهم غير بني هاشم لأن النبي صلى الله عليه و آله قال : كلهم من بني هاشم في رواية عبد الملك عن جابر ) .
ولم يكن يدعي الاثني عشر ، سوى أئمة أهل البيت . فإذا أضفنا إلى كون الاثنا عشر إماما كلهم ذوو كفاءة ، و كلهم من قريش و كلهم يدعيها . ترتب أن يكونوا هم الاثنا عشر المشار إليهم بالنص . لأن الواقع لم يأت بما كذب ذلك .
و ما دام عجز الجمهور عن تبرير هذا النص ، و تقريبه من الواقع ، فإن الروايات الشيعية أثبتته بالإجماع فقد ورد في منتخب الأثر منقولا عن كفاية الأثر ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و آله : معاشر أصحابي إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح و باب حطة في بني إسرائيل ، فتمسكوا بأهل بيتي بعدي ، و الأئمة الراشدين من ذريتي فإنكم لن تضلوا أبدا .
فقيل : يا رسول الله كم الأئمة بعدك ؟ .
قال : اثنا عشر من أهل بيتي أو قال من عترتي .
و كذلك ذكر القندوزي الحنفي في الينابيع : عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و آله :
” أنا سيد النبيين و علي سيد الوصيين ، و إن أوصيائي بعدي أثنا عشر أولهم علي و آخرهم القائم المهدي ” .
و ذكر الحمويني الشافعي في فرائد السمطين ، عن أبو عباس قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و آله : إن خلفائي و أوصيائي و حجج الله على الخلق بعدي ، اثنا عشر أولهم أخي و آخرهم ولدي .
ولم يدع الاثني عشر إماما إلا الشيعة الإمامية . فينتفي إذن ما يعارضها .
و يحتاج ردها إلى دليل قاطع نقلي و عقلي ، مثلما أثبتوها لأئمتهم عقلا و نقلا .
2 ـ عصمة الإمام
كذلك إذا بحثنا مدى انسجام هذه الطرحة ، مع واقع الأئمة الاثني عشر ، نجدها أكثر موضوعية فيما لو أسندت إلى الأئمة من آل البيت ( عليه السلام ) و الأدلة العقلية و الاعتبارية لا تقل عن النصوص المباشرة في هذا الموضوع .
إن غير الأئمة الاثني عشر لم يدعها صراحة . و العصمة لتقتضي طيب المولد و عدم ارتكاب الفواحش قبل الإسلام أو بعده . و غير الأئمة لم يتوفر على ذلك .
و الإمام علي ( عليه السلام ) هو الوحيد الذي لم يعبد الأصنام ولم يرتكب فاحشة في الجاهلية . و مهما كان الأمر و السبب فإن النتيجة واحدة ، هي الطهارة و العصمة .
و الباحث في سيرة الأئمة من لدن علي إلى آخرهم ، يتبين له مدى استقامتهم على طريق الإسلام ، ولم يحصي التاريخ لأحدهم زلة تناقض العصمة .
و كلهم كانوا مصدر علوم ولم يحتاجوا إلى غيرهم في شيء ، و ورثوا العلم و الرئاسة و العصمة بشكل متراتب أبا عن جد ، بخلاف من هم دونهم .
أما ما يثبت ذلك نقلا ، فإن آل البيت وردت فيهم آيات قرآنية و روايات نبوية تدل دلالة نافذة على ذلك .
آية التطهير : قوله تعالى : ﴿ … إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ 22 .
ثبت بإجماع الجمهور مفسرين ومحدثين إن الآية نزلت في علي و الحسن و الحسين و فاطمة ( عليهم السلام ) .
و من ذلك ما أخرج مسلم في صحيحه عن صفية بنت شيبة قالت : قالت عائشة:
خرج النبي ( صلى الله عليه و آله ) غداة و عليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدله ، ثم قال :
﴿ … إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ 22 .
و في صحيح الترمذي عن أم سلمة ، لما نزلت الآية : ﴿ … إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ 22 في بيت أم سلمة ، فدعا فاطمة و حسنا و حسينا و عليا خلف ظهره فجللهم بكساء ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا .
قالت أم سلمة : و أنا معهم يا نبي الله؟ .
قال : ( أنت على مكانك و أنت على خير ) .
و في آية التطهير مجموعة دلالات ، يستحسن الوقوف على مضامينها .
فالآية ، في البدء منصرفة ، حيث حددت ( آل البيت ) في الرسول صلى الله عليه و آله و علي و فاطمة و حسن و حسين . و بذلك ترتفع الإمامة و العصمة عن غير هؤلاء .
و يصبح لآل البيت مفهوم خاص غير ذلك الذي يتحدد بالنسب ، و إلا ، فأولى بأزواج النبي صلى الله عليه و آله أن يكن من أهل بيته فيما لو كانت القضية خاضعة لمفهوم عام غير محدد ، و لكان صلى الله عليه و آله أدخل في كسائه ، أفرادا آخرين من آل البيت غير هؤلاء .
ثم الآية تفيد أن القضية محصورة في نطاق آل البيت ، أو بالأحرى فإن الطهارة هي من خصائص آل البيت ، يدل على ذلك أداة الحصر إنما في ﴿ … يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ … ﴾ 22 .
ثم تحدثت الآية عن قضيتين هما : الرجس ثم الطهارة .
و الرجس في اللغة حسب ابن منظور و غيره ، تعني الذنوب و تعني أيضا الأقذار .
و العاقل لا يستطيع تقبل مفهوم الأقذار كتفسير للآية . إذ أن الطهارة من القاذورات ، لا تحتاج إلى إرادة إلهية لدنية . و إنما المسألة تتعلق بالقاذورات المعنوية ، و هي الذنوب و المعاصي .
أما الطهارة فتعني التنزيه من هذه المعاصي و الذنوب .
و حاول البعض أن يتحايل على هذا النص ، فيقول بالطهارة التشريعية التي تعتمد الأحكام المنزلة عليهم ، أي إن آل البيت يتنزهون عن المعاصي بالأحكام التي نزلت في القرآن ، و هذا تأويل ناقص لأن الطهارة التشريعية بهذا المفهوم تستبطن أمرين :
1 ـ إذا كان الله يريد أن ينزه الدنيا بتشريعه آل البيت ، فيكون هذا ظلما ، و لا يجوز في حق الله تعالى ، إذ كيف ينزه هؤلاء بإرادته و لا ينزه الناس الآخرين .
2 ـ إذا كان الله يقصد تطهيرهم بأحكام الشرع المنزلة عليهم في القرآن ، فهذا لا يتطلب آية للحصر في آل البيت ، يعم جميع الناس من دون استثناء .
فتبقى المسألة الرئيسة أن الله طهرهم طهارة تكوينية خاصة ، تميزهم عن الباقين .
و قد يرى البعض في ذلك نوعا من الظلم الذي لا يجوز على الله ، إذ كيف يجبر البعض على العصمة و لا يجبر الآخرين .
و لا نريد هنا أن نتوسع عقليا و نقليا في هذا الموضوع الذي أرتأينا توفيره إلى مبحث العقائد الخاصة إلا أننا سنرد على ذلك ، بأن الاعتراض على إرادة الله في عصمة آل البيت ، يجوز الاعتراض على إرادته سبحانه في عصمة الأنبياء و اختيارهم ، إذ أن الموضوع واحد ، و مضامينه واحدة .
ثم إن للعصمة التي نتحدث عنها هنا تفسيرا تقريبا ، يختلف مع ما يراه البعض .
الإمامية ترى إن الإمام لا يفعل إلا الحسن ، أما المكروهات فلا يفعلها ، و إن كان قادرا على الإتيان بها .
فهناك مواقع نفسية و روحية تحول دونه و ذلك ، سببها التزكية مصحوبة باللطف الإلهي .
أي إن هؤلاء تعبوا على أنفسهم في التزكية و السمو الروحي حتى اكتسبوا عصمة تحول دونهم و الخطايا و لما علم الله أن هؤلاء على مقدرة كافية الاستقامة ، عزز عصمتهم بلطفه . و إذا رأى إنسان في هذا ظلما ، قلنا له إن علم الله بنزاهة هؤلاء هو الذي ترتب عليه هذا التدخل الإرادي في عصمتهم ، و الله يحاسب عباده على قدر إيمانهم ، و قد وفر التوبة لغير الأئمة في الأمور التي لا يقوون على إتيانها . و إذا كانت صلاة الليل قد فرضت على الأنبياء و الأولياء ، فإنها لم تفرض على من هم دون ذلك . و قد يثبت في علم الله ، إن غير هؤلاء لا يستطيعون عصمة أنفسهم بذلك القدر الذي يستحق التسديد الإلهي .
يرى السيد محمد تقي الحكيم ( إن الله عز وجل لما علم أن إرادتهم عليهم السلام تجري دائما على وفق ما شرعه لهم من أحكام ، بحكم ما زودوا به من إمكانات ذاتية و مواهب مكتسبة ، نتيجة تربيتهم على وفق مبادئ الإسلام تربية حولتهم في سلوكهم إلى إسلام متجسد ، ثم بحكم ما كانت لديهم من القدرات إلى إكمال إرادتهم وفق أحكامه التي استوعبوها علما و حكمة ، فقد صح له الإخبار ان ذاته المقدسة بأنه لا يريد لهم بإرادته التكوينية إلا إذهاب الرجس عنهم ، لأنه لا يفيض الوجود إلا على هذا النوع من أفعالهم ما داموا هم لا يريدون لأنفسهم إلا ذهاب الرجس و التطهير عنهم ) أهل السنة و الجماعة لا يرفضون العصمة إلا في حدود مصطلحها ، أما ضمونا فإنهم يقرون بها لجميع الصحابة ، ذلك أنهم يرون أنهم جميعا عدول .
و ليست العدالة كما هي في مفهوم العامة و ذهنيتهم ، سوى تلك العصمة التي يراها لشيعة في أئمتهم .
و لا يكلفك أن تكون شيعيا أكثر من أن تتعامل مع أئمة أهل البيت ، كما تعامل مع أبي بكر و عمر .
فالعدالة و العصمة الاعتبارية كما يراها السنة لهؤلاء لا تقل عن تلك التي يراها لشيعة في الأئمة .
و الإنسان قد يصل إلى درجة ما من العصمة ، فيما لو طبق القرآن . أي كتسب عصمة معينة .
و هدف الإسلام ، هو أن يصنع أناسا قرآنيين أي على قدر من العصمة ، و إذا ان متاحا لكل الناس أن يلتمسوا هذا القدر من العصمة عن طريق التربية المجاهدة ، فأولى بآل البيت أن يصلوها . لأنهم جهدوا على أنفسهم بشكل عجز عنه غيرهم .
و من النصوص المنقولة الدالة على عصمتهم حديث السفينة :
ورد في مستدرك الصحيحين للحاكم عن أبي إسحاق عن حنش الكناني قال :
سمعت أبا ذر يقول و هو آخذ بباب الكعبة : أيها الناس من عرفني فأنا من عرفتم ، و من أنكر فأنا أبو ذر سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول :
( مثل أهل بيتي كسفينة سفينة نوح من ركبها نجا و من تخلف عنها غرق ) .
و في إحياء الميت للسيوطي عن البزار عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و آله :
( مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح ، من ركب فيها نجا و من تخلف عنها غرق ) .
و في لفظ الطبراني ، زاد : و مثل باب حطة من بني إسرائيل .
و هذا الحديث ، يحمل دلالة قوية على عصمة الأئمة ، ذلك لو جاز أن يعصوا الله لما أمر الرسول صلى الله عليه و آله باتباعهم و لما جعلهم نجاة للأمة من الغرق .
و جاء في قوله تعالى : ﴿ … قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى … ﴾ 23 .
ورد في الصحيحين و أحمد بن حنبل عن ابن عباس قال : لما نزل : ﴿ … قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى … ﴾ 23 قالوا : يا رسول الله ، من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم ؟ قال : علي ، فاطمة ، الحسن و الحسين .
و لهذا الحديث دلالة أخرى على العصمة ، ذلك أن المودة يستتبعها واجب الطاعة ، و لا يجوز المودة المطلقة لآل البيت فيما لو جازت عليهم المعصية ، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . و الذي يبدو من الرواية هو الاطلاق . دليلا على عصمتهم ، و روى الحاكم في المستدرك و ابن كثير في التفسير و كذا الطبري و تفسير الشوكاني ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و آله أنا المنذر و علي الهادي ، و بك يا علي يهتدي المهتدون .
و لا يجوز عقلا أن يكون هاديا من جازت في حقه المعصية .
و في قوله تعالى : ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ 24 .
جاء في صحيح مسلم : قلت : يا رسول الله ، أما السلام عليك فقد عرفناه و أما الصلاة عليك فكيف هي؟ فقال : قولوا : اللهم صل على محمد و آل محمد ، كما صليت على إبراهيم و آل إبراهيم .
و هذا إنما يدل على عصمتهم . إذ لو جازت فيهم المعاصي لما أمر الله بالصلاة عليهم و التعبد إلى الله بهم ، فكيف يتقرب إلى الله بأهل المعصية .
و في مسند ابن حنبل ، و في الجمع بين الصحيحين ، أن النبي صلى الله عليه و آله قال لعلي ( عليه السلام ) : ” لا يحبك إلا مؤمن ، و لا يبغضك إلا منافق ” .
و إطلاق الحكم على هذا المنوال فيه دلالة على العصمة . إذ لو جاز أن يعصي الله ، إذا لكان من الإيمان بغض علي ( عليه السلام ) بل و ليس من الإيمان حب على معصية . و إذا ، فإن إطلاقها يدل على أنه متواصل الامتناع عن المعصية أي معصوم عنها .
و لا أدل على العصمة من الحديثين التالين :
1 ـ في الجمع بين الصحاح الستة ، عن النبي صلى الله عليه و آله قال : ” رحم الله عليا اللهم أدر الحق معه حيث دار ” و في تاريخ بغداد ، و الحاكم في المستدرك و كنز العمال روى أحمد بن موسى بن مردويه ، عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه و آله قال : ” الحق مع علي و علي مع الحق ، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ” .
و التبشير بالإمام علي ( عليه السلام ) و الحكم القاطع على أنه لا يفارق الحق ، هو شهادة من معصوم على عصمة الإمام .
2 ـ ورد في صحيح مسلم ، عن زيد بن أرقم : أيها الناس ، إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب ، و إني تارك فيكم الثقلين ، أولهما كتاب الله فيه الهدى و النور ، فخذوا بكتاب الله ، و استمسكوا به ، فحث على كتاب الله و رغب فيه ثم قال : و أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي .
و الحديث بالتواتر الذي ميزه ، يعد دليلا على العصمة ، لأن الله قرن بين القرآن و آل البيت و في حديث آخر للترمذي ( فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ) و تلك شهادة على العصمة .
3 ـ أفضلية الإمام
كنا قد أثبتنا ضرورة إمامة الأفضل على خلاف أهل السنة و الجماعة ، ذلك أن هؤلاء يجوزون إمامة المفضول و تبعية الفاضل ، و هو أمر مخالف للوجدان و عليه فإننا في مقام البحث في الانسجام بين طرحة ( أفضلية الإمام ) و آل البيت ، كانوا هم طلائع الأمة الأول ، فالقرآن قال : ﴿ … الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا … ﴾ 23 .
و هذه الآية دليل على خصوصيات آل البيت و أفضليتهم على مستوى الكفاية الروحية و العقلية .
كذلك لما رفعهم الرسول صلى الله عليه و آله إلى مقام القرآن و قرنهم به في حديث الثقلين كما تقدم .
و في رواية أحمد بن المشد و الزمخشري في الكشاف ، قال ابن عمر : كان لعلي ثلاثة ، لو كان لي واحدة منها كانت أحب إلي من حمر النعم : تزويجه بفاطمة و إعطاء الراية يوم خيبر و أية النجوى .
و في مسند أحمد و الجمع بين الصحاح الستة أن الرسول صلى الله عليه و آله بعث ( براءة ) مع أبي بكر إلى أهل مكة ، فلما بلغ ذا الحليفة بعث إليه عليا ، فرده ، فرجع أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه و آله فقال :
يا رسول الله أنزل في شيء ؟ قال : لا ، و لكن جبرائيل جاءني و قال :
لا يؤدي عنك إلا أنت ، أو رجل منك :
و في ذلك تفضيل للإمام علي على أبي بكر ، و هو الظاهر و الصريح .
و في حديث المنزلة كما أخرجه البخاري في صحيحه و مسلم من طرق مختلفة : إن النبي صلى الله عليه و آله لما خرج إلى تبوك ، استخلف عليا في المدينة ، على أهله ، فقال علي : ما كنت أوثر أن تخرج في وجه إلا و أنا معك .
فقال : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي
بعدي .
و هذا الحديث يدل على أن الذي يأتي بعد الرسول صلى الله عليه و آله هو علي ( عليه السلام ) في الأفضلية و ما إليها من النصوص الدالة على ذلك .
و التاريخ يشهد أن الإمام عليا و الأئمة ( عليهم السلام ) ، كانوا هم الأفضل في كل الميادين .
و لو قارنا عليا ( عليه السلام ) مع باقي الصحابة ، وجدناه أكثرهم شجاعة و جهادا ، و أفضلهم تقوى و ورعا و أفضلهم علما و فقها و قضاء .
كما يؤكد التاريخ إن أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، كانوا ملجأ لكل سائل في العلم ، ولم يثبت عنهم أنهم قالوا كما كان يفعل الآخرون ( لا نعلم ) و كلهم كان يستقي علمه من آبائه ، أبا عن جد . ولم يرو التاريخ أن واحدا من آل البيت ، درس على واحد من العامة . و أهل البيت هم مصدر العلوم .
و الإمام الصادق هو الفقيه الأول و تتلمذ عليه باقي علماء و فقهاء أهل السنة ، و أخذ منه الأئمة الأربعة و قالوا فيه كلاما كثيرا .
و التحديات التي واجهها آل البيت على مستوى الكفاح و الجهاد ، كانت أكبر مثال في تاريخ الشجاعة و الجهاد البشري . و لا أدل على ذلك من ملحمة كربلاء و قبل ذلك مواقف الإمام علي ( عليه السلام ) .
نريد من هذا كله أن نؤكد على انسجام الإمامة و العصمة و الأفضلية بأشخاص أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ليتبين مفهوم الإمامة عند الشيعة ، حيث انفردوا عن باقي المذاهب في تقييدها و بلورتها و إزالة اللبس عن مفهومها 25 .
- 1. القران الكريم : سورة الشورى ( 42 ) ، الآية : 38 ، الصفحة : 487 .
- 2. القران الكريم : سورة الزخرف ( 43 ) ، الآية : 31 ، الصفحة : 491 .
- 3. a. b. c. القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 247 ، الصفحة : 40 .
- 4. القران الكريم : سورة الزمر ( 39 ) ، الآية : 9 ، الصفحة : 459 .
- 5. القران الكريم : سورة يونس ( 10 ) ، الآية : 35 ، الصفحة : 213 .
- 6. a. b. نهج البلاغة شرح محمد عبده .
- 7. القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 124 ، الصفحة : 19 .
- 8. a. b. القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 124 ، الصفحة : 19 .
- 9. a. b. القران الكريم : سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 55 ، الصفحة : 117 .
- 10. التفسير الكبير للفخر الرازي .
- 11. القران الكريم : سورة طه ( 20 ) ، الآية : 25 ، الصفحة : 313 .
- 12. القران الكريم : سورة طه ( 20 ) ، الآية : 32 ، الصفحة : 313 .
- 13. القران الكريم : سورة القصص ( 28 ) ، الآية : 35 ، الصفحة : 389 .
- 14. أنظر الخصائص للإمام النسائي ، و الدر المنثور للسيوطي و الطبراني في الأوسط ، و في التفسير ذكره الطبري ، و القرطبي و الواجدي في أسباب النزول ، و تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي و أحكام القرآن للجصاص ، و ابن كثير في التفسير و . .
- 15. رواه ابن المغازلي في المناقب ، و الكشفي الترمذي في المناقب .
- 16. القران الكريم : سورة الصافات ( 37 ) ، الآية : 24 ، الصفحة : 446 .
- 17. أخرجه الديلمي ، و ابن حجر في الصواعق المحرقة .
- 18. القران الكريم : سورة الزخرف ( 43 ) ، الآية : 45 ، الصفحة : 492 .
- 19. رواه الحاكم ، و الخوارزمي و ذكر في كنز العمال .
- 20. القران الكريم : سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 3 ، الصفحة : 107 .
- 21. الدر المنثور ، تفسير ابن كثير ، البداية والنهاية ، تذكرة الخواص ، ابن عساكر ، شواهد التنزيل .
- 22. a. b. c. d. القران الكريم : سورة الأحزاب ( 33 ) ، الآية : 33 ، الصفحة : 422 .
- 23. a. b. c. القران الكريم : سورة الشورى ( 42 ) ، الآية : 23 ، الصفحة : 486 .
- 24. القران الكريم : سورة الأحزاب ( 33 ) ، الآية : 56 ، الصفحة : 426 .
- 25. المصدر : كتاب لقد شيعني الحسين ( عليه السلام ) الانتقال الصعب في المذهب و المعتقد لإدريس الحسيني : 359 ـ 380 .