كان أحد رؤساء عشائر الشام يُسمَّى: (جارية) وكان رجلاً قويَّاً صريح اللَّهجة، وكان يُبطِن لمُعاوية حِقداً وعداءً. فسمع مُعاوية بذلك، فأراد أنْ يحتقره أمام مَلأٍ مِن الناس، ويجعل مِن اسمه وسيلة للاستهزاء به والسُّخرية منه، وصادف أنْ التقيا في بعض المجالس، فقال له مُعاوية:
ما كان أهونك على قومك؛ أنْ سمّوك جارية؟
فقال له جارية: وما كان أهونك على قومك؛ إذ سمّوك مُعاوية، وهي الأُنثى مِن الكِلاب.
مُعاوية: اسكُت لا أُمَّ لك!
جارية: لي أُمٌّ ولدتني! أمَّا والله، إنَّ القلوب التي أبغضناك بها لبين جوانحنا، والسيوف التي قاتلناك بها لفي أيدينا، وإنَّك لم تُهلكنا قسوة ولم تملكنا عَنوة… ولكنَّك أعطيتنا عهداً وميثاقاً، وأعطيناك سَمعاً وطاعة، فإنْ وَفَيت لنا وفَينا لك، وإنْ نزعت إلى غير ذلك فإنَّا تركنا وراءنا رجالاً شِداداً وأسنَّة حِداداً.
مُعاوية: لا كثر الله في الناس مِثلك، يا جارية 1.
- 1. القَصص التربويَّة عند الشيخ محمَّد تقي فلسفي، للطيف الراشدي، دار الكتاب الاسلامي، الطبعة الاولى 2004 م .