نور العترة

الأئمة عليهم السلام…

نص الشبهة: 

من المعلوم أن الحسن « رضي الله عنه » هو ابن علي ، وأمه فاطمة « رضي الله عنهما » ، وهو من أهل الكساء عند الشيعة (حديث الكساء ملخصه : أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج مرة وعليه كساء من شعر أسود ، فجاء الحسن فأدخله في الكساء ، ثم جاء الحسين فأدخله ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها ، ثم جاء علي فأدخله ، ثم تلا : ﴿ … إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ أخرجه مسلم في فضائل الصحابة .) ، ومن الأئمة المعصومين ، شأنه في ذلك شأن أخيه الحسين « رضي الله عنه » ، فلماذا انقطعت الإمامة عن أولاده واستمرت في أولاد الحسين ؟!! فأبوهما واحد وأمهما واحدة ، وكلاهما سيدان ، ويزيد الحسن على الحسين بواحدة هي أنه قبله وأكبر منه سناً ، وهو بكر أبيه ؟! هل من جواب مقنع ؟!

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .
وبعد . .
فإننا نجيب بما يلي :
أولاً : إن النسب وإن كان له قيمة ، ولكنه ليس هو الميزان والمعيار في استحقاق الإمامة ، بل المعيار هو الاختيار الإلهي لصفوةٍ خلقهم ، وعلم سرائرهم ، وخَبَر حالهم ، وأهَّلهم بألطافه الغيبية لمقام النبوة ، أو الإمامة . . واختارهم من أهل بيت بعينه ، عاشوا فيه الطهارة بجميع حالاتها ومراتبها وأوضاعها ، وفي جميع مراحل حياتهم .
فإن كان لديكم اعتراض وسؤال على ذلك ، فلا يتوجه إلى الشيعة ، بل هو اعتراض على الله سبحانه . . حيث حسم الأمر في آية مباركة تقول : ﴿ … اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ … ﴾ 1 .
ثانياً : إننا نرد السؤال عليكم عن إسحاق ، وإسماعيل ، فنقول لكم : لماذا فضل الله تعالى إسماعيل على إسحاق ، فجعل من ذريته سيد الكائنات ، وأفضل الخلق محمداً « صلى الله عليه وآله » ، ولم يجعله في ذرية إسحاق ، مع أن كثيراً من الأنبياء كانوا من إسحاق باستثناء نبينا الأعظم « صلى الله عليه وآله » وآبائه « عليهم السلام » .
كما أن النبوة في ذرية يعقوب كانت في واحد من أولاده الاثني عشر ، دون سائر أولاده . . كما أن ابن نوح الذي ذكره الله عز وجل في كتابه لم يكن من أهل النجاة ، بل كان من الهالكين ، فضلاً عن أن ينال مقام النبوة أو الإمامة . . فكانت النبوة في بعض ذرية نوح دون بعض ، وكذلك الحال بالنسبة لموسى وهارون ، فإن النبوة كانت في ولد هارون لا في ولد موسى « عليه السلام » . . ألا يدل ذلك على أن الله تعالى لا يختار الأنبياء والأوصياء على أساس النسب . وإنما وفق معايير وعوامل أخرى ، قد يكون للنسب فيها بعض الأثر ، من حيث هو عامل مساعد في توفير المحيط الخالص في طهره ، والزاخر في نفحات القداسة ، والطافح بالمعاني والقيم الروحية ؟!
ثالثاً : إن نفس السؤال قد تضمن الإشارة إلى الجواب ، فقد ذكر أن الحسن والحسين كانا من أهل الكساء . .
وهذه إشارة إلى حديث الكساء الذي رواه أهل السنة بأسانيد صحيحة . . وقد جاء هذا الحديث تطبيقاً لآية التطهير : ﴿ … إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ 2 .
فإنه تضمن تطهير الخمسة : النبي ، وعلي ، وفاطمة ، والحسنين « صلوات الله وسلامه عليهم » .
ولم يدخل رقية وأم كلثوم زوجتي عثمان ، مع أن أهل السنة يقولون : إنهن أيضاً بنات رسول الله « صلى الله عليه وآله » على الحقيقة ، لا بالتربية .
ولم يدخل العباس عم النبي « صلى الله عليه وآله » ، ولا أبناءه ، ولا غيرهم من أبناء عمومة النبي « صلى الله عليه وآله » ، مع أنه أدخل علياً « عليه السلام » وهو ابن عمه ، والعم أقرب من ابن العم . إلا في صورة اجتماع ابن عم للأب والأم مع عم للأب فقط ، فإن ابن العم هنا يكون أقرب من العم .
رابعاً : قول السائل عن الإمام الحسن « عليه السلام » : « وهو من أهل الكساء عند الشيعة » يشعر بأن أهل السنة لا يرون الإمام الحسن « عليه السلام » من أهل الكساء . وهذا غير صحيح جزماً ، فهو من أهل الكساء عند السنة والشيعة على حد سواء .
خامساً : إن كبر السن وصغره لا أثر له في اختيار الإمام من ذرية هذا أو ذاك ، بل الميزان أمور أخرى تدخل في نطاق الأهلية التي يراها الله تعالى في الذرية الصالحة لمقام الإمامة ، أو النبوة .
والحمد لله ، والصلاة والسلام على محمد وآله . . 3 .

  • 1. القران الكريم: سورة الأنعام (6)، الآية: 124، الصفحة: 143.
  • 2. القران الكريم: سورة الأحزاب (33)، الآية: 33، الصفحة: 422.
  • 3. ميزان الحق (شبهات . . و ردود) ، السيد جعفر مرتضى العاملي ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الأولى ، سنة 1431 هـ ـ 2010 م ، الجزء الأول ، السؤال رقم (24) .
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى