مقالات

استثمار الحق لخدمة الباطل..!

بسم الله الرحمن الرحيم

✍🏻 زكريا بركات
٢٧ سبتمبر ٢٠١٩

كثيراً ما يقوم المخطئ بتبرير إساءته بذكر تبرير حسن، مثلاً: يقوم بعض أتباع الأديان باستعمال العنف في غير محله، ثم يبررون ذلك بأن هذا ما يستوجبه النهي عن المنكر.. والنهي عن المنكر حسن، ولكنه لا يتطلب العنف في ذلك الموقف، بل ذلك الموقف كان موقف لين ورفق، إلا أن ذلك المتمظهر بالدين يميل إلى العنف والإساءة لسوء التربية والتكوين النفسي الذي يحمله.. ومن أجل أن يستر قبح أخلاقه وسوء تربيته؛ يبرر عنفه بأنه مقتضى النهي عن المنكر..!

وكمثال آخر: يقوم الآباء بممارسة العنف مع الأطفال، العنف في الكلام، أو العنف في المعاملة، مع أن الموقف لا يتطلب العنف، ولكن ذلك الأب أو تلك الأم يحملون ميلاً نفسياً إلى العنف، ولم يمرِّنوا أنفسهم على ضبط الأعصاب والسيطرة على الغضب، فينطلقون في العنف في التعامل مع الأطفال، والعنف إساءة، ثم يحاولون أن يغلِّفوا الإساءة بغلاف جميل اسمه: التربية الصالحة..!

وهكذا يقوم الإنسان في العديد من المواقف بالإساءة في التصرف، ثم يقوم بتقديم مبررات حسنة لإساءته، لكي يبدو السيئ حسناً والقبيح جميلاً.

وهذا في الحقيقة توظيف للحق لخدمة الباطل، واستثمار للجميل لتمرير القبيح.

ومن سلبيات هذا الأسلوب أنه يجعل الآخرين يكرهون الجميل وأهله، ويتضايقون من الحق والدعاة إليه.. فالأطفال سيكرهون عبارة (التربية الصالحة) ويميلون نفسياً إلى التفلت؛ لأن التفلت هو طرف النقيض للعنوان الذي تسبب في معاناتهم في سنيِّ الطفولة..

وحين يقترن الحق والجميل (في تصورات الناس) بصورة السيئين وأهل الباطل وبذكريات الإساءات والمعاناة والألم؛ فإن النفوس ـ من حيث تشعر أو لا تشعر ـ تنفر من الحق والجميل والمعروف، وتميل ـ من حيث تشعر أو لا تشعر ـ إلى الباطل والقبيح والمنكر.

ومن هنا فإن الذين يغلِّفون الإساءة بالعناوين الحسنة، يعملون ـ ولو من حيث لا يشعرون ـ على نشر السيئات وانحسار الحسنات في المجتمع.

فعلى الإنسان أن يقرر أن يكون من المحسنين ويتجنب السوء في الفكر والعمل، ويطلب التوفيق من الله تبارك وتعالى، ثم يراقب نفسه بكل جدية وصرامة لكي يعرف متى يحسن ومتى يسيء، وعند صدور إساءة منه يتخذ قراراً واضحاً وصارماً بالاعتراف بالخطأ (بينه وبين ربه على الأقل) وعدم تبرير الخطأ وتغليفه بأي عنوان حسن.

والله ولي التوفيق.

https://chat.whatsapp.com/FBadxXLwsrl8soEwFPWSKb

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى