عَنِ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ 1 عليه السلام أنَّهُ قَالَ: “بَيْنَا دَاوُدُ ــ عَلَى نَبِيِّنَا وَ آلِهِ وَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ــ جَالِسٌ وَ عِنْدَهُ شَابٌّ رَثُّ الْهَيْئَةِ يُكْثِرُ الْجُلُوسَ عِنْدَهُ وَ يُطِيلُ الصَّمْتَ إِذْ أَتَاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَ أَحَدَّ 2مَلَكُ الْمَوْتِ النَّظَرَ إِلَى الشَّابِ.
فَقَالَ دَاوُدُ ــ عَلَى نَبِيِّنَا وَ آلِهِ وَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ــ : نَظَرْتَ إِلَى هَذَا؟!
فَقَالَ: نَعَمْ إِنِّي أُمِرْتُ بِقَبْضِ رُوحِهِ إِلَى سَبْعَةِ أَيَّامٍ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.
فَرَحَّمَهُ دَاوُدُ، فَقَالَ: يَا شَابُّ هَلْ لَكَ امْرَأَةٌ؟
قَالَ: لَا، وَ مَا تَزَوَّجْتُ قَطُّ.
قَالَ دَاوُدُ: فَأْتِ فُلَاناً ــ رَجُلًا كَانَ عَظِيمَ الْقَدْرِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ ــ فَقُلْ لَهُ إِنَّ دَاوُدَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُزَوِّجَنِي ابْنَتَكَ وَ تُدْخِلَهَا اللَّيْلَةَ، وَ خُذْ مِنَ النَّفَقَةِ مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ، وَ كُنْ عِنْدَهَا، فَإِذَا مَضَتْ سَبْعَةُ أَيَّامٍ فَوَافِنِي فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.
فَمَضَى الشَّابُّ بِرِسَالَةِ دَاوُدَ ــ عَلَى نَبِيِّنَا وَ آلِهِ وَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ــ فَزَوَّجَهُ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ وَ أَدْخَلُوهَا عَلَيْهِ، وَ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ وَافَى دَاوُدَ يَوْمَ الثَّامِنِ.
فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ: يَا شَابُّ كَيْفَ رَأَيْتَ مَا كُنْتَ فِيهِ؟
قَالَ: مَا كُنْتُ فِي نِعْمَةٍ وَ لَا سُرُورٍ قَطُّ أَعْظَمَ مِمَّا كُنْتُ فِيهِ.
قَالَ دَاوُدُ: اجْلِسْ، فَجَلَسَ وَ دَاوُدُ يَنْتَظِرُ أَنْ يُقْبَضَ رُوحُهُ، فَلَمَّا طَالَ، قَالَ: انْصَرِفْ إِلَى مَنْزِلِكَ، فَكُنْ مَعَ أَهْلِكَ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الثَّامِنِ فَوَافِنِي هَاهُنَا.
فَمَضَى الشَّابُّ ثُمَّ وَافَاهُ يَوْمَ الثَّامِنِ وَ جَلَسَ عِنْدَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ أُسْبُوعاً آخَرَ، ثُمَّ أَتَاهُ وَ جَلَسَ، فَجَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ دَاوُدَ.
فَقَالَ دَاوُدُ ــ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ــ : أَ لَسْتَ حَدَّثْتَنِي بِأَنَّكَ أُمِرْتَ بِقَبْضِ رُوحِ هَذَا الشَّابِّ إِلَى سَبْعَةِ أَيَّامٍ؟
قَالَ: بَلَى.
فَقَالَ: قَدْ مَضَتْ ثَمَانِيَةٌ وَ ثَمَانِيَةٌ وَ ثَمَانِيَةٌ.
قَالَ: يَا دَاوُدُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَحِمَهُ بِرَحْمَتِكَ لَهُ، فَأَخَّرَ فِي أَجَلِهِ ثَلَاثِينَ سَنَةً” 3.
- 1. أي الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)، خامس أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
- 2. أي بالغ في النظر إليه.
- 3. بحار الأنوار (الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ( عليهم السلام)): 4 / 111، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي، المولود بإصفهان سنة: 1037، و المتوفى بها سنة: 1110 هجرية، طبعة مؤسسة الوفاء، بيروت/لبنان، سنة: 1414 هجرية.